Voice of Preaching the Gospel

vopg

كانون الثاني - شباط Jan Feb 2012

Ammari

في هذه الحلقة، يتناول موضوعنا سفر الرؤيا الذي تكثر حوله الأسئلة والاستفسارات باستمرار لما يحويه من مصطلحات وإشارات نبوية وألفاظٍ ورموزٍ عن أحداثٍ قادمة، ومع ذلك فالكثيرون يستمتعون بقراءته، وكما يقول السفر نفسه لقرائه: "طُوبَى لِلَّذِي يَقْرَأُ وَلِلَّذِينَ يَسْمَعُونَ أَقْوَالَ النُّبُوَّةِ، وَيَحْفَظُونَ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِيهَا، لأَنَّ الْوَقْتَ قَرِيبٌ" (رؤيا 3:1).

كاتب السفر هو يوحنا الحبيب ويشار إليه أحيانًا بيوحنا اللاهوتي أو الرائي، وهو نفسه كاتب إنجيل يوحنا ورسائل يوحنا الثلاث، وكلها أسفار مقدسة كتبت بوحي الله. إذ يقول الرسول بطرس في هذا برسالته الثانية:

 

"وَعِنْدَنَا الْكَلِمَةُ النَّبَوِيَّةُ، وَهِيَ أَثْبَتُ، الَّتِي تَفْعَلُونَ حَسَنًا إِنِ انْتَبَهْتُمْ إِلَيْهَا، كَمَا إِلَى سِرَاجٍ مُنِيرٍ فِي مَوْضِعٍ مُظْلِمٍ، إِلَى أَنْ يَنْفَجِرَ النَّهَارُ، وَيَطْلَعَ كَوْكَبُ الصُّبْحِ فِي قُلُوبِكُمْ. عَالِمِينَ هذَا أَوَّلاً: أَنَّ كُلَّ نُبُوَّةِ الْكِتَابِ لَيْسَتْ مِنْ تَفْسِيرٍ خَاصٍّ. لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ" (2بطرس 19:1-21).

ويؤكد هذا أيضًا بولس الرسول في رسالته الثانية إلى تيموثاوس 16:3 قائلاً:

"كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ".

وكل ما كُتب كُتب لأجل تعليمنا. فسفر الرؤيا بهذا يقدم لنا رسالة من وحي الله تسلمها يوحنا الرسول، وهو بدوره نقلها إلينا بتكليف من المسيح القدوس ليُختَتم بها وحي الإنجيل، إلى يوم القيامة.

يمكن اعتبار الأصحاح الأول أصحاح المقدمة التوضيحية للسفر.  فالأصحاح  يعرّف القارىء بمن هو المتكلم بهذه الرؤيا؟ ومن هو الفاعل؟ ويبين أوصافه وأمجاده وقدراته... ثم ما هو فحوى رسالة الرؤيا والغاية منها؟ ولماذا كتبت؟ ولمن كتبت؟ من هم المعنيون بها؟ ثم من هو المكلف بإيصالها إلى الجهات المستهدفة بها؟...

وهنا أقول بصراحة بأنني لست بصدد تقديم تفسير لكل ما جاء في سفر الرؤيا، إنما أقدم في هذا المقال لمحة موجزة عن السفر قد تساعد في إيضاح شيءٍ من رسالة هذا السفر وبالأخص في ما يتعلق بالمجيء الثاني للمسيح موضوع بحثنا.

ويلاحظ القارىء المتابع لسفر الرؤيا أن الأصحاحين الثاني والثالث يقدما رسائل قصيرة موجزة مُشبَّعة بالتعليم والإرشاد والتحذير موجهة لسبعة كنائس يسميها بالاسم، وهي كنيسة أفسس، وسميرنا، وبرغامس، وثياتيرا، وساردس، وفلادلفيا، ولاودكية. والمتكلم بهذه الرسائل السبع للكنائس هو المسيح بعد أن غادر الأرض وصعد إلى السماء قبل حوالي 65 سنة من وقت إعلان هذه الرؤيا. ويجمع المفسرون الثقاة بأن هذه الأسماء السبعة مع كونها أسماء لكنائس كانت قائمة في حينه إلا أنها ترمز لسبعة عصور قادمة تمرّ بها كنيسة المسيح بدءًا من عصرها الأول وانتهاءًا بعصر كنيسة الأيام الأخيرة كنيسة لاودكية.

ويجمع المفسرون المعتمدون أننا الآن نجوز في عهد الكنيسة السابعة "لاودكية" والتي يصفها الوحي بالكنيسة الفاترة، ليست هي حارة ولا باردة .. إذ يقول المسيح لها:

"هنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي" (رؤيا 20:3).

ثم يقول في عدد 21: "مَنْ يَغْلِبُ فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَجْلِسَ مَعِي فِي عَرْشِي، كَمَا غَلَبْتُ أَنَا أَيْضًا وَجَلَسْتُ مَعَ أَبِي فِي عَرْشِهِ".

فالمسيح بهذا يقدم رسالة تحذيرية بمنتهى الرقة والحنان ليقول لمن يهمه الأمر، بل ولكل من يسمع الصوت، افتح لي يا ابني لأدخل حياتك وأسكن قلبك! هيا تشجع، واكسر هذا الجدار القائم الذي يفصلني عنك ويفصلك عني. أريد أن أكون صديقك لأعيش معك في حياتك لتكون أنت لي، وكل ما أملكه فهو لك.

عزيزي القارئ، المسيح آتٍ عن قريب، ولحظة مجيئه ستكون لحظة هناء وسعادة فائقة لمنتظريه، وهي ذاتها لحظة ضياع لمن فاتته فرصة التعرف عليه بعنادٍ وتجاهل للحقائق.

فالمسيح يقرع هنا باب قلبك وينتظر الرد، هل يبقى يقرع؟ هل يبقى واقفًا على الباب؟ هل يدخل؟ هل يذهب؟

أنت، يا عزيزي القارئ، صاحب القرار، وإن دخل حياتك يحمل لك ملء البركة، لك ولمن حولك. وهو لا يريد أن يدخل بعنف مع أنه يستطيع ويقدر، لكنه يكره العنف والإرهاب وإرغام الإنسان على العبادة، إنما يحترم إرادة الإنسان على اعتبار أن تقوى الله لا أجرَ لها إلا عندما تمارس من القلب وباختيار الإنسان وحريته الكاملة.

إنه يقول: "إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي". فهو بهذا يخاطب كل قابعٍ بين جدران عشه الذي كوّنه لنفسه ليقول له: أنا أحبك! أنا متّ لأجلك لأفتديك! افتح لي لأريك كيف تتذوّق بصحبتي سلام القلب وراحة الضمير مع غفران خطاياك!

أيها القراء الأعزاء، إن سفر الرؤيا سفر عظيم، وجدير بالاهتمام وخاصة في هذه الأيام الأخيرة التي نعيشها قبيل مجيء المسيح ثانية.

ولأن سفر الرؤيا هو السفر الذي خُتم به الوحي في إنجيل الله، أراد الوحي به أن يذكر للمرة الأخيرة بأن المسيح قادم ثانية، فيقول بلسان المسيح في خاتمة آيات الإنجيل: "أنا آتي سريعًا..." وتردّ عليه الكنيسة بروح الوحي: "آمين. تعال أيها الرب يسوع".

وحتى في بداية السفر في الأصحاح الأول منه، حرص الوحي أن يذكر بأن المسيح آتٍ ثانية، فيقول هناك: "هُوَذَا يَأْتِي مَعَ السَّحَابِ، وَسَتَنْظُرُهُ كُلُّ عَيْنٍ، وَالَّذِينَ طَعَنُوهُ، وَيَنُوحُ عَلَيْهِ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ". والنوح في لحظة مجيء المسيح ثانية قد تكرر مرتين في الإنجيل. النوح هناك سيكون من نصيب قبائل الأرض التي فاتها، وبإرادتها الحرة، التعرّف على هوية المسيح بأنه هو الرب صانع السماوات والأرض، فتلك أضاعت على نفسها فرصة الاستعداد لمجيئه على هذا المبدأ. وعندما تفاجأ تلك القبائل بالحقيقة الناصعة عند مجيء المسيح، تصدمها الحقيقة فتنوح حزنًا وأسفًا على فرصةٍ فاتت، ويا للخسارة!

أما منتظروه الذين عرفوه حقّ معرفة وفتحوا قلوبهم له فيفرحون بلقائه فرحًا لا حدّ له. هذه هي رسالتنا للعالم أجمع، وهذا أقصى ما نستطيع قوله للشعوب ليعوا الحقيقة قبل فوات الأوان.

اختم بهذه الترنيمة الشعبية الجميلة التي نترنم بها أحيانًا عندما يُطرح هذا البحث، كلماتها بسيطة لكنها واضحة معبّرة باللهجة المصرية، تقول:

المؤمن الأمين              يفرح فرح ثمين
والخاطي يبقى حزين   لما يسوع ييجي

يسوع قال أنا جاي  والمؤمن آخذه معاي
تعمل يا خاطي إزَّاي     لما يسوع ييجي

يا خاطي تب وارجع  ولصوت يسوع اسمع
تندم ولا ينفع                   لما يسوع ييجي

لا ينفعك  المال                  كلا ولا الجمال
تتغير الأحوال                  لما يسوع ييجي

المجموعة: كانون الثاني - شباط Jan-Feb 2012

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

173 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10476271