Voice of Preaching the Gospel

vopg

أيار - حزيران May - June 2013

mufid saidيدور موضوعنا في هذا المقال حول آخر كلمة من سفر حزقيال الأصحاح 48 "واسم المدينة من ذلك اليوم: يهوه شمّهْ".
هناك أسماء عديدة لله كشفها لنا لكي نعرفه معرفة قوية وحقيقية لأن الاسم يعكس جانبًا من طبيعة صاحبه خصوصًا وأن الله هو الذي يعلن عن هذا الاسم. فهناك مثلاً، "إيلوهيم" الخالق، و"يهوه" واجب الوجود، و"يهوه نسي" أي علمي وناصري، و"يهوه يِرأه" أي الرب يرى ويدبر، لكنني قصدت أن أحدثكم في هذا المقال عن "يهوه شمّهْ" ومعناه الرب هناك.


ذكر حزقيال نبوءاته كلها حينما كان شعب الله مسبيًا في بابل في أسوأ وأدنى حالاته الروحية، ولا يستطيع أن يتمتع بالله. لكن حزقيال رأى رؤى، وتنبأ نبوءات، وأرسلها إلى ذلك الشعب، وشجعهم بأنه ستأتي مدينة جديدة - أورشليم الجديدة - خالية من النجاسة والخطية، وفيها هيكل خال من كل شر، وهناك سيكون الرب دائمًا، واسم هذه المدينة: يهوه شمّهْ.
كانت ديانة إسرائيل تتميز عن ديانات الأمم حولها بسكنى الرب في وسطها. وكان وجود الرب في وسطهم مرتبطًا بأمانة ذلك الشعب في حفظ عهده مع الرب بأن يكون مقدَّسًا لإله قدوس. تجلّى وجود الرب وسط ذلك الشعب عندما ظهر لموسى في البرية في العليقة في سفر الخروج 2:3. وفي حديث الرب لموسى، قال له: "وجهي يسير فيريحك"، فرد موسى قائلاً: "إن لم يسر وجهك فلا تصعدنا من ههنا، فإنه بماذا يُعلم أني وجدت نعمة في عينيك، أليس بمسيرك معنا فنمتاز أنا وشعبك عن جميع الشعوب الذين على وجه الأرض؟" وكان حضور الرب مع شعبه في البرية يُرمز إليه من خلال تابوت العهد الموجود في قدس الأقداس في خيمة الاجتماع.
بعد ذلك بنى الملك سليمان ذلك الهيكل العظيم على جبل المريا، وفي صلاة سليمان لتدشينه، ملأ مجد الرب الهيكل لدرجة أن الكهنة لم يستطيعوا أن يدخلوا... لأن الرب سكن فيه. لكن هذا الهيكل لم يدم طويلاً، ولا دام الشعب اليهودي طويلاً في أورشليم، لأن الرب بسبب نجاسات هذا الشعب سمح بخراب الهيكل وبسبي ذلك الشعب إلى بابل. في ذلك الوقت تنبأ حزقيال بهذه النبوة وقال بأن هذا الوضع سيتغير، وسيأتي يوم تكون فيه أورشليم جديدة غير هذه التي تدنست، وهيكل مقدس، وسيكون "يهوه شمّهْ" موجودًا هناك. هذا الاسم "يهوه شمّهْ" يختلف عن بقية أو معظم بقية أسماء الله في أنه لا يعطينا جزءًا من طبيعة الله في أمور مضت أو في أمور لا تزال قائمة، لكنه بالأكثر يحدثنا عمّا يدبره الرب لنا في المستقبل الذي يمتد بنا إلى يوم مجيء الرب ثانية وإلى ما سيغدقه من أمجاد علينا كمؤمنين.
لكن في الواقع لا يوجد اليوم هذا الهيكل ولا توجد أورشليم كما يريدها الرب أن تكون. إذًا،

 

أين يسكن الله؟


يقول الملك سليمان في صلاته خلال تدشينه للهيكل: "لأنه هل يسكن الله حقًا على الأرض؟ هوذا السماوات وسماء السماوات لا تسعك، فكم بالأقل هذا البيت الذي بنيت؟" (1ملوك 27:8). إذًا هو لا يسكن فقط في الهيكل، وبنوع خاص الهيكل غير موجود اليوم، لكن، أقول إننا نجد الرب في أماكن قد لا تخطر على بالنا، وفي ظروف قلما نتصوره فيها. كان الرب:

1- في المكان الذي هرب   إليه يعقوب من أخيه

في تكوين 10:28 نقرأ عن يعقوب الذي خرج من بيته خائفًا وهاربًا من أخيه عيسو، وبحث عن مكان يختبىء فيه فلا يستطيع عيسو أن يعثر عليه، فوصل إلى مدينة لوز وهي مكان قد يكون قاحلاً في برية. تصوّر يعقوب أنه لا يمكن لأحد أن يكون هناك حتى أخيه عيسو. تعب يعقوب واضطجع ونام، وفي حلمه رأى سلمًا منصوبة على الأرض ورأسها يمس السماء وملائكة الله يصعدون وينزلون عليها، ورأى الرب على هذا السلم فكلمه الرب وطمأنه وشدده... حتى أن يعقوب عندما استيقظ من نومه قال: "حقًا إن الرب في هذا المكان وأنا لم أعلم". فخاف وقال: "ما أرهب هذا المكان! ما هذا إلا بيت الله وهذا باب السماء"، ودعا اسم المكان "بيت إيل" لأنه رأى الرب هناك، رأى يهوه شمّهْ. لقد ظن أنه في مكان لا يمكن أن يوجد فيه إنسان وكان خائفًا وقلقًا ومضطربًا، ولكن في ذلك المكان وجد يهوه شمّهْ ينتظره، ويبحث عنه ليشدده ويشجعه ويطمئنه ويغير اسمه.

2-  في وقت ظنت المرأة السامرية أنه لا يراها أحد

نقرأ في يوحنا 4 عن المرأة السامرية التي كانت عند بئر سوخار. هذه المرأة التي كانت رازحة تحت وقر خطيئتها فاختارت وقتًا ظنت فيه أن لا أحد يمكن أن يراها في هذا الوقت بالذات من النهار إن ذهبت إلى بئر يعقوب لتستقي. أرادت أن تستقي ماء، فذهبت إلى البئر في الساعة السادسة من النهار أي في منتصفه. قالت: لن يراني أحد، واختارت الوقت.. ولكنها عندما ذهبت إلى البئر وجدت "يهوه شمّهْ"، الرب هناك.
فلا يعقوب استطاع أن يختبئ من الرب في مكان ما ولا السامرية استطاعت أن تختبئ في زمان محدد، بل كان الرب في انتظارهما.
أرسل الرب يسوع تلاميذه الاثني عشر ليبتاعوا طعامًا... هل شراء الطعام يحتاج إلى اثني عشر تلميذًا؟ لكنه أرسلهم جميعًا، لماذا؟ لأنه لم يرد أن يستمع التلاميذ إلى الحديث الذي كان سيجريه مع هذه المرأة السامرية، لأنه في حنانه لم يرد أن يعرِّضها للفضيحة أمام غيرها، فأعدّ المكان، والتقى معها وقال لها: "أعطيني لأشرب". قالت له: "كيف تطلب مني أن تشرب وأنت رجل يهودي وأنا امراة سامرية؟". قال لها: "لو كنت تعلمين من يقول لك أعطيني لأشرب لطلبت أنت منه فأعطاك ماء حيًا". قالت: "من أين لك الماء الحي؟ لا دلو لك والبئر عميقة؟ هل أنت أعظم من أبينا يعقوب...؟" قال لها: "اذهبي وائتِ بزوجك وتعالي". وهنا بدأ يحدثها عن خلاصها، ويعلن لها عن خطاياها، واعترفت أنه كان لها خمسة أزواج وأن الذي لها الآن ليس زوجها. وقادها لا إلى ماء من بئر يعقوب بل إلى الماء الحي الذي من يشرب منه لا يعطش إلى الأبد بل تجري من بطنه أنهار ماء حي. وجدت يهوه شمّهْ في وقت ظنت فيه أنه لا يمكن أن يوجد إنسان.
في مزمور 139 نقرأ نفس المعنى: "أين أذهب من روحك ومن وجهك أين أهرب؟ إن صعدت إلى السماء فأنت هناك، وإن فرشت في الهاوية فها أنت". فلا المكان المحدد كما ظن يعقوب ولا الزمان المحدد كما ظنت السامرية يمكن أن يمنعا يهوه شمّهْ من أن يكون هناك لكي يلتقي معهما.

3- في بطن الحوت

ألقى البحارة يونان في البحر، لكن الرب أعد له حوتًا فابتلعه. أيمكن أن نتصور أن الله يوجد في بطن الحوت؟ لكن يونان نزل إلى بطن الحوت فوجد "يهوه شمّهْ" - وجد الرب في انتظاره - وهناك أتاب يونان وأرجعه إلى نفسه... حتى في بطن الحوت! وكل أبناء الله، وكل أبطال الإيمان الذين سجنتهم قوى الشر، وكانوا معزولين ومحبوسين، اكتشفوا هذه الحقيقة أن يهوه كان هناك.

4- وسط الآلام


بولس وسيلا في سجن فيلبي، وجدا الرب هناك... سمعان بطرس وهو في السجن الذي وضعه فيه هيرودس، وجد الرب هناك، ويوحنا في منفاه في جزيرة بطمس وجد الرب هناك، وهو يجدنا قبل أن نجده.
دانيآل الذي احتفظ بصلته بالرب، حين ألقاه داريوس في جب الأسود، رأى الرب هناك "يهوه شمّهْ" يسدّ أفواه الأسود. والفتية الثلاثة شدرخ وميشخ وعبد نغو، الذين أمر نبوخذنصر بإلقائهم في أتون النار المحمّى سبعة أضعاف لأنهم رفضوا أن يعبدوا التمثال الذي من ذهب، نزلوا في النار فوجدوا الرب هناك "يهوه شمّهْ". ونبوخذنصر نفسه تعجب وقال: ألم نلقِ ثلاثة مقيّدين؟ ما بالنا نرى أربعة محلولين لا ضرر فيهم؟ وهذا الرابع شبيه بابن الآلهة! نعم، إن هذا هو ابن الله الذي جعل هذه النيران أن لا تمس ولا شعرة من شعور هؤلاء الثلاثة.

5- منذ ألفَي عام

منذ ألفي عام في مذود للحيوان... هل يمكن أن نتصور أنه يوجد الرب في مذود للحيوان؟ لكن الرب كان هناك! لقد وُلد ابن الله من العذراء! "الكلمة صار جسدًا وحل بيننا" (خيّم معنا) أي إنه معنا وفي وسطنا... ففي ملء الزمان جاءنا الرب إنسانًا وبسط خيمته في وسطنا ولذلك دُعي اسمه عمانوئيل الله معنا، "يهوه شمّهْ".
وعلى الصليب بين لصين كان الرب هناك "يهوه شمّهْ". علق وبدا كأنه واحد من المجرمين لأنه في حبه وحنانه ونعمته ارتضى أن يصير خطيئة لأجلنا لنصير نحن بر الله فيه. ارتضى أن يُصلب بين اللصوص، ارتضى أن يأخذ عارنا ودينونتنا وشرنا ويعطينا بر الله. وعلى الصليب، بين اللصين كان الرب يسوع هناك لأجلك ولأجلي!
قال الرب يسوع: "حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم"... ولما كان تلميذَا عمواس سائرَين عابسَين بعد صلب المسيح، كانا يسيران ويغمرهما اليأس، والحزن، والبؤس، وفي وسطهما جاء الرب "يهوه شمّهْ"، وبادرهما بالحديث: "ما بالكما تتحدثان بهذه الأمور؟". وحدثهما بما جاء في الكتب، بأنه كان لا بد أن يُصلب، ويحمل خطايانا، ويقوم حيًا منتصرًا على الموت وعلى الخطيئة. كان الرب هناك "يهوه شمّهْ" ليبدد شكوكهما، ويحوّل بؤسهما إلى بأسٍ، ويطرد الخوف ويملأهما بالفرح.
وأقول أيضًا، إنه ليس فقط إن اجتمع اثنان أو ثلاثة باسم المسيح هو هناك، وليس فقط أنه بين تلميذي عمواس كان هو هناك، وليس فقط أنه في كل كنيسة تجتمع باسمه هو هناك، بل إنه في قلب كل مؤمن حقيقي وضع إيمانه وثقته في الرب يسوع.
هل ندري بهذه الحقيقة؟ هل نعرف مركزنا في الرب يسوع؟

6- وسط العاصفة وفي وادي ظل الموت

حين هاجت الأمواج، وهبت العاصفة على السفينة التي كان فيها التلاميذ خافوا وظنوا أن السفينة ستغرق، ولكن كان الرب هناك! كان نائمًا على الوسادة ولم يتنبهوا، وظنوا أنه لا يبالي ولا يدري بما يجري حوله، لكنه كان هناك وأنقذهم.
وحين نسير في وادي ظل الموت، يقول داود في المزمور 23: "أيضًا إذا سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شرًا لأنك أنت معي" (مزمور 4:23)... الرب معنا "يهوه شمّهْ" حتى في وادي ظل الموت! لقد بدأ داود حديثه في هذا المزمور عن الراعي "الرب راعيّ" بضمير الغائب... هو يربضني، يوردني، يردّ نفسي، إلى أن جاء إلى وادي ظل الموت... لم يقل لا أخاف شرًا لأنه هو معي، بل قال لأنك أنت معي. فالذي كان غائبًا صار حاضرًا حين كان داود يتحدث عن وادي ظل الموت.
استفانوس، ذلك الشهيد الذي كان يُرجم بالحجارة، قال: أرى السماوات مفتوحة وابن الله قائمًا عن يمين العظمة؛ ابن الله الذي صعد بعد أن أكمل فداءنا فجلس عن يمين الله. لكن، عندما كان استفانوس يُرجم بالحجارة، رأى يسوع قائمًا ليشدده ويشجعه ويستقبله في وادي ظل الموت.
وحين نجتاز وادي ظل الموت ونصل إلى الفردوس، نراه ينتظرنا هناك لأنه قد أعدّ لنا مكانًا. فقد قال: "آتي أيضًا وآخذكم إليّ حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضًا".
هذا هو المعنى الكبير ليهوه شمّهْ إذ فيه يحدثنا عن مجيئه ثانية، حين تأتي أورشليم الجديدة. يقول: "ولم أرَ فيها هيكلاً لأن الله القادر على كل شيء هو والخروف هيكلها". ما أعظم هذه الحقيقة! ففي كل مكان تذهب إليه، وفي كل موقف تكون فيه، في كل ضعف تجتازه، في كل ألم وتجربة، ثق بأن الرب معك هناك ليشددك ويشجعك؛ في بيتك، وعملك، وفي الطريق وأينما تكون.

المجموعة: أيار - حزيران May - June 2013

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

170 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10472869