Voice of Preaching the Gospel

vopg

حزيران June 2012

Dr. Labib Mikhailشائعات ظهور القديسين والقديسات الذين ماتوا، تزداد انتشارًا، وتدفعنا للبحث الأمين عن حقيقة أولئك الذين يُقال أنهم يظهرون.
وظهور المسيح بعد قيامته يعطينا المثال الذي به نتحقق من شخصيات الذين يشاع أنهم يظهرون.
وأول حقيقة تواجهنا هي أن المسيح لم يتعدد ظهوره إلا بعد قيامته، فلا بد أن يقوم القديس من الأموات ليؤكد لنا أنه بالحقيقة الذي يظهر لأن ظهور أي إنسان مات يتطلب قيامته من الأموات، ولذا قال إبراهيم للغني الذي طلب منه أن يرسل لعازر الذي مات إلى إخوته ليحذرهم من العذاب الذي ينتظرهم، "عِنْدَهُمْ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءُ، لِيَسْمَعُوا مِنْهُمْ... إِنْ كَانُوا لاَ يَسْمَعُونَ مِنْ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ (أي من كتب موسى والأنبياء)، وَلاَ إِنْ قَامَ وَاحِدٌ مِنَ الأَمْوَاتِ يُصَدِّقُونَ" (لوقا 29:16، 31). فلكي يظهر لعازر لإخوة الغني، كان لا بد أن يقوم من الأموات، وهذا لن يحدث إلا في اليوم الأخير.
والآن تعال معي نسير مع المسيح في ظهوره بعد قيامته لنتحقق من شخصيات القديسين الذين يشاع أنهم يظهرون بعد موتهم.
وأول برهان قدّمه المسيح لتأكيد حقيقة شخصه للذين ظهر لهم بعد قيامته، أنه طلب منهم أن يجسوه وينظروا الجروح في يديه ورجليه، و

يتأكدوا بالنظر واللمس حقيقة شخصه

حين ظهر المسيح لتلاميذه قال لهم: سلام لكم، "فَجَزِعُوا وَخَافُوا، وَظَنُّوا أَنَّهُمْ نَظَرُوا رُوحًا. فَقَالَ لَهُمْ: مَا بَالُكُمْ مُضْطَرِبِينَ، وَلِمَاذَا تَخْطُرُ أَفْكَارٌ فِي قُلُوبِكُمْ؟ اُنْظُرُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ: إِنِّي أَنَا هُوَ! جُسُّونِي وَانْظُرُوا، فَإِنَّ الرُّوحَ لَيْسَ لَهُ لَحْمٌ وَعِظَامٌ كَمَا تَرَوْنَ لِي. وَحِينَ قَالَ هذَا أَرَاهُمْ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ" (لوقا 37:24-40)، وأكثر من هذا، إنه أكل قدامهم (لوقا 43:24).
ظهر المسيح بجسده الممجّد، وأكل قدام تلاميذه. فإذا كان ظهور القديس بعد موته حقيقيًا، فلا بد أن يظهر بجسده الذي يمكن لمن يروه التحقق منه؛ تمامًا كما ظهر موسى وإيليا مع المسيح على جبل التجلي وعرفهما بطرس (لوقا 31:9). وإلا كانت شائعة ظهوره مجرد ادّعاء لا يجوز تصديقه.
البرهان الثاني الذي قدّمه المسيح في ظهوره بعد قيامته أنه كلّم تلاميذه الذين ظهر لهم بصوت مسموع ولغة مفهومة لديهم.

كلم تلاميذه

"وَقَالَ لَهُمْ: هذَا هُوَ الْكَلاَمُ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ وَأَنَا بَعْدُ مَعَكُمْ: أَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ يَتِمَّ جَمِيعُ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنِّي فِي نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ. حِينَئِذٍ فَتَحَ ذِهْنَهُمْ لِيَفْهَمُوا الْكُتُبَ" (لوقا 44:24-45).
وفي آخر لقاء مع تلاميذه قال لهم: "فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ. وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ" (متى 19:28-20). فالقديس الذي يُقال أنه يظهر بعد موته لا بدّ أن يتكلم بلغة مفهومة ومسموعة لمن يروه، وإلا تكون شائعة ظهوره مجرد خداع وادّعاء نرفضه جملة وتفصيلاً، وما يقال عن القديسين يقال أيضًا عن القديسات.
البرهان الثالث الذي قدمه المسيح في ظهوره بعد قيامته أن

ظهوره كان لهدف معين

لم يظهر المسيح لمجرد إثارة التلاميذ، أو لجمع الناس حوله، لكنه في كل مرة ظهر فيها لتلاميذه ظهر لهدف معين.
ظهر أولاً لمريم المجدلية ليعلن تكريمه للمرأة التي تؤمن به وتكرس حياتها لخدمته.
ظهر للتلميذين الذاهبين إلى قرية عمواس ليفسر لهما الأمور المختصة به في أسفار العهد القديم.
ظهر لتلاميذه الخائفين، ولم يكن توما، معهم ليزيل خوفهم ويؤكد لهم حقيقة شخصه (يوحنا 9:20 و20).
ظهر للتلاميذ وتوما معهم ليعالج شك توما، ويؤكد له أنه هو نفسه الذي صُلب، والذي طعنه الجندي الروماني بحربة في جنبه، قد قام منتصرًا على الموت. (يوحنا 26:20-29)
ظهر للتلاميذ على بحر طبرية ليعطيهم اليقين أنه رب الحصاد، وأن مسؤوليتهم أن يربحوا النفوس لملكوته، ومسؤوليته أن يسدّد احتياجاتهم المادية. (يوحنا 1:21-13)
كان ظهوره المتكرر للأسباب التي ذكرناها.
فالقديس الذي يُقال أنه يظهر بعد موته، يجب أن يعلن سبب ظهوره. أما ادّعاء ظهور قديسين أو قديسات ماتوا، بغير تقديم برهان قوي يؤكد حقيقة رسالتهم، فهو ادّعاء خطر، قد يقوم به الشيطان نفسه، "وَلاَ عَجَبَ. لأَنَّ الشَّيْطَانَ نَفْسَهُ يُغَيِّرُ شَكْلَهُ إِلَى شِبْهِ مَلاَكِ نُورٍ!" (2كورنثوس 14:11).
وفي ختام هذه الرسالة أذكر ملاحظات جديرة بالتأمل والتفكير:

1- أن الإنسان لا يلجأ للقديسين الذين ماتوا إلا إذا انقطعت شركته مع الإله الحقيقي ورأى نفسه في ظلمات المجهول.

الله الحقيقي هو الملجأ الوحيد للمؤمن "اَللهُ لَنَا مَلْجَأٌ وَقُوَّةٌ. عَوْنًا فِي الضِّيْقَاتِ وُجِدَ شَدِيدًا" (مزمور 1:46). وهو ينادي المؤمنين قائلاً: "ادْعُنِي فِي يَوْمِ الضِّيقِ أُنْقِذْكَ فَتُمَجِّدَنِي" (مزمور 15:50). أما الالتجاء إلى القديسين الأموات فيعني فقدان الشركة مع الله، وتأليه هؤلاء القديسين.
عندما جمع الفلسطينيون جيوشهم ليحاربوا إسرائيل في أيام الملك شاول، وكان الرب قد رفضه بسبب تمرّده عليه وعصيانه لوصاياه "وَلَمَّا رَأَى شَاوُلُ جَيْشَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ خَافَ وَاضْطَرَبَ قَلْبُهُ جِدًّا. فَسَأَلَ شَاوُلُ مِنَ الرَّبِّ، فَلَمْ يُجِبْهُ الرَّبُّ لاَ بِالأَحْلاَمِ وَلاَ بِالأُورِيمِ وَلاَ بِالأَنْبِيَاءِ" (1صموئيل 5:28-6).
في هذا الموقف الذي ساد اليأس فيه على شاول، لجأ إلى امرأة صاحبة جان وطلب منها أن تُصعد له صموئيل النبي.
لجأ الملك شاول إلى صموئيل النبي بعد موته، بعد يأسه من إجابة الرب له، وانتهى نهاية محزنة "فَمَاتَ شَاوُلُ بِخِيَانَتِهِ الَّتِي بِهَا خَانَ الرَّبَّ مِنْ أَجْلِ كَلاَمِ الرَّبِّ الَّذِي لَمْ يَحْفَظْهُ. وَأَيْضًا لأَجْلِ طَلَبِهِ إِلَى الْجَانِّ لِلسُّؤَالِ، وَلَمْ يَسْأَلْ مِنَ الرَّبِّ، فَأَمَاتَهُ". (1أخبار 13:10-14)
فاحترز من الالتجاء إلى القديسين أو القديسات الذي ماتوا وثق في الإله الحقيقي الحي الذي "يَرْكَبُ السَّمَاءَ فِي مَعُونَتِكَ". (تثنية 26:33)

2- إن الرب يعتبر الالتجاء إلى الموتى رجس وأن من يلجأ للأموات مكروه عنده.

"مَتَى دَخَلْتَ الأَرْضَ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ، لاَ تَتَعَلَّمْ أَنْ تَفْعَلَ مِثْلَ رِجْسِ أُولئِكَ الأُمَمِ. لاَ يُوجَدْ فِيكَ... مَنْ يَسْتَشِيرُ الْمَوْتَى. لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مَكْرُوهٌ عِنْدَ الرَّبِّ" (تثنية 9:18 و11-12).

3- إن الموتى سواء كانوا قديسين أم أشرارًا لن يعودوا إلى أرضنا إلا بعد القيامة في اليوم الأخير

يقول أيوب: "إِذَا مَضَتْ سِنُونَ قَلِيلَةٌ أَسْلُكُ فِي طَرِيق لاَ أَعُودُ مِنْهَا" (أيوب 22:16).
ويقول داود النبي: "الإِنْسَانُ مِثْلُ الْعُشْبِ أَيَّامُهُ. كَزَهَرِ الْحَقْلِ كَذلِكَ يُزْهِرُ. لأَنَّ رِيحًا تَعْبُرُ عَلَيْهِ فَلاَ يَكُونُ، وَلاَ يَعْرِفُهُ مَوْضِعُهُ بَعْدُ" (مزمور 15:103-16).
ويقول الملك سليمان: "لأَنَّ الأَحْيَاءَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ سَيَمُوتُونَ، أَمَّا الْمَوْتَى فَلاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًا، وَلَيْسَ لَهُمْ أَجْرٌ بَعْدُ لأَنَّ ذِكْرَهُمْ نُسِيَ. وَمَحَبَّتُهُمْ وَبُغْضَتُهُمْ وَحَسَدُهُمْ هَلَكَتْ مُنْذُ زَمَانٍ، وَلاَ نَصِيبَ لَهُمْ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ، فِي كُلِّ مَا عُمِلَ تَحْتَ الشَّمْسِ" (جامعة 5:9-6).
ويقول بولس الرسول: "لِيَ اشْتِهَاءٌ أَنْ أَنْطَلِقَ وَأَكُونَ مَعَ الْمَسِيحِ، ذَاكَ أَفْضَلُ جِدًّا. وَلكِنْ أَنْ أَبْقَى فِي الْجَسَدِ أَلْزَمُ مِنْ أَجْلِكُمْ" (فيلبي 23:1-24).    
فانطلاق بولس ليكون مع المسيح ينهي تمامًا خدمته للمؤمنين الذين على الأرض، والموت ينهي علاقة الإنسان بكل ما هو تحت الشمس. روحه ترجع إلى الله الذي أعطاها. (جامعة 7:12)
نفسه تذهب إلى حضن إبراهيم في الفردوس، إذا كان بارًا (لوقا 22:16)، أما إذا كان شريرًا فتذهب إلى الهاوية السفلى (مزمور 13:86).
جسده يرجع إلى التراب كما كان. (جامعة 7:12)
ولن يعود الإنسان كاملاً، روحًا، ونفسًا، وجسدًا إلا في القيامة في اليوم الأخير (يوحنا 23:11). وأي ادّعاء بظهور قديس أو قديسة من الذين ماتوا، يقودنا للسؤال:
أي جزء يظهر من القديس إذا حدث ظهوره؟ روحه؟ أم نفسه؟ أم جسده؟
يسوع وحده هو الذي يظهر للذين يطيعون وصاياه لأنه مطلق الموجود، ومطلق المعرفة، ومطلق القدرة، وقد وعد المطيعين لوصاياه قائلاً: "اَلَّذِي عِنْدَهُ وَصَايَايَ وَيَحْفَظُهَا فَهُوَ الَّذِي يُحِبُّنِي، وَالَّذِي يُحِبُّنِي يُحِبُّهُ أَبِي، وَأَنَا أُحِبُّهُ، وَأُظْهِرُ لَهُ ذَاتِي" (يوحنا 21:14)، أما من عداه فلن يستطيع الظهور لأحد، لأنه إنسان محدود الوجود.
لما أخذ يسوع بطرس ويعقوب ويوحنا وصعد بهم إلى جبل التجلي، وظهر لهم إيليا مع موسى، قال بطرس ليسوع: "يَا سَيِّدِي، جَيِّدٌ أَنْ نَكُونَ ههُنَا. فَلْنَصْنَعْ ثَلاَثَ مَظَالَّ: لَكَ وَاحِدَةً، وَلِمُوسَى وَاحِدَةً، وَلإِيلِيَّا وَاحِدَةً. لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ (أراد بطرس بجهالة أن يساوي بين يسوع وموسى وإيليا) وَكَانَتْ سَحَابَةٌ تُظَلِّلُهُمْ. فَجَاءَ صَوْتٌ مِنَ السَّحَابَةِ قَائِلاً: هذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ. لَهُ اسْمَعُوا" (مرقس 4:9-7).
الآب ينادينا من السماء أن لا نشرك مع ابنه أحدًا.
ليس لنا موسى إذًا، ولا إيليا معه
لسنا نريد أن نرى إلا يسوع وحده
ومن له أذنان للسمع فليسمع.

المجموعة: حزيران June 2012

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

81 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10546734