Voice of Preaching the Gospel

vopg

كانون الأول December 2014

manis80x121هل يترنم العالم هذا العام بترنيمة السلام: "على الأرض السلام وبالناس المسرة"؟
الحقيقة أنه لا شيء في العالم، لا حرب، ولا قطع أعناق، ولا ضيق، ولا كرب، ولا تشرّد، ولا غلاء، ولا وباء، يقدر أن يغيّر من جوهر الحق في رسالة الميلاد، وهي أن الكلمة الإلهي جاء من علياء السماء ليتخذ جسد إنسان بشري، فاستطاع البشر أن يروا الله أقرب إلى خلائقه مما كانوا يرون من قبل.


ونحن المسيحيون، نحيط الميلاد بأشياء قد تبدو بعيدة عن الجوهر، مع أن قصة الميلاد تحدثنا عن رعاة تلقّوا رسالة من جوقة سماوية، عن نجم هادٍ يسبح في فلك السماء، سار على هداه قوم من حكماء المشرق. ونحن ننشد في كنائسنا ترانيم محببة ورثناها عن السلف الصالح. كل هذا من تراثنا المسيحي الذي نعتزّ به، لكن يجب ألا ننسى حقيقة المسيح ذاته، علينا أن نذكر أن من وراء هذه المظاهر تقف حقيقة التجسد الرائعة، فقد أزال الله الحجاب الذي يفصل الإنسان عن صانعه، وبدأ المسيح رحلته ليخلّص ما قد هلك. هذا هو المعنى الجوهري في الميلاد.
منذ البدء والسماء تتأهب لخلاص البشرية الساقطة. وقد انقضى نحو عشرين قرنًا بعد حادث الميلاد، ولا يزال الله يعمل لإنقاذ البشر. إن رسالة المسيح هي رسالة الرجاء والإيمان والثقة التي لا حدّ لها بالله وبالمستقبل.
وأنت يا عزيزي القارئ، إن أشدّ ما تحتاج إليه في هذا العام هو رسالة الميلاد. إذا اضطربت روحك، أو خارت عزيمتك، أو أدركك بعض الشك في حق الله، فهيا إلى المذود لترى المسيح بقلب ملؤه الإيمان والرجاء والمحبة.
كان مجيء المسيح إلى العالم، كما كانت حياته وموته وقيامته، مثلًا إلهيًا أعلى. وقصة حياة المسيح هي قصة مثالية عُليا تعمّر قلوبنا بالإيمان والرجاء والمحبة، فلتغتسل روحك ولتغذِّ نفسك وحياتك بالرسالة الرائعة: "ها أنا أبشركم بفرح عظيم" فيعمّ سلام الله قلبك بالرغم من كل الظروف.
يوم جاء المسيح إلى أرضنا منذ نحو عشرين قرنًا، أشرق على العالم عصر جديد كان قد بشّر به أنبياء التوراة، وحلم به أتقياء الله. آمن الناس أن العالم القديم، عالم القوة والخوف والكبرياء والنهم، سيزول إلى غير رجعة. تنتهي أيامه العجاف ويبزغ على الكون فجر عصر جديد يكون الله فيه ملكًا على الكون. قال الناس إن هذا العصر سيكون ملكوت الله على الأرض، لهذا نادى يوحنا المعمدان في البرية أنه يمهد الطريق أمام الملك القادم. وعندما نتأمل في حالنا اليوم ونقارنه بحال العالم القديم نرى أنه لم يحدث تغيير، فالعصر الذي نعيش فيه حافل بالمآسي، وما تزال الآلهة القديمة وآلهة الحرب والقتل والإجرام، والطمع، والمال، والقوة، والخوف، والكبرياء – متربّعة على عروشها.
على أن رسالة الميلاد تقول: إن يوم هذا كله قد انقضى، لأنه حُكم عليه منذ يوم الميلاد بالفناء والزوال. فيوم وُلد المسيح، حُكم على مثل هذا العالم بالموت. وقد يستغرق العالم القديم في موته حقبة طويلة من الزمن، لكنه مائت حتمًا، ولا يمكن أن يفلت من هذه الدينونة ما بقي متعلّقًا بأساليبه القديمة وحياته القديمة. إن الله قاض عادل، طويل الأناة، صبور. والله صبور في الخلق، وصبور في الفداء، وصبور مع البشر. لقد خلق الله الإنسان على صورته، وكان يريد أن يصنع من خليقته إنسانًا يحبه، فخلق الإنسان وحباه بعقل وإرادة، وصنعه على شبَهه، ولكن الإنسان ضلّ وابتعد عن الله. وأخيرًا، وفي ملء الزمن ظهر المسيح على مسرح التاريخ، واستطاع أن يقول: "من رآني فقد رأى الآب". وفي ليلة الميلاد تكلّلت بالمجد والبهاء ملايين السنين التي مضت قبل الميلاد، وظهر للبشر رئيس الحياة، يقيم الموتى، ويفتح أعين العميان، ويبرئ الأكمه، ويمنح الشفاء للمرضى لأنه رئيس الحياة. وفي ليلة الميلاد أُذيع حلول ملكوت الله على الأرض، وحُكم بالإدانة على كل الشرور والآثام التي ارتكبتها البشرية الساقطة. من تلك الليلة يسير ملكوت الله على الأرض ببطء، لأن الله صبور، طويل الروح وكثير الأناة، فمن تدبير الإله الأزلي أن تنقضي السنوات الطويلة قبل أن يكتمل ملكوت الله على الأرض. إن طواحين الله تطحن ببطء، لكنها تطحن طحنًا دقيقًا محكمًا. ولا يليق بالعاملين مع الله، في سبيل تحقيق هذا الملكوت أن يحزنوا أو ييأسوا. وعلى الذين يسخرون من عدم إتيان ملكوت الله على العالم أن يصبروا وأن ينتظروا، فلا بد أن يحقق الله قصده العظيم.
لكن، ما هذا العصر الجديد، ملكوت الله على الأرض؟
إن الكلمة الوحيدة التي تعبّر عنه هي المحبة. وإن كان قد كثر استعمال هذه الكلمة في مناسبات كثيرة حتى أصبحت رخيصة عاطلة عن المعنى. لكننا نرى معناها مجسّمًا في مذود بيت لحم وما أحاط به من أحداث، وفي أقوال الرب يسوع المسيح وأعماله، وفي صليبه وآلامه، وفي اتضاعه وعنايته بالناس.
من باب ضيّق متواضع جاء المسيح إلى عالمنا ليخلص البشر وليقودهم إلى عالم جديد أفضل، لأنه جاء في اتضاع يُخجل كبرياءنا. ولم يقدر إنسان على الوقوف أمام مذود بيت لحم دون أن يجثو على ركبتيه رهبة وخشوعًا أمام هذا التواضع العظيم.
وحين تسجد يا عزيزي القارئ أمام وليد بيت لحم، تشعر أن حظيرة الماشية التي وُلد فيها هي المدخل إلى عالم يصير لك جديدًا. إن المسيح قد "أخلى نفسه آخذًا صورة عبد"، هذا هو الباب إلى ملكوت الله. فعليك أن تستعبد نفسك لله وأن تخضع له، وإذ ذاك تصبح حرًّا، فتختبر في حياتك رسالة الملائكة للبشر ليلة الميلاد: “وبالناس المسرّة”.

المجموعة: كانون الأول December 2014

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

193 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10472661