نيسان April 2013
لست أريد أن تكون رسالتي في هذه الفرصة عظة أو خطابًا،
بقدر ما أرجو أن تكون عهدًا بيننا وتذكيرًا لنا وخاصة في بلاد الغرب؛ ذلك لأننا
في صخب الحياة المدنية، وزحمة المشاغل الدنيوية، يبدو أننا قد نسينا رسالتنا ومسؤوليتنا كمؤمنين وأصبحنا نعيش أنانية نتمتع فيها معًا بالشركة الروحية الجميلة من غير أن نخبر بكم صنع الرب بنا ورحمنا، ودون أن نقدم رسالة المسيح ونربح نفوسًا له.
لنذهب معًا أولاً إلى بحر الجليل حيث كان يسوع ماشيًا. عندما أبصر سمعان الذي يُقال له بطرس وأندراوس أخاه يلقيان شبكة في البحر لأنهما كانا صيادين. فقال لهما يسوع: "هلم ورائي فأجعلكما صيادي الناس. فللوقت تركا الشباك وتبعاه" (متى 19:4). ولست أظن أن دعوة المسيح هذه كانت مفاجئة لهما، لأن المسيح لم يكن غريبًا عنهما. لقد كانا من تلاميذ يوحنا المعمدان، وسبق أن شاهدا يوحنا وهو يشهد ويشير إلى يسوع قائلاً بأنه حمل الله وابن الله. والتقيا بيسوع وآمنا بأنه المسيا. وهنا نراه يدعوهما إلى خطوة أخرى في طريق الحياة الروحية وهي الخدمة وحمل رسالة صيد النفوس وربحها له.
إن امتياز الخدمة متوافر لجميع المؤمنين، وليس وقفًا على طبقة معينة. وقد اختار المسيح من بين تلاميذه هؤلاء الصيادين لكي يؤكد لنا أن خدمته ليست مقتصرة على أصحاب العقول الضخمة أو الإمكانيات الجبارة، ولكنها امتياز وشرف حتى لأفقر الفقراء، وأبسط البسطاء. فلم يكن هؤلاء التلاميذ من طبقة ارستقراطية بل كانوا أناسًا عاديين. والله يختار جهال العالم والمزدرى وغير الموجود ليبطل الموجود. إننا لا ينبغي أن ننظر إلى خدمة الله باعتبارها شيئًا نمنّ به عليه بل هي امتياز عظيم يحبونا به الله. وفي هذا يقول الرسول بولس: "لأنه إن كنت أبشر فليس لي فخر".
إن المؤمن الحقيقي لا ينظر إلى الخدمة باعتبارها مجرد واجب يؤديه، بل هي امتياز يحق له أن يتمتع به. وإذا كانت المحبة هي أعظم قيمة في المسيحية، فإن الخدمة هي أعظم شرف. وخدمة ربح النفوس للمسيح هي أنبل أنواع الخدمة، حتى وإن كان طريق الخدمة حافلاً بالإهانات، والازدراء ، فما أسعدنا عندما نُحسَب مستأهلين أن نهان لأجل اسم الفادي.
والدعوة للخدمة هي امتياز عظيم، والتزام خطير، وفن رفيع، ومكسب مجيد. إنها امتياز عظيم لأنها ترفع من قدر حياتنا وتجعلها ذات قيمة، كما تتناول حرفة الحياة فتحوّلها إلى مجرد وسيلة لتحقيق هدف الدعوة الأسمى.