كانون الأول (ديسمبر) 2008
ما أروع هذا الخبر السار الذي سمعته البشرية منذ فجر المسيحية،
ولا زالت الأجيال تردّد صدى تلك الأنباء السعيدة أن الله قد افتقد وصنع فداء لشعبه حسب البشير لوقا 68:1. لقد كان البشر يعرفون الله بمختلف الصفات، فهو القدير والجبّار، وهو العادل والقوي، وربما تشجع البعض فوصفوه بالرحوم ولكن عندما جاء المسيح إلى أرضنا، وكشف لنا قلب الله المحب، استطعنا من بعده أن نقول: "الله محبة". إننا لا نصفه بالحب، ولكننا تعرّفنا به فوجدناه "المحبة" نفسها.
ففي تجسّد المسيح أتت الأخبار السارة للبشر، وهي أن خالق الأكوان بجملتها يحبنا بل يحب كل فرد منا!! وقد جاء بنفسه إلينا. هذا ما عبّر عنه أحد مفكري المسيحية الأوائل عندما قال أن الرب يسوع في تجسده، "أخذ إنسانيتنا وشفاها".
البشرية التي رزحت تحت ثقل الخطية والشر، وسارت في طريق آدم الأول، طريق عصيان الله، كانت بحاجة إلى آدم جديد، ذلك الذي يسميه الرسول بولس آدم الأخير. لذلك جاء الله بنفسه إلى أرضنا، وأدخل إلى البشرية عنصراً جديداً، بل ربط البشرية من جديد إلى شخصه المبارك في المسيح، وبذلك فتح الباب أمام كل إنسان لأن يهرب من طريق آدم الأول، ويلتصق بآدم الأخير، وبذلك يمكن لكل مؤمن أن يقول مع الرسول بولس: ”صَارَ آدَمُ، الإِنْسَانُ الأَوَّلُ، نَفْسًا حَيَّةً، وَآدَمُ الأَخِيرُ رُوحًا مُحْيِيًا. لكِنْ لَيْسَ الرُّوحَانِيُّ أَوَّلاً بَلِ الْحَيَوَانِيُّ، وَبَعْدَ ذلِكَ الرُّوحَانِيُّ. الإِنْسَانُ الأَوَّلُ مِنَ الأَرْضِ تُرَابِيٌّ. الإِنْسَانُ الثَّانِي الرَّبُّ مِنَ السَّمَاءِ. كَمَا هُوَ التُّرَابِيُّ هكَذَا التُّرَابِيُّونَ أَيْضًا، وَكَمَا هُوَ السَّمَاوِيُّ هكَذَا السَّمَاوِيُّونَ أَيْضًا. وَكَمَا لَبِسْنَا صُورَةَ التُّرَابِيِّ، سَنَلْبَسُ أَيْضًا صُورَةَ السَّمَاوِيِّ“.
هذا هو الخبر السار الذي نادت به المسيحية ولا زالت تنادي، أن الله في تجسّده قد أعلن حبه للبشر في أكمل صورة وأروع مظهر، وبذلك استطاعت النفس البشرية ولأول مرة أن تخاطب الخالق قائلة: أبانا!!