Voice of Preaching the Gospel

vopg

تشرين الأول October 2013

الدكتور القس ميلاد فيلبسمن الثابت في علم البيولوجيا أن الخدمة هي أعلى وظيفة يقوم بها الكائن الحي. وقد صرح العالم الكبير هكسلي أن أكبر هزة أو انتكاس تصيب الكائن الحي هي إدراكه أنه لم يعد له أية فائدة في الحياة. وكل عضو لا يؤدي وظيفته يتقلص، وكل ما ليس له فائدة يزول من الوجود. لذلك إن الحيوانات التي تقضي حياتها في باطن الأرض تفقد قوة البصر، كما أن دماغ الإنسان الحديث أصبح كبيرًا ومتّقدًا من كثرة استعماله. وهذا يأتي بنا  إلى  التأمل في كلمات سبع:

أولاً: الخدمة غرس

يقول بولس الرسول: "أنا غرست وأبلّوس سقى، لكن الله كان ينمي. إذًا ليس الغارس شيئًا ولا الساقي، بل الله الذي ينمي. والغارس والساقي هما واحد، ولكن كل واحد سيأخذ أجرته بحسب تعبه" (1كورنثوس 6:3-8). لو لم يكن أندراوس قد أتى ببطرس أخيه  إلى المسيح عن طريق العمل الفردي لما كان بطرس قد ربح الثلاثة آلاف نفس في يوم الخمسين! وقد تأسست في إنجلترا جمعية للعمل الفردي سنة 1890، وتدعى جمعية "الواحد بعد الآخر"، وقد ربحت كثيرين ولها فروع في كل أنحاء العالم. إن الأرض تحتاج  إلى  شقّ الأخاديد، واقتلاع الأشجار، وتنظيف الحصى، وحفر المصارف، ونقل الأسمدة، وتمهيد التربة، وقطع الخشب، وتنقية الأعشاب. وقد تنبت في البرية أشجار لها زهر وثمر فلا تبخل عليها بقطرات الماء. سأل صديق جاره الفيلسوف: ما هذا؟ أهذه حديقتك؟ فأجابه الفيلسوف: كلا، إنها ليست واسعة ولكنها عالية بكيفية عجيبة.

ثانيًا: الخدمة عمل

هل سمعت يومًا هذا النداء: "يا ابني، اذهب اليوم اعمل في كرمي"؟ وهل قلت لله: "هأنذا أرسلني"؟ كان موسى راعيًا وسأله الرب: "ما هذه في يدك؟" فأجابه "عصا"، وبالعصى عمل الرب العجائب. وسأل شمجر بن عناة: "ما هذه في يدك؟" فأجابه: منساس بقر، وبه أحرز نصرًا عظيمًا. أما داود فبمقلاع أمكنه قتل جليات الجبار. وكانت خمسة أرغفة وسمكتان في يد ولد صغير وسيلة إطعام الآلاف. إن فلسي الأرملة خدمة لن ينساها الله. ألم تكن قارورة الطيب المنسكبة عبق عطر تاريخ الكنيسة؟ إن إبرة "طابيثا" صارت أعلى مثل للعمل الصالح. قال جون وسلي: اصنع كل الخير الذي في قدرتك، بكل الوسائل التي في استطاعتك، وفي كل الأماكن التي توجد فيها، وفي كل مرة طالما تستطيع ذلك. "وبدون سفك دم لا تحصل مغفرة".

ثالثًا: الخدمة أنواع

قال أحدهم: يا إلهي، لقد انتهت خدمتي عن طريق الكلام، فاستخدمني عن طريق الآلام. يقول الكتاب المقدس: "لا تنظروا كل واحد إلى ما هو لنفسه، بل كل واحد إلى ما هو لآخرين أيضًا". والكلمة "تنظروا" في اليونانية "سكوبوس" هي نفس جذر كلمة تليسكوب وميكروسكوب، فهل تركز فقط على أخطاء الآخرين أم على مشاعرهم والحلول البناءة؟ إن الخدمات والمواهب متنوعة "وأنواع خدم موجودة ولكن الرب واحد، وأنواع أعمال موجودة ولكن الله واحد الذي يعمل في الكل". قال ماير: إذا غصت في البحر مرة ولم تجد لؤلؤة فلا تستنتج أن البحر خال من اللآلئ. غص ثانية وثالثة وكرر الغوص فلا بد أن تجد لآلئ أخيرًا. إن أعظم دواء للتعصب ضد إنسان هو أن تخدمه، والناس كالسلحفاة فلا تحاول أن تجبر إنسانًا على فعل شيء، بل ادفعه بشيء من عطفك فذلك أحرى أن يجعله ينزل على ما تريد، فإن كنا لا نقدر أن نخدم الله والمال غير أنه يمكننا أن نخدم الله بالمال. وبالاختصار، الحياة المركزة على الذات والأنانية هي أشقى حياة. يقال أن النحل يظل عاملاً في الأقاليم الشمالية من أمريكا لخزن العسل طوال الصيف، فإذا نقل  إلى  الجنوب  إلى  كوبا مثلاً فإنه يكف عن العمل لأن الطقس الدافئ يشجعه على الكسل، ولأنه يرى الطعام موفورًا فإنه لا يرى حاجة للعمل إلا أن يلسع كل من يجده في طريقه. إن شعار لوبخ في محو الأمية هو "أن يعلم واحد واحدًا".                                                                                                               

رابعًا: الخدمة تضحية

إن البكرات الأربع في حزقيال 9:10-14 تمثل القوى الخادمة. فالكروب، أي الملاك يمثل الطهارة، والإنسان يمثل الحكمة، والأسد يمثل القوة، والنسر يمثل السرعة. إن رسالتنا هي نشر السلام، فحيث تسود الكراهية أبذر الحب، وحيث الإيذاء بث روح التسامح، وحيث الشك أرشد الناس إلى الإيمان، وحيث اليأس بث الأمل، وحيث الظلمة أشعل نورًا، وحيث الحزن قدم تعزية. هل أنت مستعد أن تكون خبزًا مكسورًا وعصيرًا مهراقًا لأجل الآخرين؟ لقد دعا المسيح خدامه "نورًا للعالم وملحًا للأرض"، ولا نور بدون احتراق، ولا نفع للملح إن لم يذب. قال بولس: "تمم خدمتك"، و"أكملت السعي"، وقيل عن يوحنا المعمدان: "كان يكمل سعيه". نجد في واشنطن تمثالاً لفرانسيس ويلارد، فما هو السبب الذي لأجله أقيم لها هذا التمثال؟ لقد وضعت في نفسها مبدأين منذ أن كانت في الثامنة عشر: الأول أن تتجاوب بسرعة ثم أن تكون خادمة للغير.

خامسًا: الخدمة دعوة

رأى الأب بول كوين في مونتريال ما يقرب من 14900 سائق للسيارات التاكسي لا يذهبون  إلى الكنائس، ففكر أن يذهب إليهم بكنيسة متحركة. أخذ معه أجهزة الراديو والتليفزيون فكانت تحشد حوله هذه النفوس لتسمع رسالة الخلاص وصليب الفداء. يقال عن نوح أنه بشر لمدة 120 سنة دون أن يرى نتيجة لأتعابه، ومع ذلك ظل يبشر طول هذه المدة ولم يفشل. قالت فيبي كيري: إن ابتسامة واحدة تقدر أن تمجد الله اليوم كله، وكلمة واحدة تستطيع أن تولّد رجاء جديدًا، فأصغر تلميذ ليس له أن يقول "ليس لي فضة ولا ذهب" ما دامت في قلبه محبة. قيل عن خدام الله كان يطلق عليهم  قديمًا "الجارين" لنشاطهم وجريهم في الخدمة، فقد جرى إيليا أمام مركبة أخآب، وجرى تلميذ أليشع لإقامة ابن الشونمية، وأمر المسيح تلاميذه حين أرسلهم "لا تسلموا على أحد في الطريق" لا لأنه يكره إلقاء السلام بل لئلا يدخلون في مختلف الأحاديث كعادة الشرقيين ويهدرون الوقت.

سادسًا: الخدمة تدريب

ربح أحدهم خمسين نفسًا في خدمته فسُئل: وكم منهم يبشرون؟ فأجاب: الخمسون "الذين تشتتوا جالوا مبشرين بالكلمة". إن الأمانة، والإخلاص، والحماسة في العمل، وروح التفاؤل، والتعاون المثمر، وثمان ساعات من العمل اليومي تتمم برنامج الله في حياتنا. في رسالة كورنثوس الثانية 4 يقول الرسول بولس: "من أجل ذلك إذ لنا هذه الخدمة كما رُحمنا لا نفشل... ولكن لنا هذا الكنز في أوان خزفية ليكون فضل القوة لله لا منا". تجدد رجل ومن شدة فرحه كتب أربع آيات بنور النيون على دكانه وكلها آيات خلاصية، وذلك للشهادة العلنية عما صنع به الرب ورحمه. "وأما أنت فقد تبعت تعليمي، وسيرتي، وقصدي، وإيماني، وأناتي، ومحبتي، وصبري، واضطهاداتي، وآلامي" (2تيموثاوس 3: 10-11). والحق يقال، إن أعظم طريق للخدمة الناجحة هو الشركة مع الله.

سابعًا:الخدمة رسالة

سئل مستر مودي عن النصب التذكاري الذي يرغب فيه بعد وفاته فقال: إنه نصب يقف على رجلين ليذهب بهما إلى العالم أجمع"، أي أن كل مؤمن مخلص بالنعمة عليه أن يعلن خلاص المسيح إلى كل الأرض "اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها". لا ينبغي أن يكون اهتمامنا الأول هو كثرة الاحتجاجات وحرارة الخطابة، بل أن تكون رسالتنا ممزوجة بمسحة إلهية وبساطة قلبية لنظهر رائحة المسيح الذكية. إن المرء في الحياة كالسابح في الماء، يتقن عمله كلما خف حمله "لا يرتبك بأعمال الحياة لكي يرضي من جنده". قال يوسف لإخوته بعد أن أعطاهم قمحًا: "لا تتغاضبوا في الطريق"، وذلك بأن ينسب كل للآخر أنه كان السبب فيما حدث ليوسف، ولئلا يضيعوا الوقت في الجدال العقيم، وتهاجمهم اللصوص، وتموت العائلة جوعًا لأنكم "تخدمون الرب المسيح".
توجد صورة للمسيح تبينه مهتمًا بمبحث خطير وهو يمسك بيده ملفًا من الأوراق. وأمامه النساء اللواتي أردن أن يبارك أولادهن فمنعهن التلاميذ. والصورة تري ولدًا من الأولاد متشبثًا بأمه وكأنه يطلب حمايتها من زجر التلاميذ، ولكنه يتطلع  إلى  المسيح الوديع الجذاب. لم يستجب المسيح لطلب التلاميذ بل خضع لأفكار الصغار والنساء الفقيرات فعزى قلوب الجميع.
هاتوا له التاجَ الذي    جلّ عن المثل
وتوّجـــوه وحــــده        ربًّا على الكل

المجموعة: تشرين الأول October 2013

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

222 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10476295