شباط February 2011
كم يكون جميلاً، ونحن نقف قرب نهاية عام 2010، أن ننظر إلى ماضي الحياة. فنحن كمؤمنين، إذ نتأمل السنين الأولى الضائعة، نرى تلك الفترة التي فُقدت من الحياة قبل أن نقبل المسيح مخلصًا شخصيًا لنا. لكن شكرًا لله، لأن تلك الفترة قد انتهت حينما تعرّفنا بشخصه، وتمتّعنا بالحياة الجديدة. يا لها من لحظة مجيدة
ونقطة مضيئة، في تاريخ الحياة، تلك التي فيها بدأنا السير في جدة الحياة مع المسيح الفادي!
وفي أول الطريق كان المرء منا يحس برعب مقدس، وكان يخشى أن تصدر منه أية كلمة أو تصرّف غير لائق يجرح أو يحزن قلب ذاك الذي أحبنا ومتّعنا بالحياة الجديدة. فالحياة بالقرب من الرب، وتجنّب كل شيء غير مرضي أمامه، هو الخطوة الأولى في الحياة الروحية. فكما أن أحب شيء بالنسبة للعروس، هو إرضاء عريسها، هكذا نفوسنا نحن التي خُطبت للمسيح، تجد سعادتها في الحياة المقدسة، وتتجنّب كل شيء لا يرضي صلاحه.
على أن النفس لا يجب أن تقف عند حدود الجانب السلبي، في عدم إحزان قلب المسيح، لكن عليها أن تتقدّم إلى الجانب الإيجابي، وذلك بإشباع قلبه عن طريق الشركة معه. والواقع أننا لا يمكن أن نتجنب الأمور التي تغضب المسيح إلا متى كانت لنا الشركة المستمرة معه. قد يحاول البعض غرس الفضائل الأخلاقية في بستان حياتهم دون أن تكون لهم شركة مع المسيح، وهم بهذا يصبحون كالأطفال الذين يقطفون الزهور الجميلة من بستان الغير، ثم يغرسونها في بساتينهم الخاصة. وهل يمكن لمثل هذه الزهور المقطوفة أن تنمو متى غُرست في بستان آخر؟ إن هذا لمحال! فلكي تنمو زهور الفضيلة في حياة المرء منا، لا بد من غرس بذار الفضيلة، وسقيها بمياه النعمة، التي منبعها ومصدرها شخص الرب يسوع المسيح؛ وفي الوقت المناسب، سوف تتفتّح زهور الفضيلة ويراها الآخرون. والطريق الوحيد للحصول على مياه النعمة، هو الاتصال بالمسيح والشركة معه.
نعم، جميل أن تكون لنا المشاعر الرقيقة، التي تحاول عدم جرح إحساسات المسيح، لكن لا سبيل إلى هذا، إلا عن طريق الشركة الحقيقية معه، لأن هذه الشركة توصل إلينا نعمته المباركة، وبقدر ما نتمتّع بنعمه، نثمر الثمر المبارك ويزداد.