تشرين الأول Oct 2010
هناك... على شاطئ بحر طبرية... وجّه الرب سؤالاً مهمًا إلى قلب سمعان بن يونا، إلا أن هذا السؤال الدهري ما زال صداه الداوي يرنّ في قلوبنا نحن مؤمني القرن الحادي والعشرين.
سؤال قديم... لكنه جديد! سؤال سهل... لكنه محرج! سؤال لطيف... لكنه مرهب!
لم يقل الرب، يا سمعان بن يونا، أتخدمني؟ أو أتضحي لأجلي؟ أو أتعرف كلمتي؟ لكنه سأل عن الأهم،
والأساس، والدافع، والمحرّك: "يا سمعان بن يونا، أتحبني؟" لأنه إن أعطى الإنسان كل ثروة بيته بدل المحبة تُحتقر احتقارًا.
"أتحبني أكثر من هؤلاء؟"... بعد أن عصفت بك رياح التجارب والمحن... وبعد اجتيازك أزمات صعبة ومواقف محرجة... يا سمعان، هل ما زلت تحبني؟ "نعم، يا رب، أنت تعلم أني أحبك". ليته يكون جواب كل منا. فإذا سألنا الرب:
أتحبني؟... بعد حصولك على الشهادات العالية والعلوم الكثيرة؟... بعد ارتقائك إلى مراكز اجتماعية مرموقة؟... بعد تمتعك بهذه البحبوحة المادية والعائلية؟
أتحبني؟... رغم ابتعاد العالم عني وانجرافهم وراء الملذّات؟... رغم كثرة مشغولياتك ومتطلبات الحياة؟... رغم وجودك في الأزمنة الصعبة بين تيارات عنيفة؟...
أتحبني؟... في عصر بردت فيه محبة الكثيرين؟... في عصر ضعف فيه الإيمان وقلّ؟... في عصر يرتدّ فيه قوم عن الإيمان؟
ماذا تجيب؟ لن يطلب الله منك أن تخدمه وترعى غنمه وتعمل في حقله، ما لم يجد له فيك قلبًا كاملاً يفيض بالمحبة نحوه... ما لم يجدك تعيش الوصية الأولى والعظمى في الناموس: "تحب الرب إلهك من كل قلبك، ومن كل نفسك، ومن كل قدرتك، ومن كل فكرك".
ليس من ميزان آخر لحياتك الروحية سوى ميزان محبتك للرب.
"إن أحبني أحد يحفظ كلامي"... "الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يحبني"...
لنحب الرب، لأنه وحده صاحب الحق بكامل عواطفنا، ومستحق أن يملك على عروش قلوبنا، ولنصرخ بكل جوارحنا مع رسول المحبة، الذي امتلأ قلبه وفاض لسانه، وشحنت حياته بالمحبة: "نحن نحبه لأنه هو أحبنا أولاً". وليكن جوابنا القلبي في كل حين وبالرغم من كل صعوبة:
"يا رب أنت تعلم كل شيء. أنت تعرف أني أحبك".