Voice of Preaching the Gospel

vopg

حزيران June 2012

Dr. Milad Philipposإستيقظت في منتصف الليل لعلي أجد تفسيرًا لأحداث وقضايا يومية معاتبًا ومتحدثًا مع الله مرددًا مع حبقوق النبي: "حَتَّى مَتَى يَا رَبُّ أَدْعُو وَأَنْتَ لاَ تَسْمَعُ؟ أَصْرُخُ إِلَيْكَ مِنَ الظُّلْمِ وَأَنْتَ لاَ تُخَلِّصُ؟ لِمَ تُرِينِي إِثْمًا، وَتُبْصِرُ جَوْرًا؟ وَقُدَّامِي اغْتِصَابٌ وَظُلْمٌ وَيَحْدُثُ خِصَامٌ وَتَرْفَعُ الْمُخَاصَمَةُ نَفْسَهَا. لِذلِكَ جَمَدَتِ الشَّرِيعَةُ وَلاَ يَخْرُجُ الْحُكْمُ بَتَّةً، لأَنَّ الشِّرِّيرَ يُحِيطُ بِالصِّدِّيقِ، فَلِذلِكَ يَخْرُجُ الْحُكْمُ مُعْوَجًّا". فهل كُتب على أولاد الله أن يتألموا، ويئنوا، ويعانوا، ويُخدعوا، ويصمتوا، ويتأوهوا، ويبكوا؟ ووقفت بعيدًا مع موسى النبي أمام العليقة المحترقة بلا هوادة وبلا فناء لأسأل: لماذا لا تحترق العليقة؟ وكان سؤالي يتعلّق بالقوانين الطبيعية ونظام الكون، نتائج مقدمات فلسفية وخلاصة التأمل، بحث في العقيدة الدينية وتطلّع إلى المعرفة، بل والطريقة الإلهية لجذب انتباه البشرية وبداية الحوار.

 

أولاًً: ضريبة الوجود

إن كان المؤمن كالشرير يعبر في وادي البكاء، والألم، والحزن، والمرض، والضعف، والاكتئاب، والحيرة، والعوز، فما هو الفرق بينهما؟ إن الأنبياء يشبِّهون التقي بالعليقة، والعليقة هي نبات شائك معرش من فصيلة الورديات، ويمكن استعماله سياجًا لضعفه وله ثمار كالتوت. ووجدت أن المؤمن بالله له بصيرة روحية، وقدرات داخلية، وله ضمانات إلهية للحفظ والعناية. والعليقة هنا ترمز للمؤمن المنتصر "حينما أنا ضعيف فحينئذ أنا قوي" (2كورنثوس 9:12-10)؛ "أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني" (فيلبي 13:4).
وهي إشارة أيضًا للمسيح لما وُلد من عذراء، أو اتحاد اللاهوت بالناسوت بدون اندماج أو انفصال. وهنا أسأله: ما اسمك؟ وأسمع صوت العلاء يجيب: "لماذا تسأل عن اسمي وهو عجيب؟ "ويدعى اسمه عجيبًا مشيرًا إلهًا قديرًا أبًا أبديًا رئيس السلام". بل هو إشارة للكنيسة، "أنت بطرس وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها"، فالله "لا يدعكم تجرّبون فوق ما تستطيعون بل يعطي مع التجربة أيضًا المنفذ".
وهي إشارة للتجسد المبارك في قول الرسول بولس: "وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ، تَبَرَّرَ فِي الرُّوحِ، تَرَاءَى لِمَلاَئِكَةٍ، كُرِزَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، أُومِنَ بِهِ فِي الْعَالَمِ، رُفِعَ فِي الْمَجْدِ".
وأخيرًا إشارة للصليب فإن نار التجارب وآلام الفداء لم تترك السيد له كل المجد يرى فسادًا كباقي البشر. في إحدى الليالي كان ريموندايل يعزف أغنية بذيئة، وإذا بصورة المسيح المصلوب تمثل أمامه، فنبض قلبه وطرح عوده جانبًا وأخذ يغني أغنيته المشهورة:
وكيف أنسى حملاً قد مات عن ذنبي،
واحتمل التعيير والآلام والصلب،
أذكر حبك الذي أظهرت يا ودود،
أذكره ما دمت في الحياة والخلود.

ثانيًًا: سر السعادة

إن الفرعون المشار اليه أيام موسى كان تحتمس الثالث أو رمسيس الثاني، وكلاهما اشتهر بالشدة والقسوة والبأس، ومع هذا لم تحترق العليقة. إن الإيمان والتسليم هما وجهان لعملة واحدة. فالإيمان يمدنا بالمتعة الروحية، والثقة المطلقة، والأهداف النبيلة، والغايات الصالحة، والمبادئ القويمة، والتعاليم السامية، والحياة الرحبة السعيدة النابضة بالحب والإيثار.
دخل قديس فقير إحدى الكنائس الأرستقراطية الكبيرة في بلد غريب، فابتدره البواب متسائلاً: هل يمكنني معرفة من أنت؟ فسأله القديس: هل تعرف الرب يسوع المسيح؟ أجابه البواب بالإيجاب. فرد عليه الفقير: أنا أحد إخوته.
رأى قس رجلاً فقيرًا يشكر ويرنم، فقال له: طوباك يا ابني لأنك ستكون في السماء عن قريب. فأجابه مندهشًا: سأكون في السماء! إن لي أكثر من عشرين سنة في السماء "مذ حل الرب في قلبي".
إن السعادة تتركز في اللسان النظيف، واليد الطاهرة، والقلب البسيط، والأمانة في المصلحة، والمحبة الباذلة، والبشاشة الدائمة، والثقة في الله، والاعتراف بخطايانا وضعفنا، والتجديد الروحي الدائم، وطلب الغفران، والحياة الصابرة. وهنا يأتي دور التسليم حتى تمر العاصفة، وتخمد الكبرياء، ويهدأ الخوف، ويتدخل الله.
إن راحة الثلاثة فتية لم تكن في التنصل من الألم بل التمتع بالشركة في حضوره، ولم يفقد الفتية في الأتون إلا قيودهم.
قال أحدهم: "تسلّم النفس إلى التجارب فيأتي الشيطان ويجلب عليها شرورًا لا نهاية لها نحو اليأس والكفر والإلحاد،  ويعذّب النفس لكي ينقلها إليه ويضلها عن الرجاء بالله". لكن الحياة ليست سوى مادة تجرب قوة النفس، فما من رجل عظيم إلا وصنعته التجارب والآلام. فلو لم يضرب الشيطان أيوب ويجعله يتعفر في الرماد لما ظهر لنا لمعان إيمانه وعظيم مكافآته.
سئل حكيم: على ماذا تعيش الحيوانات زمن الشتاء؟ فأجاب: إنها تعيش على الأمل بأن الربيع سيعود قريبًا.
دخل الرئيس جورج واشنطن إلى بيته متبرمًا وكاد يفقد إيمانه بسبب ظرف حرج طارئ. ولما سأله الخادم عن ماذا ألم به، انتهره بشدة. فسأله الخادم: اسمح لي أن أسأل: كم عمرك يا سيدي؟ أجابه: عمري اثنان وخمسون سنة. فقال له الخادم العجوز: ابتسم يا سيدي فإن الله ما زال موجودًا يعتني بك ويحرسك.
مررت ببعض الظروف وكان صوت الله يناجيني في أعماقي: إلق كل همك عليَّ، ارفع رأسك تشرق شمسك، اهتف وافرح تشبع نفسك. وبدأت وقتها أنشد:
يا ريح هبي واعزفي نغمًا يريح مهجتي
بحرارة، ببرودة، بتألم يحيي ويؤنس وحدتي
ذهبٌ تمحّصه بوادق نار بجمرها أكتوي
تفضي تجاربه صفاء وفقًا لرب سرمدي
سر عظيم قد قُضي قدر يضج مضجعي
يحني... يشد قامتي... يثري بدمع مقلتي
رأت الثقاة مصيبتي فبكت غنائم منجمي
نام العراء والتحف قبة رب منعم
وعد قديم طمأن ابنا يعد الأنجم،
عيني عليك لم تنم كالأم ترضع مبتلي
باب جحيم قد عبر وسيمضي هم المعتدي
فانعم بسلم وابتسم واسعد بحظ الأول

ثالثًا: مفتاح المشكلة

في أحدى العواصم الأوربية يوجد معرض للجواهر الثمينة جدًا في مكان مكشوف. ويظهر للمشاهد أنه يمكن أن يمد أحدهم يده ليسرقها بكل سهولة وهو لا يعلم أنها متصلة بتيار كهربائي سري مسلّط على المكان.
كان فرعون يضع على تاجه رمز الحية، أي الحكمة والدهاء، ومع ذلك أمر الله موسى بعدم الخوف وابتلعت عصا الله ما للسحرة. ومرّ الملاك المهلك وقتل الأبكار، ولكن لم تمتد يده لأولاد الرب. إن بعض الناس يتمتعون بمناظر الأذى والمصائب التي تصيب الآخرين، وقد يقدمون كأس الحياة والخلاص بطريقة سيئة، وفي ذلك قال الشاعر: "لا تسقني ماء الحياة بذلة بل اسقني بالعز كأس الحنظل"؛ والحنظل مشروب مرّ قد يستمرئه المرء إذا قدِّم بطريقة مقبولة. وهكذا ضرب موسى البحر، وشق الصخر، وعبر المياه، وقاد الشعب.
ذهب أحدهم إلى مدينة يورك بإنجلترا في يوم مظلم، ولما دخل الكاتدرائية الكبرى وجد أن الشمس ساطعة عند منبر الكنيسة فتعجب وقال: كيف وصلت أشعة الشمس إلى هذا المكان في جو كله ضباب وظلام. ولما دخل عند المنبر وجد أن برج الكنيسة العالي يرتفع مخترقًا الغيوم فانعكست الشمس على الزجاج فأضاء الكنيسة.
قال كارسو: إذا لم تستطع أن تنظر أمامك لأن مستقبلك مظلم، وخلفك لأن ماضيك مؤلم، فارفع عينيك إلى فوق تجد الراحة والسكينة.
ذُكر عن مؤرخ حياة الأسقف واطسن ريتشفيلد أنه دخل مرة بيت أرملة وقرأ على جدران بيتها آية معلقة "أنت إيل رئي" (تكوين 13:16)، وقالت له: يا بني! إن معنى هذه الآية "أنت يا الله تراني"، ولما تكبر سيقول لك الناس: إن الله ينظر إليك دائمًا، يراقب آثامك ويعاقبك عليها، فلا تفهم هذه الآية على هذه الصورة بل احفظها غيبًا، واذكر أن الله يحبك حتى لا يمكنه أن يرفع عينيه عنك.
قيل أن الأغنام تنهمك في التقاط طعامها قبل مجيء ليل العاصفة. وهكذا قطيع الرب يحب أن يتغذى ويتقوى بكلمة الحياة قبل مجيء ليل التجارب فيكون بنعمة الله مستعدًا لها. وعندها يمكننا أن ندرك السر "لماذا لا تحترق العليقة؟"

المجموعة: حزيران June 2012

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

160 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10476617