أخطأ أبوينا الأولين آدم وحواء وخالفا وصية الله وأكلا من الشجرة المنهى عنها. هناك حقيقتان هامتان يجب أن نأخذهما بعين الاعتبار:
الحقيقة الأولى أن الله قدوس ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتساهل مع الخطية.

والحقيقة الثانية أن الإنسان لا يصلح أن يكفّر عن خطاياه ولا عن خطايا غيره. ومن هنا جاءت الخطة الإلهية أن يتجسد المسيح آخذًا طبيعة بشرية مع طبيعته الإلهية حتى يتسنى له أن يمسك بيد الآب وبيد الإنسان ويصالحهما معًا. ونفذ الله خطته عندما جاء ملء الزمان كما تقول كلمة الرب، "ولما جاء ملء الزمان، أرسل الله ابنه مولودًا من امرأة مولودًا تحت الناموس ليفتدي الذين هم تحت الناموس لننال التبني"، واختار الرب مريم العذراء الطهور وولد منها. وعندما ولدته أسمته يسوع... ولي معكم ثلاث كلمات:

أولًا: سر مجيد

تقول كلمة الرب: "في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله. هذا كان في البدء عند الله... والكلمة صار جسدًا وحلّ بيننا، ورأينا مجده، مجدًا كما لوحيد من الآب، مملوءًا نعمة وحقًّا". يا له من سر مجيد تحدث عنه الرسول بولس فقال: "عظيم هو سر التقوى: الله ظهر في الجسد". وكم تهز أعماقي الكلمات الرائعة التي تحدث بها الرسول بولس: "الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلًا ِللهِ. لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ".
وقد مهّد الرب الطريق للتجسد بتقديم نبوات كثيرة جدًا. أقول على سبيل المثال:
"نسل المرأة يسحق رأس الحية".
"ها العذراء تحبل وتلد ابنًا وتدعو اسمه عمانوئيل".
"يولد لنا ولد ونُعطى ابنًا، وتكون الرياسة على كتفه، ويُدعى اسمه عجيبًا، مشيرًا، إلهًا قديرًا، أبًا أبديًّا، رئيس السلام". هذا السر أدهش ملائكة السماء، وأدهش الأرض، وأدهش الشياطين كيف أن الرب يترك أمجاد السماء لينزل إلى الأرض التي ضربتها اللعنة.

ثانيًا: اسم فريد

"وتدعو اسمه يسوع"... إنه اسم فوق كل الأسماء:
 فوق الأسماء الملائكية: "صائرًا أعظم من الملائكة بمقدار ما ورث اسمًا أفضل منهم".
فوق الأسماء البشرية: "وأعطاه اسمًا فوق كل اسم".
هذا الاسم غالٍ وعزيز. عرف مقداره سليمان الحكيم فقال: "اسم الرب برج حصين يركض إليه الصديق ويتمنّع".
وعرفت عروس النشيد قيمته فقالت: "اسمك دهن مهراق لذلك أحبتك العذارى". هذا الاسم الذي بدونه لا نقدر أن نخلص، وبدونه لا نجرؤ على الاقتراب إلى الله، وبدونه لا تُستجاب صلواتنا، وبدونه لا نتمتّع بالحماية، وبدونه لا يمكننا أن نحصل على الامتلاء بالروح القدس، وبدونه لا شفاء من أمراضنا الروحية والجسدية... بهذا الاسم يمكننا إحراز انتصارات رائعة مهما كانت قوة أعدائنا.
وقف داود الغلام الصغير أمام جليات المارد الجبار وقال له: "أنت تأتي إليّ بسيف وبرمح وبترس، وأنا آتي إليك باسم رب الجنود" فحقق بذلك أعظم وأغرب الانتصارات.

ثالثًا: خلاص أكيد

"وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم".
تقول كلمة الرب: "وَلَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ الْخَلاَصُ. لأَنْ لَيْسَ اسْمٌ آخَرُ تَحْتَ السَّمَاءِ، قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ النَّاسِ، بِهِ يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ". قوة هذا الاسم لا تخلِّص جزءًا من خطايانا فقط بل من كل خطايانا! "فَمِنْ ثَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَ أَيْضًا إِلَى التَّمَامِ الَّذِينَ يَتَقَدَّمُونَ بِهِ إِلَى اللهِ، إِذْ هُوَ حَيٌّ فِي كُلِّ حِينٍ لِيَشْفَعَ فِيهِم".
في عظة بطرس استخدم هذا الاسم عندما قال: "ويكون كل من يدعو باسم الرب يخلص". فخلص 3000 نفسًا في ذلك الوقت.
تعجبني كلمات الرسول يوحنا: "وَآيَاتٍ أُخَرَ كَثِيرَةً صَنَعَ يَسُوعُ قُدَّامَ تَلاَمِيذِهِ لَمْ تُكْتَبْ فِي هذَا الْكِتَابِ. وَأَمَّا هذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ، وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِاسْمِهِ".
إن هذا الاسم لا يخلصنا من خطايانا فقط بل من مشاكلنا الصحية المزمنة. كان المُقعد الذي وُضع أمام باب الهيكل متطلّعًا إلى بطرس ويوحنا منتظرًا أن يأخذ منهما صدقة، ولكن قال له بطرس: انظر إلينا. ثم قال: "ليس لي فضة ولا ذهب، ولكن الذي لي فإياه أعطيك: باسم يسوع الناصري قم وامش. وأمسكه بيده اليمنى وأقامه، ففي الحال تشددت رجلاه وكعباه، فوثب ووقف وصار يمشي، ودخل معهما إلى الهيكل وهو يمشي ويطفر ويسبّح الله" (أعمال 6:3-8).
يا لعظمة وروعة هذا الاسم وقوته! إنه البرج الحصين الذي يركض إليه الصدّيق ويتمنّع.

• السابق
• التالي