Voice of Preaching the Gospel

vopg

كانون الثاني January 2010

أبدأ هذه الرسالة بثلاث آيات من الكتاب المقدس:
"إِذًا مَنْ يَظُنُّ أَنَّهُ قَائِمٌ، فَلْيَنْظُرْ أَنْ لاَ يَسْقُطَ" (1كورنثوس 12:10). "لاَ تَشْمَتِي بِي يَا عَدُوَّتِي، إِذَا سَقَطْتُ أَقُومُ" (ميخا 8:7). "فَاذْكُرْ مِنْ أَيْنَ سَقَطْتَ وَتُبْ" (رؤيا 5:2).


ولأن الحديث عن سقطات القديسين فلا بدّ من تعريف كلمة القديسين.
من هم القديسون؟
كل إنسان آمن بأن يسوع هو ابن الله، وخُتم بروح الموعد القدوس، يُدعى قديساً.. ولذلك كتب بولس الرسول إلى المؤمنين في رومية قائلاً:
"إِلَى جَمِيعِ الْمَوْجُودِينَ فِي رُومِيَةَ، أَحِبَّاءَ اللهِ، مَدْعُوِّينَ قِدِّيسِينَ" (رومية 7:1).
وكتب للمؤمنين في فيلبي قائلاً: "بُولُسُ وَتِيمُوثَاوُسُ عَبْدَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، إِلَى جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، الَّذِينَ فِي فِيلِبِّي" (فيلبي 1:1).
اتضح إذاً أن كل من آمن بيسوع المسيح من كل قلبه، يسمّى قديساً.
ونصل الآن إلى السؤال:
هل يسقط القديسون؟!
والجواب: نعم.. القديسون معرّضون للسقوط، ويجب عليهم أن يكونوا منتبهين، وحذرين لئلا يسقطوا.
والسبب الأول وراء سقوط القديسين، هو شر طبيعة الإنسان التي ورثها من آدم، والتي يسميها بولس الرسول "الخطية الساكنة فيّ" (رومية 17:7)، "الإنسان العتيق الفاسد" (أفسس 22:4)، "الجسد الذي يشتهي ضدّ الروح" (غلاطية 17:5).
ولكي يميت المؤمن أعمال الجسد، فعليه أن يعطي للروح القدس السيادة المطلقة على حياته.
"فَإِذًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ نَحْنُ مَدْيُونُونَ لَيْسَ لِلْجَسَدِ لِنَعِيشَ حَسَبَ الْجَسَدِ. لأَنَّهُ إِنْ عِشْتُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ فَسَتَمُوتُونَ، وَلكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِالرُّوحِ تُمِيتُونَ أَعْمَالَ الْجَسَدِ فَسَتَحْيَوْنَ" (رومية 12:8-13).
وهنا ملاحظة جديرة بالاعتبار هي أن الروح القدس يميت أعمال الجسد... أما الجسد فيبقى داخلنا إلى أن نموت.
السبب الثاني وراء سقوط القديسين هو خداع الشيطان. ”وَلكِنَّنِي أَخَافُ أَنَّهُ كَمَا خَدَعَتِ الْحَيَّةُ حَوَّاءَ بِمَكْرِهَا، هكَذَا تُفْسَدُ أَذْهَانُكُمْ عَنِ الْبَسَاطَةِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ“ (2كورنثوس 3:11).
السبب الثالث وراء سقوط القديسين هو سماع مشورة المستهزئين. ”لاَ تَضِلُّوا: فَإِنَّ الْمُعَاشَرَاتِ الرَّدِيَّةَ تُفْسِدُ الأَخْلاَقَ الْجَيِّدَةَ“ (1كورنثوس 33:15).
دوائر سقوط القديسين
هناك عدة دوائر يمكن أن يسقط فيها القديسون.
1- دائرة إنكار المسيح
تعرّض للسقوط في هذه الدائرة بطرس الرسول، فعندما قال المسيح لتلاميذه "كُلُّكُمْ تَشُكُّونَ فِيَّ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ... أَجَابَ بُطْرُسُ وَقَالَ لَهُ: وَإِنْ شَكَّ فِيكَ الْجَمِيعُ فَأَنَا لاَ أَشُكُّ أَبَدًا" (متى 30:26 و33).
وعندما قبض رجال رؤساء الكهنة على يسوع، تبعه بطرس من بعيد إلى دار رئيس الكهنة، ودخل إلى داخل وجلس بين الخدام لينظر النهاية... "فَجَاءَتْ إِلَيْهِ جَارِيَةٌ قَائِلَةً: وَأَنْتَ كُنْتَ مَعَ يَسُوعَ الْجَلِيلِيِّ! فَأَنْكَرَ قُدَّامَ الْجَمِيعِ قَائِلاً:  لَسْتُ أَدْرِي مَا تَقُولِينَ! ثُمَّ إِذْ خَرَجَ إِلَى الدِّهْلِيزِ رَأَتْهُ أُخْرَى، فَقَالَتْ لِلَّذِينَ هُنَاكَ: وَهذَا كَانَ مَعَ يَسُوعَ النَّاصِرِيِّ! فَأَنْكَرَ أَيْضًا بِقَسَمٍ: إِنِّي لَسْتُ أَعْرِفُ الرَّجُلَ! وَبَعْدَ قَلِيل جَاءَ الْقِيَامُ وَقَالُوا لِبُطْرُسَ: حَقًّا أَنْتَ أَيْضًا مِنْهُمْ، فَإِنَّ لُغَتَكَ تُظْهِرُكَ! فَابْتَدَأَ حِينَئِذٍ يَلْعَنُ وَيَحْلِفُ: إِنِّي لاَ أَعْرِفُ الرَّجُلَ! وَلِلْوَقْتِ صَاحَ الدِّيكُ" (متى 69:26-74).
أنكر بطرس يسوع... وإذا اتكل المؤمن على ذاته، ولم يثق ثقة كاملة في حماية الرب له، فقد يسقط في خطية إنكار المسيح في لحظة خوف.
2- دائرة محبة المال
المال إله يتعبّد في هيكله الكثيرون... والمؤمن إن لم يحترس فقد يسقط في شباك محبة المال.
في سفر أعمال الرسل نجد اثنين من المؤمنين، حنانيا وزوجته سفيرة؛ هذان أسقطهما الشيطان في شباك محبة المال. ونقرأ عنهما الكلمات:
"وَرَجُلٌ اسْمُهُ حَنَانِيَّا، وَامْرَأَتُهُ سَفِّيرَةُ، بَاعَ مُلْكًا... وَاخْتَلَسَ مِنَ الثَّمَنِ، وَامْرَأَتُهُ لَهَا خَبَرُ ذلِكَ، وَأَتَى بِجُزْءٍ وَوَضَعَهُ عِنْدَ أَرْجُلِ الرُّسُلِ" (أعمال 1:5 و12).
أراد حنانيا وسفيرة أن يخدعا الكنيسة في أورشليم، فأعطيا جزءاً من ثمن الحقل الذي باعاه.. ليعيشا على حساب الكنيسة مع احتفاظهما بالجزء الأكبر من الثمن.
"فَقَالَ بُطْرُسُ: يَا حَنَانِيَّا، لِمَاذَا مَلأَ الشَّيْطَانُ قَلْبَكَ لِتَكْذِبَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ وَتَخْتَلِسَ مِنْ ثَمَنِ الْحَقْلِ؟ أَلَيْسَ وَهُوَ بَاق كَانَ يَبْقَى لَكَ؟ وَلَمَّا بِيعَ، أَلَمْ يَكُنْ فِي سُلْطَانِكَ؟ فَمَا بَالُكَ وَضَعْتَ فِي قَلْبِكَ هذَا الأَمْرَ؟ أَنْتَ لَمْ تَكْذِبْ عَلَى النَّاسِ بَلْ عَلَى اللهِ. فَلَمَّا سَمِعَ حَنَانِيَّا هذَا الْكَلاَمَ وَقَعَ وَمَاتَ. وَصَارَ خَوْفٌ عَظِيمٌ عَلَى جَمِيعِ الَّذِينَ سَمِعُوا بِذلِكَ" (أعمال 3:5-5).
وبعد ثلاث ساعات جاءت زوجته، وكان مصيرها الموت مثله.
محبة المال خطية فظيعة يسقط فيها كثيرون من القديسين، ولذلك كتب بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس محذّراً من هذه الخطية الكلمات: "لأَنَّنَا لَمْ نَدْخُلِ الْعَالَمَ بِشَيْءٍ، وَوَاضِحٌ أَنَّنَا لاَ نَقْدِرُ أَنْ نَخْرُجَ مِنْهُ بِشَيْءٍ. فَإِنْ كَانَ لَنَا قُوتٌ وَكِسْوَةٌ، فَلْنَكْتَفِ بِهِمَا. وَأَمَّا الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَكُونُوا أَغْنِيَاءَ، فَيَسْقُطُونَ فِي تَجْرِبَةٍ وَفَخٍّ وَشَهَوَاتٍ كَثِيرَةٍ غَبِيَّةٍ وَمُضِرَّةٍ، تُغَرِّقُ النَّاسَ فِي الْعَطَبِ وَالْهَلاَكِ. لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ، الَّذِي إِذِ ابْتَغَاهُ قَوْمٌ ضَلُّوا عَنِ الإِيمَانِ، وَطَعَنُوا أَنْفُسَهُمْ بِأَوْجَاعٍ كَثِيرَةٍ" (1تيموثاوس7:6-10).
ويتابع الرسول كلماته قائلاً: "وَأَمَّا أَنْتَ يَا إِنْسَانَ اللهِ فَاهْرُبْ مِنْ هذَا، وَاتْبَعِ الْبِرَّ وَالتَّقْوَى وَالإِيمَانَ وَالْمَحَبَّةَ وَالصَّبْرَ وَالْوَدَاعَةَ" (1تيموثاوس11:6).
فليحترس كل مؤمن من فخ محبة المال.
3- دائرة العلاقات الجنسية
يتعبّد الكثيرون في هذه الأيام الشريرة لإلهين: إله المال... وإله العلاقات الجنسية.
وأقصد بالعلاقات الجنسية، العلاقات التي تقوم خارج دائرة الزواج.. شباب اليوم من الجنسين لا رادع لهم...
في سنة 1960 كان الشبان والشابات الذين يعيشون معاً في بيت واحد ويمارسون الجنس خارج دائرة الزواج في الولايات المتحدة 645 شخصاً، أما الآن ونحن في سنة 2009 فالشبان والشابات الذين يعيشون معاً ويمارسون الجنس خارج دائرة الزواج فقد بلغ عددهم حوالي سبعة ملايين.
وقد تعرّض للسقوط المشين في خطية ممارسة الجنس خارج دائرة الزواج داود الملك.
داود الملك الذي قيل عنه: "الرَّجُلِ الْقَائِمِ فِي الْعُلاَ، مَسِيحِ إِلهِ يَعْقُوبَ، وَمُرَنِّمِ إِسْرَائِيلَ الْحُلْوِ" (2صموئيل 1:23)، "رَأَى مِنْ عَلَى السَّطْحِ امْرَأَةً تَسْتَحِمُّ. وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ جَمِيلَةَ الْمَنْظَرِ جِدًّا... فَأَرْسَلَ دَاوُدُ رُسُلاً وَأَخَذَهَا، فَدَخَلَتْ إِلَيْهِ، فَاضْطَجَعَ مَعَهَا... وَحَبِلَتِ الْمَرْأَةُ" (2صموئيل 2:11 و4-5).
ولكي يغطي داود جريمة الزنى، دبَّر مؤامرة لقتل زوجها أوريا الحثّي... وعاقبه الرب عقاباً مريعاً.
إن خطية الزنى من الكبائر، لذلك كتب بولس الرسول للقديسين في كورنثوس قائلاً: "اُهْرُبُوا مِنَ الزِّنَا. كُلُّ خَطِيَّةٍ يَفْعَلُهَا الإِنْسَانُ هِيَ خَارِجَةٌ عَنِ الْجَسَدِ، لكِنَّ الَّذِي يَزْنِي يُخْطِئُ إِلَى جَسَدِهِ. أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَسَدَكُمْ هُوَ هَيْكَلٌ لِلرُّوحِ الْقُدُسِ الَّذِي فِيكُمُ، الَّذِي لَكُمْ مِنَ اللهِ، وَأَنَّكُمْ لَسْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ؟ لأَنَّكُمْ قَدِ اشْتُرِيتُمْ بِثَمَنٍ. فَمَجِّدُوا اللهَ فِي أَجْسَادِكُمْ وَفِي أَرْوَاحِكُمُ الَّتِي هِيَِ للهِ" (1كورنثوس 18:6-20).
استمرت خطية زنى داود مع بثشبع، لطخة سوداء في تاريخه حتى بعد موته إذ نقرأ عنه: "لأَنَّ دَاوُدَ عَمِلَ مَا هُوَ مُسْتَقِيمٌ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ وَلَمْ يَحِدْ عَنْ شَيْءٍ مِمَّا أَوْصَاهُ بِهِ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهِ، إِلاَّ فِي قَضِيَّةِ أُورِيَّا الْحِثِّيِّ" (1ملوك 5:15).
4-  دائرة الكبرياء
وأعني بهذه الدائرة كبرياء العلم ”العلم ينفخ“ (1كورنثوس  1:8)، أو كبرياء البر الذاتي، أو كبرياء القوة.
هناك دوائر أخرى يتعرّض القديسون للسقوط فيها تلوّث حياتهم وتهدم بيوتهم منها الإدمان على مشاهدة صور الدعارة pornography على الإنترنت، وفي مجلات الجنس المكشوف.. ومنها دائرة كبرياء القوة التي وقع فيها عزيّا الملك الذي نقرأ عنه: "وَامْتَدَّ اسْمُهُ إِلَى بَعِيدٍ إِذْ عَجِبَتْ مُسَاعَدَتُهُ حَتَّى تَشَدَّدَ. وَلَمَّا تَشَدَّدَ ارْتَفَعَ قَلْبُهُ إِلَى الْهَلاَكِ وَخَانَ الرَّبَّ إِلهَهُ" (2أخبار 15:26-16).
خطوات القيام من السقوط
1- أول خطوة للقيام من السقوط هي خطوة التوبة الحقيقية
قال الرب يسوع لملاك كنيسة أفسس: "فَاذْكُرْ مِنْ أَيْنَ سَقَطْتَ وَتُبْ، وَاعْمَلِ الأَعْمَالَ الأُولَى" (رؤيا 5:2).
التوبة الحقيقية تعني ترك الطريق الشرير، وترك الأفكار الآثمة عن الله، وعن الكتاب المقدس، والعودة إلى الرب بكل القلب "اُطْلُبُوا الرَّبَّ مَا دَامَ يُوجَدُ. ادْعُوهُ وَهُوَ قَرِيبٌ. لِيَتْرُكِ الشِّرِّيرُ طَرِيقَهُ، وَرَجُلُ الإِثْمِ أَفْكَارَهُ، وَلْيَتُبْ إِلَى الرَّبِّ فَيَرْحَمَهُ، وَإِلَى إِلهِنَا لأَنَّهُ يُكْثِرُ الْغُفْرَانَ" (إشعياء6:55-7).
وحين يعود المؤمن الساقط إلى الرب فالرب يكثر له الغفران، أي يغفر كل خطاياه.
فاذكر من أين سقطت...
هل سقطت بسبب صداقات شريرة؟
هل سقطت بسبب جلوسك في مجلس المستهزئين، ووقوفك في طريق الخطاة؟
هل سقطت بسبب إهمالك الصلاة وقراءة الكتاب المقدس؟
أنت تعرف "ضربة قلبك"... فتب!
2- الخطوة الثانية للقيام من السقوط طلب رحمة الله، وطلب أن يطهرك من خطيتك
مزمور51، هو مزمور قيام الساقط من سقطته المشينة. فاقرأ هذا المزمور العظيم، واطلب من الرب ما طلبه داود: "ارحمني يا الله... امحُ معاصيّ... اغسلني كثيراً من إثمي... من خطيتي طهرني... ردّ لي بهجة خلاصك".
وبعد ذلك عد إلى الشهادة للرب كما كنت وقلْ مع داود: "يَا رَبُّ افْتَحْ شَفَتَيَّ، فَيُخْبِرَ فَمِي بِتَسْبِيحِكَ... فَأُعَلِّمَ الأَثَمَةَ طُرُقَكَ، وَالْخُطَاةُ إِلَيْكَ يَرْجِعُونَ".
3- وهناك الخطوة الثالثة وهي الخطوة التي تحميك من السقوط
هي الخطوة التي اتخذها يوسف، حين حاولت امرأة فوطيفار إغراءه ليزني معها... إذ قال لها: "كَيْفَ أَصْنَعُ هذَا الشَّرَّ الْعَظِيمَ وَأُخْطِئُ إِلَى اللهِ؟" (تكوين 9:39).
فإن وضعت الله بينك وبين الخطية أياً كان نوعها، فالنصرة لك. فالله تبارك اسمه هو وحده الحماية من السقوط، وهذا وعده الصادق: "وَأَنَا، يَقُولُ الرَّبُّ، أَكُونُ لَهَا سُورَ نَارٍ مِنْ حَوْلِهَا، وَأَكُونُ مَجْدًا فِي وَسَطِهَا" (زكريا 5:2).
فقم أيها القديس الساقط من سقطتك واهتف قائلاً:
"لاَ تَشْمَتِي بِي يَا عَدُوَّتِي، إِذَا سَقَطْتُ أَقُومُ. إِذَا جَلَسْتُ فِي الظُّلْمَةِ فَالرَّبُّ نُورٌ لِي" (ميخا 8:7).

 

أبدأ هذه الرسالة بثلاث آيات من الكتاب المقدس:

"إِذًا مَنْ يَظُنُّ أَنَّهُ قَائِمٌ، فَلْيَنْظُرْ أَنْ لاَ يَسْقُطَ" (1كورنثوس 12:10). "لاَ تَشْمَتِي بِي يَا عَدُوَّتِي، إِذَا سَقَطْتُ أَقُومُ" (ميخا 8:7). "فَاذْكُرْ مِنْ أَيْنَ سَقَطْتَ وَتُبْ" (رؤيا 5:2).

ولأن الحديث عن سقطات القديسين فلا بدّ من تعريف كلمة القديسين.

من هم القديسون؟

كل إنسان آمن بأن يسوع هو ابن الله، وخُتم بروح الموعد القدوس، يُدعى قديساً.. ولذلك كتب بولس الرسول إلى المؤمنين في رومية قائلاً:

"إِلَى جَمِيعِ الْمَوْجُودِينَ فِي رُومِيَةَ، أَحِبَّاءَ اللهِ، مَدْعُوِّينَ قِدِّيسِينَ" (رومية 7:1).

وكتب للمؤمنين في فيلبي قائلاً: "بُولُسُ وَتِيمُوثَاوُسُ عَبْدَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، إِلَى جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، الَّذِينَ فِي فِيلِبِّي" (فيلبي 1:1).

اتضح إذاً أن كل من آمن بيسوع المسيح من كل قلبه، يسمّى قديساً.

ونصل الآن إلى السؤال:

هل يسقط القديسون؟!

والجواب: نعم.. القديسون معرّضون للسقوط، ويجب عليهم أن يكونوا منتبهين، وحذرين لئلا يسقطوا.

والسبب الأول وراء سقوط القديسين، هو شر طبيعة الإنسان التي ورثها من آدم، والتي يسميها بولس الرسول "الخطية الساكنة فيّ" (رومية 17:7)، "الإنسان العتيق الفاسد" (أفسس 22:4)، "الجسد الذي يشتهي ضدّ الروح" (غلاطية 17:5).

ولكي يميت المؤمن أعمال الجسد، فعليه أن يعطي للروح القدس السيادة المطلقة على حياته.

"فَإِذًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ نَحْنُ مَدْيُونُونَ لَيْسَ لِلْجَسَدِ لِنَعِيشَ حَسَبَ الْجَسَدِ. لأَنَّهُ إِنْ عِشْتُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ فَسَتَمُوتُونَ، وَلكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِالرُّوحِ تُمِيتُونَ أَعْمَالَ الْجَسَدِ فَسَتَحْيَوْنَ" (رومية 12:8-13).

وهنا ملاحظة جديرة بالاعتبار هي أن الروح القدس يميت أعمال الجسد... أما الجسد فيبقى داخلنا إلى أن نموت.

السبب الثاني وراء سقوط القديسين هو خداع الشيطان. وَلكِنَّنِي أَخَافُ أَنَّهُ كَمَا خَدَعَتِ الْحَيَّةُ حَوَّاءَ بِمَكْرِهَا، هكَذَا تُفْسَدُ أَذْهَانُكُمْ عَنِ الْبَسَاطَةِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ“ (2كورنثوس 3:11).

السبب الثالث وراء سقوط القديسين هو سماع مشورة المستهزئين. لاَ تَضِلُّوا: فَإِنَّ الْمُعَاشَرَاتِ الرَّدِيَّةَ تُفْسِدُ الأَخْلاَقَ الْجَيِّدَةَ“ (1كورنثوس 33:15).

دوائر سقوط القديسين

هناك عدة دوائر يمكن أن يسقط فيها القديسون.

1- دائرة إنكار المسيح

تعرّض للسقوط في هذه الدائرة بطرس الرسول، فعندما قال المسيح لتلاميذه "كُلُّكُمْ تَشُكُّونَ فِيَّ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ... أَجَابَ بُطْرُسُ وَقَالَ لَهُ: وَإِنْ شَكَّ فِيكَ الْجَمِيعُ فَأَنَا لاَ أَشُكُّ أَبَدًا" (متى 30:26 و33).

وعندما قبض رجال رؤساء الكهنة على يسوع، تبعه بطرس من بعيد إلى دار رئيس الكهنة، ودخل إلى داخل وجلس بين الخدام لينظر النهاية... "فَجَاءَتْ إِلَيْهِ جَارِيَةٌ قَائِلَةً: وَأَنْتَ كُنْتَ مَعَ يَسُوعَ الْجَلِيلِيِّ! فَأَنْكَرَ قُدَّامَ الْجَمِيعِ قَائِلاً:  لَسْتُ أَدْرِي مَا تَقُولِينَ! ثُمَّ إِذْ خَرَجَ إِلَى الدِّهْلِيزِ رَأَتْهُ أُخْرَى، فَقَالَتْ لِلَّذِينَ هُنَاكَ: وَهذَا كَانَ مَعَ يَسُوعَ النَّاصِرِيِّ! فَأَنْكَرَ أَيْضًا بِقَسَمٍ: إِنِّي لَسْتُ أَعْرِفُ الرَّجُلَ! وَبَعْدَ قَلِيل جَاءَ الْقِيَامُ وَقَالُوا لِبُطْرُسَ: حَقًّا أَنْتَ أَيْضًا مِنْهُمْ، فَإِنَّ لُغَتَكَ تُظْهِرُكَ! فَابْتَدَأَ حِينَئِذٍ يَلْعَنُ وَيَحْلِفُ: إِنِّي لاَ أَعْرِفُ الرَّجُلَ! وَلِلْوَقْتِ صَاحَ الدِّيكُ" (متى 69:26-74).

أنكر بطرس يسوع... وإذا اتكل المؤمن على ذاته، ولم يثق ثقة كاملة في حماية الرب له، فقد يسقط في خطية إنكار المسيح في لحظة خوف.

2- دائرة محبة المال

المال إله يتعبّد في هيكله الكثيرون... والمؤمن إن لم يحترس فقد يسقط في شباك محبة المال.

في سفر أعمال الرسل نجد اثنين من المؤمنين، حنانيا وزوجته سفيرة؛ هذان أسقطهما الشيطان في شباك محبة المال. ونقرأ عنهما الكلمات:

"وَرَجُلٌ اسْمُهُ حَنَانِيَّا، وَامْرَأَتُهُ سَفِّيرَةُ، بَاعَ مُلْكًا... وَاخْتَلَسَ مِنَ الثَّمَنِ، وَامْرَأَتُهُ لَهَا خَبَرُ ذلِكَ، وَأَتَى بِجُزْءٍ وَوَضَعَهُ عِنْدَ أَرْجُلِ الرُّسُلِ" (أعمال 1:5 و12).

أراد حنانيا وسفيرة أن يخدعا الكنيسة في أورشليم، فأعطيا جزءاً من ثمن الحقل الذي باعاه.. ليعيشا على حساب الكنيسة مع احتفاظهما بالجزء الأكبر من الثمن.

"فَقَالَ بُطْرُسُ: يَا حَنَانِيَّا، لِمَاذَا مَلأَ الشَّيْطَانُ قَلْبَكَ لِتَكْذِبَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ وَتَخْتَلِسَ مِنْ ثَمَنِ الْحَقْلِ؟ أَلَيْسَ وَهُوَ بَاق كَانَ يَبْقَى لَكَ؟ وَلَمَّا بِيعَ، أَلَمْ يَكُنْ فِي سُلْطَانِكَ؟ فَمَا بَالُكَ وَضَعْتَ فِي قَلْبِكَ هذَا الأَمْرَ؟ أَنْتَ لَمْ تَكْذِبْ عَلَى النَّاسِ بَلْ عَلَى اللهِ. فَلَمَّا سَمِعَ حَنَانِيَّا هذَا الْكَلاَمَ وَقَعَ وَمَاتَ. وَصَارَ خَوْفٌ عَظِيمٌ عَلَى جَمِيعِ الَّذِينَ سَمِعُوا بِذلِكَ" (أعمال 3:5-5).

وبعد ثلاث ساعات جاءت زوجته، وكان مصيرها الموت مثله.

محبة المال خطية فظيعة يسقط فيها كثيرون من القديسين، ولذلك كتب بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس محذّراً من هذه الخطية الكلمات: "لأَنَّنَا لَمْ نَدْخُلِ الْعَالَمَ بِشَيْءٍ، وَوَاضِحٌ أَنَّنَا لاَ نَقْدِرُ أَنْ نَخْرُجَ مِنْهُ بِشَيْءٍ. فَإِنْ كَانَ لَنَا قُوتٌ وَكِسْوَةٌ، فَلْنَكْتَفِ بِهِمَا. وَأَمَّا الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَكُونُوا أَغْنِيَاءَ، فَيَسْقُطُونَ فِي تَجْرِبَةٍ وَفَخٍّ وَشَهَوَاتٍ كَثِيرَةٍ غَبِيَّةٍ وَمُضِرَّةٍ، تُغَرِّقُ النَّاسَ فِي الْعَطَبِ وَالْهَلاَكِ. لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ، الَّذِي إِذِ ابْتَغَاهُ قَوْمٌ ضَلُّوا عَنِ الإِيمَانِ، وَطَعَنُوا أَنْفُسَهُمْ بِأَوْجَاعٍ كَثِيرَةٍ" (1تيموثاوس7:6-10).

ويتابع الرسول كلماته قائلاً: "وَأَمَّا أَنْتَ يَا إِنْسَانَ اللهِ فَاهْرُبْ مِنْ هذَا، وَاتْبَعِ الْبِرَّ وَالتَّقْوَى وَالإِيمَانَ وَالْمَحَبَّةَ وَالصَّبْرَ وَالْوَدَاعَةَ" (1تيموثاوس11:6).

فليحترس كل مؤمن من فخ محبة المال.

3- دائرة العلاقات الجنسية

يتعبّد الكثيرون في هذه الأيام الشريرة لإلهين: إله المال... وإله العلاقات الجنسية.

وأقصد بالعلاقات الجنسية، العلاقات التي تقوم خارج دائرة الزواج.. شباب اليوم من الجنسين لا رادع لهم...

في سنة 1960 كان الشبان والشابات الذين يعيشون معاً في بيت واحد ويمارسون الجنس خارج دائرة الزواج في الولايات المتحدة 645 شخصاً، أما الآن ونحن في سنة 2009 فالشبان والشابات الذين يعيشون معاً ويمارسون الجنس خارج دائرة الزواج فقد بلغ عددهم حوالي سبعة ملايين.

وقد تعرّض للسقوط المشين في خطية ممارسة الجنس خارج دائرة الزواج داود الملك.

داود الملك الذي قيل عنه: "الرَّجُلِ الْقَائِمِ فِي الْعُلاَ، مَسِيحِ إِلهِ يَعْقُوبَ، وَمُرَنِّمِ إِسْرَائِيلَ الْحُلْوِ" (2صموئيل 1:23)، "رَأَى مِنْ عَلَى السَّطْحِ امْرَأَةً تَسْتَحِمُّ. وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ جَمِيلَةَ الْمَنْظَرِ جِدًّا... فَأَرْسَلَ دَاوُدُ رُسُلاً وَأَخَذَهَا، فَدَخَلَتْ إِلَيْهِ، فَاضْطَجَعَ مَعَهَا... وَحَبِلَتِ الْمَرْأَةُ" (2صموئيل 2:11 و4-5).

ولكي يغطي داود جريمة الزنى، دبَّر مؤامرة لقتل زوجها أوريا الحثّي... وعاقبه الرب عقاباً مريعاً.

إن خطية الزنى من الكبائر، لذلك كتب بولس الرسول للقديسين في كورنثوس قائلاً: "اُهْرُبُوا مِنَ الزِّنَا. كُلُّ خَطِيَّةٍ يَفْعَلُهَا الإِنْسَانُ هِيَ خَارِجَةٌ عَنِ الْجَسَدِ، لكِنَّ الَّذِي يَزْنِي يُخْطِئُ إِلَى جَسَدِهِ. أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَسَدَكُمْ هُوَ هَيْكَلٌ لِلرُّوحِ الْقُدُسِ الَّذِي فِيكُمُ، الَّذِي لَكُمْ مِنَ اللهِ، وَأَنَّكُمْ لَسْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ؟ لأَنَّكُمْ قَدِ اشْتُرِيتُمْ بِثَمَنٍ. فَمَجِّدُوا اللهَ فِي أَجْسَادِكُمْ وَفِي أَرْوَاحِكُمُ الَّتِي هِيَِ للهِ" (1كورنثوس 18:6-20).

استمرت خطية زنى داود مع بثشبع، لطخة سوداء في تاريخه حتى بعد موته إذ نقرأ عنه: "لأَنَّ دَاوُدَ عَمِلَ مَا هُوَ مُسْتَقِيمٌ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ وَلَمْ يَحِدْ عَنْ شَيْءٍ مِمَّا أَوْصَاهُ بِهِ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهِ، إِلاَّ فِي قَضِيَّةِ أُورِيَّا الْحِثِّيِّ" (1ملوك 5:15).

4-  دائرة الكبرياء

وأعني بهذه الدائرة كبرياء العلم ”العلم ينفخ“ (1كورنثوس  1:8)، أو كبرياء البر الذاتي، أو كبرياء القوة.

هناك دوائر أخرى يتعرّض القديسون للسقوط فيها تلوّث حياتهم وتهدم بيوتهم منها الإدمان على مشاهدة صور الدعارة pornography على الإنترنت، وفي مجلات الجنس المكشوف.. ومنها دائرة كبرياء القوة التي وقع فيها عزيّا الملك الذي نقرأ عنه: "وَامْتَدَّ اسْمُهُ إِلَى بَعِيدٍ إِذْ عَجِبَتْ مُسَاعَدَتُهُ حَتَّى تَشَدَّدَ. وَلَمَّا تَشَدَّدَ ارْتَفَعَ قَلْبُهُ إِلَى الْهَلاَكِ وَخَانَ الرَّبَّ إِلهَهُ" (2أخبار 15:26-16).

خطوات القيام من السقوط

1- أول خطوة للقيام من السقوط هي خطوة التوبة الحقيقية

قال الرب يسوع لملاك كنيسة أفسس: "فَاذْكُرْ مِنْ أَيْنَ سَقَطْتَ وَتُبْ، وَاعْمَلِ الأَعْمَالَ الأُولَى" (رؤيا 5:2).

التوبة الحقيقية تعني ترك الطريق الشرير، وترك الأفكار الآثمة عن الله، وعن الكتاب المقدس، والعودة إلى الرب بكل القلب "اُطْلُبُوا الرَّبَّ مَا دَامَ يُوجَدُ. ادْعُوهُ وَهُوَ قَرِيبٌ. لِيَتْرُكِ الشِّرِّيرُ طَرِيقَهُ، وَرَجُلُ الإِثْمِ أَفْكَارَهُ، وَلْيَتُبْ إِلَى الرَّبِّ فَيَرْحَمَهُ، وَإِلَى إِلهِنَا لأَنَّهُ يُكْثِرُ الْغُفْرَانَ" (إشعياء6:55-7).

وحين يعود المؤمن الساقط إلى الرب فالرب يكثر له الغفران، أي يغفر كل خطاياه.

فاذكر من أين سقطت...

هل سقطت بسبب صداقات شريرة؟

هل سقطت بسبب جلوسك في مجلس المستهزئين، ووقوفك في طريق الخطاة؟

هل سقطت بسبب إهمالك الصلاة وقراءة الكتاب المقدس؟

أنت تعرف "ضربة قلبك"... فتب!

2- الخطوة الثانية للقيام من السقوط طلب رحمة الله، وطلب أن يطهرك من خطيتك

مزمور51، هو مزمور قيام الساقط من سقطته المشينة. فاقرأ هذا المزمور العظيم، واطلب من الرب ما طلبه داود: "ارحمني يا الله... امحُ معاصيّ... اغسلني كثيراً من إثمي... من خطيتي طهرني... ردّ لي بهجة خلاصك".

وبعد ذلك عد إلى الشهادة للرب كما كنت وقلْ مع داود: "يَا رَبُّ افْتَحْ شَفَتَيَّ، فَيُخْبِرَ فَمِي بِتَسْبِيحِكَ... فَأُعَلِّمَ الأَثَمَةَ طُرُقَكَ، وَالْخُطَاةُ إِلَيْكَ يَرْجِعُونَ".

3- وهناك الخطوة الثالثة وهي الخطوة التي تحميك من السقوط

هي الخطوة التي اتخذها يوسف، حين حاولت امرأة فوطيفار إغراءه ليزني معها... إذ قال لها: "كَيْفَ أَصْنَعُ هذَا الشَّرَّ الْعَظِيمَ وَأُخْطِئُ إِلَى اللهِ؟" (تكوين 9:39).

فإن وضعت الله بينك وبين الخطية أياً كان نوعها، فالنصرة لك. فالله تبارك اسمه هو وحده الحماية من السقوط، وهذا وعده الصادق: "وَأَنَا، يَقُولُ الرَّبُّ، أَكُونُ لَهَا سُورَ نَارٍ مِنْ حَوْلِهَا، وَأَكُونُ مَجْدًا فِي وَسَطِهَا" (زكريا 5:2).

فقم أيها القديس الساقط من سقطتك واهتف قائلاً:

"لاَ تَشْمَتِي بِي يَا عَدُوَّتِي، إِذَا سَقَطْتُ أَقُومُ. إِذَا جَلَسْتُ فِي الظُّلْمَةِ فَالرَّبُّ نُورٌ لِي" (ميخا 8:7).

المجموعة: 201001

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

591 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10474114