حزيران June 2010
هل يرتبط نجاح الزواج بفترة صلاحية معينة؟
متى يتدفق الحب الحقيقي في القلب؟
الزواج = الإخلاص دائماً.
الحوار من أسرار السعادة الزوجية.
تشير الإحصائيات إلى ارتفاع نسبة الطلاق في العالم. وإن كان هناك من الأزواج والزوجات من يلجأ إلى التعايش السلمي بدلاً من الطلاق
لاعتبارات كثيرة منها مصلحة الأبناء، أو الخسارة المادية، أو غيرها من الأسباب - فإن معدّل فشل الزواج في تزايد مستمرّ. ويعتقد البعض أن للزواج فترة صلاحية معينة قد تطول أو تقصر.
ولكن هذا كله لا ينفي وجود زيجات ناجحة من حولنا تتسم بالاستقرار، وترفرف عليها السعادة، ويسودها الحب. فما الطريق إذاً إلى الزواج الناجح الذي يظلّ فيه الحب مزدهراً مدى الحياة؟
الحب التزام إرادي
ليس المقصود بالحب في الزواج المشاعر الرومانسية الملتهبة فحسب، وإنما الحب هو التزام إرادي بتقديم الاهتمام والخير والغفران لشريك الحياة، وكذلك الشعور بمشاعره، والتجاوب مع احتياجه، وتفهّم نقاط ضعفه، وتشجيعه نحو الأفضل دائماً.
فإذا وفى كل من الزوجين بهذا الالتزام الإرادي نحو شريك حياته، عمّت السعادة وازدهر الحب.
"المحبة تتأنى وترفق. المحبة لا تحسد. المحبة لا تتفاخر، ولا تنتفخ، ولا تقبّح، ولا تطلب ما لنفسها، ولا تحتدّ، ولا تظن السوء، ولا تفرح بالإثم بل تفرح بالحق، وتحتمل كل شيء، وتصدّق كل شيء، وترجو كل شيء، وتصبر على كل شيء. المحبة لا تسقط أبداً" (1كورنثوس 4:13-8).
نبع الحب
والبشر - كل البشر - لا يستطيعون أن يقدموا من ذواتهم حباً حقيقياً للآخر، ذلك لأننا جميعاً فقراء إلى هذا الحب! نحتاج أولاً أن نرتوي من نبع الحب الإلهي عندما تتواصل أرواحنا مع الله خالقنا الذي يحبنا، وعندئذ يتدفّق في القلب حب حقيقيّ يشبع النفس ويفيض على الآخرين، وأولهم شريك العمر.
ولذلك ينجح الزواج ويسعد طرفاه إذا أحبّ كل منهما الله من كل القلب والنفس والقدرة ولجأ إلى معونته ورحمته دائماً.
"أيها الأحباء، لنحب بعضنا بعضاً، لأن المحبة هي من الله، وكل من يحبّ فقد وُلد من الله ويعرف الله. ومن لا يحب لم يعرف الله، لأن الله محبة" (1يوحنا 7:4-8).
الزواج = الإخلاص
العلاقات العابرة في حياتنا اليومية كثيراً ما ترسّب في أعماقنا الشعور بأننا لسنا ذوي قيمة في أنفسنا، أو أننا موجودون فقط للاستهلاك اليومي ثم يُلقى بنا بعد ذلك في سلال المهملات.
ولكن الزواج من العلاقات الوطيدة التي يجب أن تستمرّ وتزدهر طوال الحياة، بفضل إخلاص كل من طرفيه للآخر في مختلف ظروف الحياة.
والمحبة الزوجية المخلصة بين الزوجين هي رمز لمحبة الله لنا ورحمته بنا نحن البشر.
فمحبة الله ثابتة لا تتأثر بخطايانا، ولا تهتزّ أمام ضعفاتنا، ولا تزول بتقصيراتنا. ذلك لأنه يرى في كل منا شخصاً له قيمة وأهمية وكرامة، ويحبّه كما هو.
الزواج للناضجين فقط
الزواج مسؤولية يتعهّدها الزوجان بالرعاية والاهتمام طوال الحياة، مهما اعترضهما من مشكلات.
ولذلك ينبغي ألا يُقبل على الزواج كل من لا يزال يصارع في أمر استقلال ذاته، والبحث عن هويته. فالزواج للناضجين فقط الذين يتحمّلون مسؤولياتهم في الحياة وكذلك نتائج اختياراتهم.
الزواج علاقة أساسها الاحترام
الزواج علاقة راقية يجب أن يسودها التقدير والاحترام؛ فلا يستبدّ أحد الزوجين بالآخر، أو يقسو عليه. فلكل من الرجل والمرأة كرامته وقيمته وأهميته ودوره في الحياة. إذ ليست المرأة أفضل من الرجل، ولا الرجل أعلى شأناً من المرأة.
ولكي ينجح الزواج ينبغي أن ينظر كل طرف فيه إلى شريك حياته بتقدير واحترام، ويخضع كل منهما للآخر بحب وتفهّم، ويؤدي كل منهما دوره برضى وعن قناعة، ويبادر كل منهما لرفع المعاناة عن الآخر في وداعة وتواضع.
الزواج أساس العائلة
الزواج جزء من نظام الخليقة، فلقد خلق الله الإنسان ذكراً وأنثى، وشرّع الزواج لتسكن النفوس إلى بعضها في مودة ورحمة ليصبح الزواج أساس العائلة.
وكلنا يعلم أنه إذا كان الزواج ناجحاً ومستقراً، انعكست إيجابياته على استقرار العائلة وسعادة الأبناء، والعكس صحيح. وهنا يشير المتخصّصون بضرورة ألاّ يطغى انشغال الزوجين بالأبناء ورعاية سائر الأمور العائلية، على الاهتمام بتطوير علاقتهما الزوجية ودعم ازدهارها دائماً بالحب والتفهّم.
الزواج اتحاد طوال العمر
الزواج ليس ارتباطاً بين رجل وامرأة لفترة صلاحية معينة، وإنما هو اتحاد بين رجل واحد وامرأة واحدة طوال العمر، أي حتى يفرّق بينهما الموت.
وفي إطار هذا الاتحاد يعطي كل منهما للآخر نفسه ويندمج فيه، ولا يفقد في الوقت نفسه هويته وشخصيته.
والزواج مشاركة بين شريكي الحياة في جميع أوجه الحياة بلا خوف من الآخر، ولا رفض له، وإنما في التزام بالاتحاد به في حب وتفاهم مدى الحياة.
ومن المفيد أن يدرك الزوجان معاً أوجه الحياة المختلفة التي يمكن أن يتشاركا فيها بالرأي والحوار، لإثراء حياتهما معاً حتى لا يتسرّب الملل إلى زواجهما، وإنما يرتادان معاً دائماً أعماقاً جديدة في اتحاد وحبّ.