تشرين الأول October 2011
الدكتور عقولة
"لأَنَّهُ كَمَا شَعَرَ فِي نَفْسِهِ هكَذَا هُوَ" (أمثال 7:23). حراسة مدخل العقل كل شيء يدخل إلينا عن طريق التفكير. ويدرك الشيطان أنه إذا أستطاع أن يستأثر بفكر إنسان ما فإنه يجعله يرسف في عبودية...
"لأَنَّهُ كَمَا شَعَرَ فِي نَفْسِهِ هكَذَا هُوَ" (أمثال 7:23). حراسة مدخل العقل كل شيء يدخل إلينا عن طريق التفكير. ويدرك الشيطان أنه إذا أستطاع أن يستأثر بفكر إنسان ما فإنه يجعله يرسف في عبودية... في سجن أو سبي لمدة طويلة قد تمتد إلى العمر كله. والعقل بالنسبة للشيطان هو الهدف الأول الذي يصوّب نحوه سهامه. وكل إنسان يفكر إما إيجابيًا أو سلبيًا. لا يمكن الشخص أن يفكّر إيجابيًا وسلبيًا في وقت واحد. يوصي الرسول بولس مؤمني فيلبي: "أَخِيرًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ كُلُّ مَا هُوَ حَقٌّ، كُلُّ مَا هُوَ جَلِيلٌ، كُلُّ مَا هُوَ عَادِلٌ، كُلُّ مَا هُوَ طَاهِرٌ، كُلُّ مَا هُوَ مُسِرٌّ، كُلُّ مَا صِيتُهُ حَسَنٌ، إِنْ كَانَتْ فَضِيلَةٌ وَإِنْ كَانَ مَدْحٌ، فَفِي هذِهِ افْتَكِرُوا" (فيلبي 8:4). صراع في عالم غير مرئي ليس صراع المؤمن مع عدو مرئي بل مع قوات ظلمة متنوّعة في عالم غير مرئي. وهو ليس صراعًا وقتيًا بل هو أبدي وسيظل دائرًا نهارًا وليلاً طول رحلة الحياة، صراع مع قوات ذات سيادة متنوعة، مع عدو لا يتوقّف لحظة؛ كما أن الشيطان لم يتوقف في حربه مع المسيح (متى 1:4-11). صفات العدو يذكر الوحي أن الشيطان هو "إله هذا الدهر". "فَرَجَعَ السَّبْعُونَ بِفَرَحٍ قَائِلِينَ: يَا رَبُّ، حَتَّى الشَّيَاطِينُ تَخْضَعُ لَنَا بِاسْمِكَ!. فَقَالَ لَهُمْ: رَأَيْتُ الشَّيْطَانَ سَاقِطًا مِثْلَ الْبَرْقِ مِنَ السَّمَاءِ" (لوقا 17:10-18). ويصفه الكتاب المقدس بأنه "المشتكي" و"الأسد الزائر الذي يجول متلمسًا من يبتلعه هو". ووصف الرب يسوع العدو بأنه "السارق" الذي لا يأتي إلا ليسرق ويذبح ويهلك (يوحنا 10:10). الشيطان هو العدو الأول للبشر منذ آدم وهو المقاوم الذي يشتكي على المؤمنين نهارًا وليلاً والذي يحاول تدمير الإنسان. المواجهة الشرسة في ساحة الملاكمة يواجه الشخصان أحدهما الآخر. وتبدأ المعركة ولا يمكن لأي واحد من المتصارعين أن يتخذ ركنًا أو أن يقف جانبًا وإلا سيأتي الآخر ويشبعه لكمًا حتى يطرحه صريعًا على الأرض. سيسخر الشيطان من كل شخص لا يكترث بالوضع الحقيقي فيستبدّ به حتي يفقده كل ما يمتلك من صحة ومال وسمعة، لأنه "يسرق ويذبح ويهلك"! امتداد الصراع على المؤمن أن يحاضر بالصبر في الجهاد الموضوع أمامه (عبرانيين 2:12) لمواجهةٍ شرسةٍ مع العدو. لا يمكنه إغماض العين أو تجاهل المعركة لأنها معركة مؤكدة مع كل شخص، مع كل أ سرة، في كل عقل، وفي أعماق النفس البشرية. استراتيجية العدو أرسل موسى 12 رجلاً إلى أرض الموعد. لما رأى الرجال العمالقة بني عناق خافوا جدًا بسبب طولهم وقوتهم. وقررعشرة رجال منهم الرجوع وأشاعوا المذمّة بين كل الجماعة (عدد 28:13)، لكن يشوع وكالب وضعا في قلبيهما امتلاك الأرض وكان لهما ما أرادا. أسلحة العدو يستخدم العدو كل ما لديه من أسلحة: من تهديد، ووعيد، وخبث، وترهيب، وتخويف، ومداهنة، ومكر، وسلاح الكذب "لأنه كذاب وأبو الكذاب"؛ فإنه يعرف طباع البشر وخبير في أساليب الخداع والإغراء. أرض المعركة يتخذ الشيطان كل ما يستطيع من مواقع للصراع مستخدمًا كل الحواس من سمعٍ، ونظرٍ، وكل العواطف والمشاعر القلبية، لكنه غالبًا ما يستخدم معركة الذهن في داخل العقل. علينا أن نحرس العقل جيدًا، ونعتني بالتفكير ضد أكاذيب العدو "مُسْتَأْسِرِينَ كُلَّ فِكْرٍ إِلَى طَاعَةِ الْمَسِيحِ"؛ ولا نعطه مكانًا في عقولنا، "وَلاَ تُعْطُوا إِبْلِيسَ مَكَانًا" فلا نستمع إلى أكاذيبه وأفكاره السلبية بل نطرح كل أفكاره وتصوّراته بعيدًا. أحيانًا، يظهر الشيطان كملاك نور محاولاً إسقاط المؤمن، ومتى تحقّق ذلك يبدأ يسخر منه ويقيم الشكوى ضده. الشحن يستخدم الشيطان أساليب متنوّعة في الشحن، فيهمس في أذن الإنسان بأنه ضعيف، ولا يستطيع المقاومة. وإذا تسرّب الخوف إلى داخل الإنسان يضايقه الشيطان بشدة "لأَنَّ الْخَوْفَ لَهُ عَذَابٌ". وغالبًا ما يبدأ في شن حربه عند نقطة حساسة لدى الشخص. لقد جرّب إبليس الرب عندما كان صائمًا وطلب منه أن يحوّل الحجارة إلى خبز ليشبع جوعه. ولا يتوقّف عن الشحن مرة بعد أخرى، ويستمر في زرع المخاوف، وإقامة قلاع حصينة في أذهاننا وأفكارنا التي يشحنها ضد كلمة الله. لكن "إِذْ أَسْلِحَةُ مُحَارَبَتِنَا لَيْسَتْ جَسَدِيَّةً، بَلْ قَادِرَةٌ بِاللهِ عَلَى هَدْمِ حُصُونٍ. هَادِمِينَ ظُنُونًا وَكُلَّ عُلْوٍ يَرْتَفِعُ ضِدَّ مَعْرِفَةِ اللهِ، وَمُسْتَأْسِرِينَ كُلَّ فِكْرٍ إِلَى طَاعَةِ الْمَسِيحِ". نماذج من أكاذيب الشيطان يقول الشيطان للإنسان: "لقد تركك الله... أنت لا تصلح لأي عمل روحي... أنت فاشل غير نافع... لا يمكنك اتّخاذ أي قرار... لقد تحطّم كل شيء...". وهناك تعبيرات أخرى سلبية قد يردّدها آخرون أيضًا مثل "الوالدين"... تنمو هذه كبذور سلبية داخل الكيان البشري وتحطّم الإنسان؛ تبني في داخله قلاعًا حصينة لتشلّ كل نشاطه، قد تبدأ بفكرة بسيطة: "لا يمكن..."، "لا أستطيع..."، "أنا غير مقدّس..."، ومتى أقام هذه القلاع يصير الإنسان سهلاً في يده عرضة لكل حرابه. عادة ما يُربط الفيل الصغير إلى وتد لا يتجاوز 10-15 سنتيمترًا. يكبر الفيل وهو مربوط إلى نفس الوتد، وتصير له قوة هائلة البقية على صفحة 21 بقية مقال "معركة الذهن" لكنه في حالة حركة مشلولة لا يستطيع أن يحرر نفسه رغم هذه القوة؛ القوة التي تربطة هي قوة نفسية وليست غير ذلك. من نماذج أكاذيب الشيطان إضفاء روح المظهرية بالكبرياء، والبر الذاتي، وانزلاق اللسان، والرياء، والخوف والازدواجية. يبدأ بتوسيع الأفكار البسيطة خطوة خطوة وتتحوّل إلى اتجاهات وأسوار منيعة. قال يعقوب أبو الأسباط: "أَعْدَمْتُمُونِي الأَوْلاَدَ. يُوسُفُ مَفْقُودٌ، وَشِمْعُونُ مَفْقُودٌ، وَبَنْيَامِينُ تَأْخُذُونَهُ. صَارَ كُلُّ هذَا عَلَيَّ" (تكوين 36:42). كانت الحقيقة مختلفة تمامًا! فلم يُفقد يوسف أو شمعون أو بنيامين. نحن في مجتمع السلبيات في كل ما حولنا من وسائل إعلام وأخبار وصحافة حيث يركز المجتمع على السلبيات أكثر منه على الإيجابيات. هذه القلاع مبنية على أكاذيب تجعل الإنسان يتخذ قرارات خاطئة ويعيش في قلق أساسه الاستماع إلى أقوال العدو. الانتصار على العدو "أَسْلِحَةُ مُحَارَبَتِنَا لَيْسَتْ جَسَدِيَّةً، بَلْ قَادِرَةٌ بِاللهِ عَلَى هَدْمِ حُصُونٍ. هَادِمِينَ ظُنُونًا (حصون وقلاع التصورات الخاطئة)... وَمُسْتَأْسِرِينَ كُلَّ فِكْرٍ إِلَى طَاعَةِ الْمَسِيحِ"(2كورنثوس 4:10-5). يتحقق هذا من تثبيت الفكر على الأمور السماوية واستخدام الموارد التي أمدنا الله بها: 1- سلاح الكلمة المخبّأة في القلب. استبدال الجانب السلبي بالإيجابي (فيلبي 8:4). 2- اسم المسيح: حتي الشياطين تخضع لنا باسمه (لوقا 17:10). 3- الصلاة: "مَهْمَا سَأَلْتُمْ بِاسْمِي فَذلِكَ أَفْعَلُهُ لِيَتَمَجَّدَ الآبُ بِالابْنِ" (يوحنا 14:14). 4- كلمة الشهادة: "وَهُمْ غَلَبُوهُ بِدَمِ الْخَرُوفِ وَبِكَلِمَةِ شَهَادَتِهِمْ..." (رؤيا 11:12).