Voice of Preaching the Gospel

vopg

تموز July 2010

سألت مرة قسيساً: "أسمعكم ترددون دائماً في أحاديثكم عبارة ”ابن الله“. فهل من المعقول أن يكون للرحمن ولد؟"

ابتسم القسيس ونظر إليّ قائلاً: "نحن معشر المسيحيين نؤمن بأن الله لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد". فسرني هذا الجواب وقلت:

"بارك الله فيك. إنك بالفعل تختلف عن المسيحيين الآخرين". لكنه أضاف موضحاً: "أنا لا أختلف عن المسيحيين الآخرين. فالمسيحيون يؤمنون بأن المسيح هو ابن الله. لكنهم يعرفون أن كلمة الابن هي كلمة مجازية روحية وليست جسدية كما يفهمها البعض. فكلمة ابن الله لا شأن لها بالولادة الطبيعية، لأنه "بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِِ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ".

 

ثم أضاف قائلاً: نحن نقول عن الشخص المصري بأنه ابن النيل، لكن هذا لا يعني بأن النيل قد تزوج وأنجب ولداً، بل يعني بأن هذا الشاب يحمل صفات أهل النيل. وعندما نقول عن الرجل البدوي أنه ابن الصحراء فهذا لا يعني أن الصحراء قد أنجبت ابناً بل يعني بأن البدوي يحمل صفات أهل الصحراء. وعندما نقول عن المسيح بأنه ابن الله، فهذا يعني أنه يحمل صفات الله. ربما تسأل: هل يعتقد المسيحيون بأن إنساناً يمكن أن يصبح إلهاً؟ والجواب: حاشا وكلاّ للإنسان أن يصبح إلهاً. ولكن إن أراد الله أن يُظهر نفسه بشراً سويّاً في جسم إنسان فهو الله القادر على كل شيء.

يقول المسيح للمرأة السامرية بأن "الله روح"، والروح لا يُرى ولا يُلمس، لذلك أراد الله الذي هو روح أن يُعلن نفسه فأعلن لنا نفسه في المسيح. فالمسيح إذاً هو إعلان الله لنا.

يكتب لنا يوحنا الرسول بأن "الله لم يره أحد قط. الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبّر"، وبولس الرسول يكتب لنا ويقول: "إن الله كان في المسيح مصالحاً العالم لنفسه غير حاسب لهم خطاياهم" (2كورنثوس 19:5).

ويوحنا الرسول يعلن لنا إعلاناً واضحاً وصريحاً إذ يقول: "في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله... والكلمة صار جسداً وحلَّ بيننا" (يوحنا 1:1، 14).

نصوص التوراة عن ابن الله

إن عبارة ”ابن الله“ ليست من اختراع بشر، وليست هي من تعليم العهد الجديد فقط، بل ورد ذكرها في العهد القديم أيضاً، وإليك النصوص التالية:

في سفر المزامير الاصحاح الثاني والعدد الثامن يقول الله: "إني أخبر من جهة قضاء الرب. أنت ابني. أنا اليوم ولدتك". والمقصود من قوله: "أنت ابني" أي أنت ابني منذ الأزل. ثم يضيف إلى ذلك بقوله في العدد الثاني عشر: "قبّلوا الابن لئلاّ يغضب فتبيدوا من الطريق... طوبى لجميع المتكلين عليه". وبما أن حرف الهاء في كلمة ”عليه“ تعود إلى الابن فتكون الجملة "طوبى لجميع المتكلين على الابن". ثم في سفر الأمثال يسأل النبي "أجور" ابن متقية مسَّا أربعة أسئلة ومن بينها السؤال عن الله فيقول: "ما اسمه وما اسم ابنه إن عرفت؟" (أمثال 4:30). ثم إشعياء النبي يعلن عن صفات هذا الابن الفريد بقوله: "لأنه يولد لنا ولد ونُعطى ابناً وتكون الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيباً مشيراً إلهاً قديراً أباً أبدياً رئيس السلام" (إشعياء 6:9) .

نصوص الإنجيل عن ابن الله

لقد كانت أمنية الناس أن يروا الله وجهاً لوجه. فيسأل موسى النبي الله قائلاً: "أرني مجدك". فقال له الله: "لا تقدر أن ترى وجهي لأن الإنسان لا يراني ويعيش" (خروج 20:33). وفيلبس يسأل المسيح: "يا سيّد أَرِنا الآب وكفانا". فقال له المسيح: "أنا معكم زماناً هذه مدته ولم تعرفني يا فيلبس؟ الذي رآني فقد رأى الآب... أني في الآب والآب فيّ" (يوحنا 9:14 و11). من رآني فقد رأى الآب! فالابن الذي هو كلمة الله المتجسّد جاء في ملء الزمان ليخبّر ويعّبر عن كُنه الله وصفاته، وهذا ما أيّده الرسول بولس عندما كتب لنا في رسالته إلى العبرانيين: "الله بعد ما كلّم الآباء  بالأنبياء... كلّمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه" (عبرانيين 1:1). فالمسيح إذاً هو كلمة الله الذي خبّر وعبّر عن صفات الله. ثم يقول في رسالته إلى أهل كولوسي (9:2) بأن "فيه (في المسيح) يحلّ كل ملء اللاهوت جسدياً". ثم يكتب ويقول: "عظيم هو سرّ التقوى! الله ظهر في الجسد" (2تيموثاوس 16:3). وإشعياء النبي الذي تنبأ عن ولادة المسيح من العذراء المطوّبة مريم، قال: "ها العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعو اسمه عمانوئيل" (إشعياء 14:7). وكلمة ”عمانوئيل“ تعني، الله معنا... الله حلّ بيننا! لقد أراد الله أن يعلن لنا ذاته وصفاته فحلّ في المدعو "عمانوئيل" الذي تفسيره الله معنا.

في إنجيل متى 42:22 يسأل المسيح الفريسيين قائلاً: "ماذا تظنون في المسيح؟ ابن من هو؟ قالوا له: ابن داود. قال لهم: فكيف يدعوه داود بالروح رباً؟ قائلاً: قال الربُّ لربي: اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك. فإن كان داود يدعوه رباً، فكيف يكون ابنه؟ فلم يستطع أحد أن يجيبه بكلمة". غير أن يوحنا الرسول يجيب عن هذا السؤال عن لسان المسيح في سفر الرؤيا 16:22 "أنا يسوع... أنا أصل وذريّة داود. كوكب الصبح المنير". فالمسيح من جهة ناسوته هو من ذرية داود ولكن من جهة لاهوته فهو أصل داود.

 

المسيح في لاهوته وناسوته

فالمسيح إذاً يحمل صفات الله وصفات الإنسان لذلك سُمّي ابن الله وابن الإنسان. فهو ابن الله في لاهوته الأزلي وابن الإنسان في ناسوته البشري.

نعم، لقد جاع كابن الإنسان، ولكنه كابن الله أشبع الخمسة آلاف بخمسة أرغفة وسمكتين. لقد تعب كإنسان، ولكنه كابن الله قال: ”تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيليّ الأحمال وأنا أريحكم" (متى 28:11). لقد نام في مؤخرة السفينة كإنسان، وكانت الرياح تضرب السفينة حتى كادت تغرق، ولكن عندما أيقظوه قام وانتهر البحر والريح "وصار هدوء عظيم..."، فخاف التلاميذ "وقالوا بعضهم لبعض من هو هذا؟ فإن الريح أيضاً والبحر يطيعانه" (مرقس 41:4) .

 

فرادة المسيح

هل سألت نفسك: لماذا المسيح وحده دون سواه يختلف عن سائر البشر؟

فهو الفريد في ولادته العذراوية، وأعماله المعجزية، وحياته القدسية، وذبيحته الكفارية، وقيامته التبريرية، وتتميمه للكتب النبوية.

لقد تنبأ إشعياء النبي عن موت المسيح النيابي قبل حدوثه بسبعمائة سنة بقوله: "لكن أحزاننا حملها، وأوجاعنا تحمّلها. ونحن حسبناه مصاباً مضروباً من الله ومذلولاً. وهو مجروح لأجل معاصينا، مسحوق لأجل آثامنا... كلنا كغنم ضللنا. ملنا كل واحد إلى طريقه، والرب وضع عليه إثم جميعنا. ظُلم أما هو فتذلل ولم يفتح فاه. كشاةٍ تساق إلى الذبح، وكنعجة صامتة أمام جازّيها فلم يفتح فاه... أنه ضُرب من أجل ذنب شعبي. وجُعل مع الأشرار قبره، ومع غنيٍّ عند موته. على أنه لم يعمل ظلماً ولم يكن في فمه غشّ.

أما الرب فسُرّ بأن يسحقه بالحزن. إن جعل نفسه ذبيحة إثم... أنه سكب للموت نفسه وأُحصي مع أثمة، وهو حمل خطية كثيرين وشفع في المذنبين" (إشعياء 5:53-12).

ثم في المزمور الثاني والعشرين يتنبأ داود النبي عن صلب المسيح قبل حادثة الصلب بألف سنة بقوله: "ثقبوا يديّ ورجليّ. أُحصي كل عظامي. وهم ينظرون ويتفرّسون فيّ، يقسمون ثيابي بينهم وعلى لباسي يقترعون" (مزمور 16:22-18) .

 لقد تجسد الابن الأزلي لكي يموت على الصليب ويدفع أجرة الخطية عن الجنس البشري. لأنه كما بمعصية الإنسان الواحد (آدم) جُعل الكثيرون خطاة. هكذا بإطاعة الواحد (المسيح) سيُجعل الكثيرون أبراراً. لأنه كما في آدم أخطأ الجميع وأهين الله، هكذا في المسيح وفي موته النيابي استوفت العدالة الإلهية حقها وتمجّد الله.

 

الإنسان بحاجة إلى مخلص

وأخيراً أريد أن أوضّح بالقول بأن الله يطلب من كل إنسان أن يعمل المعروف وينهى عن المنكر. لكن الإنسان بطبيعته الساقطة يعمل المنكر وينهي عن المعروف، لذلك صار بحاجة إلى مخلص يخلّصه من خطاياه. لهذا السبب وُلد المسيح كما أعلن الملاك ليوسف قائلاً: "يا يوسف ابن داود لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك. لأن الذي حُبل به فيها هو من الروح القدس. فستلد ابناً وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم" (متى 20:1). ولرعاة بيت لحم، يظهر لهم ملاك الرب ويقول لهم: "لا تخافوا، فها أنا أبشّركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب. أنه وُلد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب" (لوقا 11:2).

هذه هي البشارة السارة التي تنبأ عنها الأنبياء وبشّر بها الرسل الأتقياء، "أن المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب، وأنه دُفن، وأنه قام في اليوم الثالث حسب الكتب"
(1كورنثوس 3:15).

فإن قبلت موته النيابي عنك خلصت وإن لم تقبله هلكت. "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كلّ من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يوحنا 16:3).

المجموعة: 201007

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

157 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10476510