تموز July 2010
طالب معظم فلاسفة المجتمع وعلمائه، عبر الأجيال والقرون، بثلاثة أشياء حيوية كحقوق أساسية للإنسان وهي الحياة والحرية وبلوغ السعادة! إنما قلة فقط، طالبت الإنسان أن يعترف بأخطائه ويصلحها.
حينما ننظر حولنا وفوقنا ، ندرك حكمة الله في إبداع الكون، ونعرف عظمة قدرته الخلاّقة التي تسيطر على الشمس والقمر والنجوم...
وتسيّرها كلها في مداراتها الصحيحة. لهذا، يليق بنا أن نشهد بأن الخالق العظيم هو حكيم في كل ما فعله، وما يفعله الآن، وما سيفعله في المستقبل... ويليق بنا أن نعترف بعظمته قائلين: "ما أعظم أعمالك يا رب... كلها بحكمة صنعت".
لكننا مع الأسف الشديد، لا نقر ولا نعترف بأخطائنا!! ربما بعضنا لا يعرف سبب ذلك، إنما غالبيتنا الساحقة ننكر أخطاءنا بسبب أنانيتنا التي تجعلنا لا نقرّ بها. قد يتمسّك الكثيرون بنوع من المثالية وينسون أن ثمة أخطاء ينبغي الاعتراف بها وإصلاحها، بل أكثرنا يعتقد أن الحرية الممنوحة لنا تجيز ارتكاب الأخطاء على أساس أنها أمور بديهية - والحقيقة، إنها أمور لاأخلاقية - لهذا علينا تجنّبها وخاصة السيئة والمضرة منها. وبما أن الرجوع عن الخطأ فضيلة - فيقال بأن فلان فاضل! - هكذا، فإن الفاضل هو من يحاول دائماً وأبداً تجنّب الخطأ لأنه يعتقد أن الفضيلة لا يمكن في يوم من الأيام أن تحظى بأية مكافأة لأنها هي بذاتها المكافأة.
لذلك علينا أن نتعلم من أخطائنا أكثر مما نتعلمه من وسائل أخرى.
قيل، دع شخصاً ينجح دائماً وستكتشف أنه سيبقى طفلاً جاهلاً، أنانياً متكبراً، وقاسياً! وليكن معلوماً لديك، أن هذا الشخص سوف ينهار بسرعة إن واجه الفشل وأخطأ دون أن يقر بأخطائه ولم يتّعظ.
يقال إن المسؤول الذي يتمتّع بحرية مطلقة، نعتبره معصوماً عن الخطأ، والواقع إنه يخطىء على الدوام. فهذا المسؤول الذي يقرر ما يريد بلا رادع ولا محاسبة من أحد، يبقى ذا نفسية ضعيفة. وقد قيل أن نمو تفكيرنا وعبقرية عقولنا وتهذيب طباعنا، ومتعتنا بالحياة تأتي كلها من خلال تعلمنا من أخطائنا، ولن نستطيع أن نتمتع بكل ما نصبو إليه في عملنا إلا من خلال تلك الأخطاء.
إن الطفل الذي لا يُسمح له بالوقوع لن يتعلم المشي، لأن المشي هو سلسلة من الزلات تمكّنه من الوقوف والسير بدون تعثّر.
عندما نهتم بنجاح أولادنا دون أن نعلّمهم أصول وقواعد النجاح، فإننا نقودهم نحو الفشل والخطأ. لأن إحدى سبل النجاح تلك قد تأتي بعد عشرات وربما مئات الأخطاء. إن أملنا الوحيد هو في نجاح وسعادة أطفالنا. لكن الآمال شيء وتطبيق الأساليب المتبعة شيء آخر. لأننا قد نتمسك بالآمال فقط، ولا نعِر الطريقة التقليدية لنجاحهم أي اهتمام... وهكذا لا نعترف بالخطأ الذي نرتكبه. إن عدم توجيهنا لأطفالنا، يجرّدهم من مفتاح باب النجاح والسعادة.
إن علة العلل فينا حين نخطئ ونفشل، هي أننا لا نضع اللوم على أنفسنا بل على الظروف أو على غيرنا من الناس.
والمصيبة الكبرى، أنه عندما يصادفنا النجاح، نتباهى ونفتخر بنجاحنا فنكون بذلك قد أثبتنا جهلنا وقلة مفهومنا للنتائج.
وأخيراً، هل لنا أن نتعظ من دروس التاريخ وعِبره ونجعل من أخطائنا جسراً نجتازه إلى النجاح والسعادة؟