كانون الأول December 2014
إذ يستعد العالم للاحتفال بميلاد الرب يسوع المسيح، تختلف أشكال الاحتفالات من بلد إلى بلد، ومن بيت إلى بيت، كلٌّ على طريقته وحسب إمكانياته. قد يشترون هدايا للأطفال، ويزيّنون البيوت، ويتبادلون الزيارات والتهاني... كل هذه هي أمور شكلية وخارجية. لكن يا ترى، ما الذي يُسعد السماء ويمجد المسيح في يوم ميلاده؟ ما هو العمل الحقيقي الذي يجب أن نقوم به حتى نعيش ونتمم هدف ميلاد المسيح في عالمنا؟ هذا ما سنتأمل فيه معًا:
1- ولُد المسيح ليخلص الخاطئ، فهل تمتعت بالخلاص؟
قال الملاك ليوسف في متى 21:1 "وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم". عندما نتذكر ميلاد المسيح، فإن أعظم إكرام وتمجيد له هو أن نقبله مخلصًا لحياتنا. كم من سنين مضت، ونحن نحتفل بميلاد المخلص، دون أن نختبر الخلاص، ونحيا حياة التوبة، ونترك خطايانا وعاداتنا الشريرة؟ فالمسيح والسماء يفرحان بخاطئ واحد يتوب أكثر من تسعة وتسعين بيت مزين بأشجار الميلاد والهدايا والأطعمة الشهية. صلاتي إليك يا من تقرأ هذه الكلمات، هي أن تكون ذكرى ميلاد المسيح هذه السنة بداية جديدة لك، وهي أن يولد المسيح في قلبك وحياتك وأسرتك بالإيمان، فتختبر فرحًا عظيمًا كما اختبره الرعاة عندما قال لهم الملاك "فها أنا أبشركم بفرح عظيم" (لوقا 10:2). فرح كهذا، هو أعظم بكثير من كل أفراح العالم. فافتح قلبك الآن للرب يسوع واطلب منه قائلًا:
ربى يسوع، ارحمني واستلم كل حياتي، توّبني فأتوب، لكي تولد اليوم في حياتي ويولد معك كل الفرح والخلاص، آمين.
2- وُلد المسيح ليعلّم المحبة، فهل أنت تحب الذين هم من حولك؟
لا ولن نجد شخصًا عاش المحبة، وعلمها مثل المسيح الذي قال: "ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه" (يوحنا 13:15). وقال أيضًا: "أحبوا أعداءكم. باركوا لاعنيكم. وأحسنوا إلى مبغضيكم" (متى 44:5). إذا أحببنا الجميع، حتى الأعداء، سنتمتع ببركات الميلاد أكثر من أي أمور أخرى. لكن، عندما نحتفل بالميلاد مجرّدًا من المحبة بعضنا لبعض فإن هذا أمر لا يرضي الرب. تعالوا هذه السنة نعيش الميلاد الحقيقي بولادة المسيح - المحبة الحقيقية - وسنرى العالم يتحوّل إلى سماء على الأرض! ولكي يسود الحب، ابدأ الآن بنفسك بأن تحب كل من حولك، في بيتك، وعملك، ومدينتك. عش المسيح الذي أحب كل الناس، وسترى الفرح والسعادة يملآن القلب والبيت ليس فقط بأشجار الميلاد بل بثمر الروح محبة فرح سلام.
3- ولُد المسيح ليغفر لصالبيه وقاتليه، فهل تغفر لمن أساء إليك؟
قال الرب يسوع على الصليب: "يا أبتاه، اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون" (لوقا 34:23). دعا بذلك لمن أهانوه، وجرحوه، ووضعوا إكليل الشوك على رأسه. نطق بها صافحًا عن الذين استهزأوا به... رغم هذا، ما زال يغفر لكل خاطئ يتوب. قد تقول لي: أنت لا تعلم ماذا فعل بي ذلك الشخص، أو ماذا قال لي... وتكون الإساءة صعبة ولا تستطيع أن تنساها... ولُد المسيح ليكون مثالًا ومعينًا لنا حتى نغفر. وإن كان قد غفر لك الكثير كما هو مكتوب عنه في كولوسي 13:3 "كما غفر لكم المسيح كذلك أنتم أيضًا"، فلماذا لا نغفر نحن أيضًا بعضنا لبعض؟ ولُد المسيح لينزع منا مرارة عدم الغفران، والرغبة في الانتقام. ولُد ليعطي شفاء لمن أساء في الماضي، انظر إليه وهو يغفر، وتذكّر كم غفر لك، واغفر لمن حولك. كم من بيوت دمرها إبليس لأنها لم تغفر لمن أساء إليها؟ أعظم بركة ننالها اليوم من ميلاد المسيح هي أن نعيش الغفران فتتبدّل الأحزان ونعيش أفراح الميلاد.
4- ولُد المسيح ليعطي السلام، فهل تمتعت به؟
مكتوب عن المسيح في النبوءة عن مولده في إشعياء 6:9 "ويُدعى اسمه عجيبًا، مشيرًا، إلهًا قديرًا، أبًا أبديًا، رئيس السلام”. أي بمعنى مصدر السلام، ومعطي السلام. وهو أيضًا قال لتلاميذه: "سلامًا أترك لكم، سلامي أعطيكم" (يوحنا 27:14).
يعيش العالم في خوف وقلق، ولا يعرف معنى السلام لأن الرب يسوع المسيح ليس في حساباتهم، ولا يطيع العالم تعاليم رئيس السلام، وسيظل الإنسان في خوف وعدم أمان إلى أن يأتي إلى الرب الذي قال: "لا تضطرب قلوبكم". فالعالم بما فيه من تقلبات، والإنسان بما فيه من خطية يمنعانه من أن يختبر السلام والأمان. لكن، عندما نتبرر بدم المسيح وغفرانه وخلاصه يتم فينا المكتوب: "فإذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح" (رومية 1:5).
لقد ترنمت الملائكة: "المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرة". هذه هي ترنيمة الميلاد: السلام، والفرح، والخلاص، والغفران، والأمان. ليساعدنا الرب يسوع أن يكون هذا الميلاد ميلادًا تاريخيًا في حياتنا كما كان في يوم من الأيام عندما غيّر المسيح بميلاده تاريخ البشرية. فلنعطه اليوم الحياة، والقلب، والبيت، والعمل، والأولاد، ونصلي قائلين:
"ربي يسوع المسيح، يا من وُلدت لأجلي، اسكن الآن في قلبي، وبدمك خلصني وطهرني من كل ذنبي، وزد حبي حتى إلى عدوّي، وارفع عني كل خوفي، وضع سلامك في بيتي، وفكري حتى أغفر للجميع فتُشفى كل نفسي، آمين.