أذار March 2012
يسوع المسيح، ذاك الشخص الذي شغّلَ عقول المفكرين، وسبى قلوب المحبين، وأراح كل المتعبين، وهو الذي بمولده شطر التاريخ إلى قسمين: ما قبل ميلاده وما بعده، وبصلبه أعلن حبه الصريح ناقشًا على كفهِ أسماءنا...
تتميز روعة وجمال شخصية المسيح بكمال صفاته الأدبية المجيدة السامية. فقد كان موضوع شبع وسرور الآب، كما أنه أثّر في قلوب كثيرة بعظمة محبته، ونعمته، وتعاليمه، فلم يعلِّم شيئًا إلا وعمل به كقول الكتاب عنه أنه كان "مقتدرًا في الفعل والقول".
فأثّر في تواضعه، لأنه يقول عنه الكتاب: "الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً ِللهِ، لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ..." (فيلبي 6:2-7). يا له من تواضع يحثّ قلوبنا أن نتواضع أمام ذلك الشخص الأزلي الذي ارتضى أن يأتي إلينا في جسم بشريتنا ويعلن حب الآب السماوي!
وأثّر في رقته، إذ نرى قلبه الرقيق مليئًا بالحب والحنان تجاه خاصته المتألمين... فعند قبر لعازر بكى كابن الإنسان. وبكى على أورشليم - لأنها لم تعرف زمان افتقادها - بصرخةٍ تعبّر عن عمق حزنه على هذه المدينة العاصية.
وأثّر في حنانه، إذ كان يَجول يصنع خيرًا ويشفي جميع المتسلّط عليهم إبليس. في مرقس الأصحاح الأول، "أتى إليه أبرص يطلب إليه جاثيًا وقائلاً له: إن أردت تقدر أن تطهرني". يخبرنا البشير مرقس عن مشاعر المسيح أنه تحنن ومد يده ولمسه وقال له: "أريد فاطهر".
إنه يشفي القلب، ويشفي الجسد من المرض. فهذا الأبرص - الذي لا يحقّ لأحد أن يلمسه لأنه نجس - كان وحيدًا، لكن المسيح تحنن عليه ولمسه بلمسة حنان فشفى قلبه المكسور وجسده الأبرص.
وأثّر في غفرانه. لما كان على الصليب قال: "يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ". مَن هم أولئك الذين غفر لهم؟ لقد غفر للذين جلدوه واستهزأوا به وصلبوه... غفر بقلبه الكبير الذي يحتضن العالم بأسره!
- فلنتعلم منه التواضع لكي يرفعنا في حينه...
- ولتكن رقته فينا لكي نشفق ونبكي على النفوس الضائعة فتعرف زمان افتقادها.
- لنتحنن على المجروحين فتفيح منا "رَائِحَةُ الْمَسِيحِ الذَّكِيَّةِ ِللهِ، فِي الَّذِينَ يَخْلُصُونَ وَفِي الَّذِينَ يَهْلِكُونَ".
- ونحب الذين أساؤا إلينا وأهانونا ونصلي لأجلهم ونغفر لهم.
لنشابه المسيح فنكون "... مُشَابِهِينَ صُورَةَ ابْنِهِ، لِيَكُونَ هُوَ بِكْرًا بَيْنَ إِخْوَةٍ كَثِيرِينَ" (رومية 29:8).
