Voice of Preaching the Gospel

vopg

أيار May 2014

Labibتشغل الناحية العملية في حياة المؤمنين حيّزًا كبيرًا من رسائل الرسل، وقد قصد الروح القدس أن يحثّ المؤمنين بالرب يسوع المسيح على أن يعيشوا حياة القداسة العملية، فكتب بطرس الرسول إلى المتغربين من شتات بنتس وغلاطية وكبدوكية وبيثينية المختارين بمقتضى علم الله الآب السابق قائلاً: "كَأَوْلاَدِ الطَّاعَةِ، لاَ تُشَاكِلُوا شَهَوَاتِكُمُ السَّابِقَةَ فِي جَهَالَتِكُمْ، بَلْ نَظِيرَ الْقُدُّوسِ الَّذِي دَعَاكُمْ، كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا قِدِّيسِينَ فِي كُلِّ سِيرَةٍ. لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: كُونُوا قِدِّيسِينَ لأَنِّي أَنَا قُدُّوسٌ" (1بطرس 14:1-16).

وعلينا أن نذكر هنا أن جميع المؤمنين بالرب يسوع المسيح يُدعَون "قديسين". فلقب قديس، أو قديسة ليس من سلطة أي إنسان في هذا العالم أن يمنحه لأحد، بل هو لقب مُعطى من الرب لجميع المؤمنين بيسوع المسيح ابن الله، الذي صُلب وقام. وتؤكد السطور الأولى من الرسائل التي أرسلها بولس الرسول إلى الكنائس هذا الحق.

  • ففي رسالته إلى أهل رومية يقول: "بولس، عبد ليسوع المسيح، المدعو رسولاً... إلى جميع الموجودين في رومية، أحباء الله، مدعوّين قديسين" (رومية 1:1 و7).
  • وفي رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس يقول: "بولس، المدعو رسولاً ليسوع المسيح... إلى كنيسة الله التي في كورنثوس، المقدسين في المسيح يسوع، المدعوّين قديسين" (1كورنثوس 1:1-2).
  • وفي رسالته إلى أهل أفسس يقول: "بولس، رسول يسوع المسيح بمشيئة الله، إلى القديسين الذين في أفسس" (أفسس 1:1).
  • وفي رسالته إلى أهل فيلبي يقول: "بولس وتيموثاوس عبدا يسوع المسيح، إلى جميع القديسين في المسيح يسوع، الذين في فيلبي" (فيلبي 1:1).
  • وفي رسالته إلى أهل كولوسي يقول: "بولس، رسول يسوع المسيح... إلى القديسين في كولوسي" (كولوسي 1:1-2).

صار واضحًا أن كل مؤمن حقيقي بيسوع المسيح ابن الله الذي صُلب وقام هو قديس بغير حاجة إلى إعلان أحد عن قداسته.

لقب "قديس" هو مقام كل مؤمن حقيقي بيسوع المسيح، ولهؤلاء القديسين يقول الرب: "كونوا قديسين لأني أنا قدوس"، وهذا يعني: ترجمة مقام المؤمن القديس إلى حالة عملية عليه أن يعيشها، أي أن يعيش حياة القداسة.

معنى القداسة

القداسة لها ناحيتان:

ناحية سلبية وناحية إيجابية.

أما الناحية السلبية فتعني إخراج كل ما هو نجس من حياتنا.

جمع الملك حزقيا في وقت ملكه الكهنة واللاويين "وقال لهم: اسمعوا لي أيها اللاويون. تقدّسوا الآن وقدّسوا بيت الرب إله آبائكم، وأخرجوا النجاسة من القدس... فقام اللاويون... وأخرجوا كل النجاسة التي وجدوها في هيكل الرب" (2أخبار 5:29 و12 و16).

  • فالقداسة تعني إخراج كل ما هو نجس من حياتنا، وعلى الأخص في العلاقات الجنسية "لأن هذه هي إرادة الله قداستكم: أن تمتنعوا عن الزنا، أن يعرف كل واحد أن يقتني إناءه (زوجته) بقداسة وكرامة، لا في هوى شهوة كالأمم الذين لا يعرفون الله. أن لا يتطاول أحد ويطمع على أخيه في هذا الأمر، لأن الرب منتقم لهذه كلها... لأن الله لم يدْعنا للنجاسة بل في القداسة" (1تسالونيكي 3:4-7).
  • في الناحية السلبية كذلك تعني القداسة الاعتزال عن غير المؤمنين

"لا تَكُونُوا تَحْتَ نِيرٍ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لأَنَّهُ أَيَّةُ خِلْطَةٍ لِلْبِرِّ وَالإِثْمِ؟ وَأَيَّةُ شَرِكَةٍ لِلنُّورِ مَعَ الظُّلْمَةِ؟ وَأَيُّ اتِّفَاق لِلْمَسِيحِ مَعَ بَلِيعَالَ؟ وَأَيُّ نَصِيبٍ لِلْمُؤْمِنِ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِ؟ وَأَيَّةُ مُوَافَقَةٍ لِهَيْكَلِ اللهِ مَعَ الأَوْثَانِ؟ فَإِنَّكُمْ أَنْتُمْ هَيْكَلُ اللهِ الْحَيِّ، كَمَا قَالَ اللهُ: إِنِّي سَأَسْكُنُ فِيهِمْ وَأَسِيرُ بَيْنَهُمْ، وَأَكُونُ لَهُمْ إِلهًا، وَهُمْ يَكُونُونَ لِي شَعْبًا. لِذلِكَ اخْرُجُوا مِنْ وَسْطِهِمْ وَاعْتَزِلُوا، يَقُولُ الرَّبُّ. وَلاَ تَمَسُّوا نَجِسًا فَأَقْبَلَكُمْ، وَأَكُونَ لَكُمْ أَبًا، وَأَنْتُمْ تَكُونُونَ لِي بَنِينَ وَبَنَاتٍ، يَقُولُ الرَّبُّ، الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ" (2كورنثوس 14:6-18). وهذه الآيات المنيرة تعني، أنه لا يجوز للمؤمن القديس أن يضع نفسه تحت التزام

  • في العلاقة الزوجية، أي لا يجوز للمؤمن أن يتزوج فتاة غير مؤمنة، كما لا يجوز للمؤمنة أن تتزوج رجلاً غير مؤمن.
  • وفي الارتباطات المالية، فلا يجوز للمؤمن أن يدخل في شركة تجارية مع غير المؤمن.
  • وفي العلاقات الاجتماعية، فلا يجوز للمؤمن أو المؤمنة الارتباط بصداقات حميمة مع غير المؤمنين.

ونضيف إلى الناحية السلبية ناحية تطهير الذات، "فإذ لنا هذه المواعيد أيها الأحباء لنطهّر ذواتنا من كل دنس الجسد والروح، مكمّلين القداسة في خوف الله" (2كورنثوس 1:7).

في هذه الآية نجد نوعين من الدنس: دنس الجسد، ودنس الروح. ودنس الجسد هو الخطايا التي تدنّس الجسد كالسكْر، والدعارة، والمخدرات... ودنس الروح هو الخطايا التي تدنس الروح مثل الكبرياء، والحقد، والمكر، وعبادة الأصنام... ويطالبنا الرب بتطهير ذواتنا من كل دنس الجسد والروح لنعيش حياة القداسة الكاملة، وذلك بسرعة اعترافنا له بهذه الأدناس بمجرد اكتشافها في حياتنا. "إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل، حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم" (1يوحنا 9:1).

وصلنا الآن إلى الناحية الإيجابية وهي تعني مسؤوليتنا لنعيش حياة القداسة العملية.

  • وأول خطوة في مسؤوليتنا تستلزم عملية حسابية، قال عنها بولس الرسول للقديسين في رومية: "كذلك أنتم أيضًا احسبوا أنفسكم أمواتًا عن الخطية، ولكن أحياء لله بالمسيح يسوع ربنا" (رومية 11:6). فاحسب يدك، وعينك، وكل حواسك الجسدية ميتة عن الخطية، وفي ذات الوقت احسب نفسك حيًا، تفعل ما يريده الله منك بطاعة وسرور.
  • والخطوة الثانية في مسؤوليتنا هي خطوة المبادلة، "ولا تقدموا أعضاءكم آلات إثم للخطية، بل قدموا ذواتكم لله كأحياء من الأموات وأعضاءكم آلات بر لله" (رومية 13:6). فاستخدم أعضاءك آلات بر لله بدلاً من استخدامها آلات إثم للخطية. هذه مبادلة مباركة.
  • الخطوة الثالثة في مسؤوليتنا هي التطبيق العملي لصليب المسيح في حياتنا وسلوكنا.

اعتبر نفسك مصلوبًا مع المسيح، كان هذا هو شعار بولس الرسول "مع المسيح صُلبت، فأحيا لا أنا، بل المسيح يحيا فيّ. فما أحياه الآن في الجسد، فإنما أحياه في الإيمان، إيمان ابن الله، الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي" (غلاطية 20:2).

انتهت حياة "الأنا" وأخذ مكانها المسيح، لأنها صُلبت مع المسيح. وبانتهاء حياة "الأنا" يظهر المسيح بكمالاته في حياتنا.

  • اعتبر جسدك مصلوبًا مع المسيح. "ولكن الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات" (غلاطية 24:5).

ويعني صلب الجسد، صلب كل أعمال الجسد التي قال عنها بولس الرسول: "وأعمال الجسد ظاهرة، التي هي: زنىً عهارة نجاسة دعارة عبادة الأوثان سحر عداوة خصام غيرة سخط تحزّب شقاق بدعة حسد قتل سكر بطر (عربدة)، وأمثال هذه التي أسبق فأقول لكم عنها كما سبقت فقلت أيضًا: إن الذين يفعلون مثل هذه لا يرثون ملكوت الله" (غلاطية 19:5-21).

  • بعد صلب الجسد، يأتي السلوك بالروح. "وإنما أقول: اسلكوا بالروح فلا تُكمّلوا شهوة الجسد" (غلاطية 16:5). وحين نسلك بالروح يظهر في حياتنا ثمر الروح. "وأما ثمر الروح فهو: محبة فرح سلام (في دائرة العلاقة بالرب)، طول أناة لطف صلاح (في دائرة العلاقة بالناس)، إيمان وداعة تعفف (في دائرة الحياة الشخصية)" (غلاطية 22:5-23).

وحين نسلك بالروح فهذا يعني أننا نعيش حياة القداسة العملية.

  • اعتبر العالم مصلوبًا أمامك وأنت مصلوب أمامه. هذا ما قاله بولس الرسول: "وأما من جهتي، فحاشا لي أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح، الذي به قد صُلب العالم لي وأنا للعالم" (غلاطية 14:6).

ما الذي نجده في العالم؟

"كل ما في العالم: شهوة الجسد، وشهوة العيون، وتعظم المعيشة، ليس من الآب بل من العالم. والعالم يمضي وشهوته، وأما الذي يصنع مشيئة الله فيثبت إلى الأبد" (1يوحنا 16:2-17). وعلى صليب المسيح صُلب العالم بالنسبة للمؤمن القديس. وأي جاذبية في عالم مصلوب تسيل دماؤه ويقترب من نهايته؟

يقول بطرس الرسول:

"ولكن سيأتي كلص في الليل، يوم الرب الذي فيه تزول السماوات بضجيج، وتنحل العناصر محترقة، وتحترق الأرض والمصنوعات التي فيها. فبما أن هذه كلها تنحلّ، أي أناس يجب أن تكونوا أنتم في سيرة مقدسة وتقوى؟ منتظرين وطالبين سرعة مجيء يوم الرب، الذي به تنحلّ السماوات ملتهبة، والعناصر محترقة تذوب. ولكننا بحسب وعده ننتظر سماوات جديدة، وأرضًا جديدة يسكن فيها البر".

(2بطرس 10:3-13)

حين نعرف نهاية هذا العالم، وانحلال عناصره، واحتراق المصنوعات التي فيه، سنغسل أيدينا تمامًا من عبادة الماديات، والأمور الوقتية ونعيش للأمور الأبدية، "ونحن غير ناظرين إلى الأشياء التي تُرى، بل إلى التي لا تُرى. لأن التي تُرى وقتية، وأما التي لا تُرى فأبدية" (2كورنثوس 18:4)، وهكذا نعيش حياة القداسة العملية.

في الأربعينات، كانت منابر الكنائس تنادي بحياة القداسة، وكان المؤمنون يتوقون لحياة القداسة، لكننا في هذا العصر الذي يعبد الكثيرون فيه الجنس والمال، غابت عن الكثيرين حياة القداسة، ومن هنا فقد الكثيرون فرح الرب، والسلام الذي يفوق كل عقل، ويحفظ قلوبهم وأفكارهم في المسيح يسوع.

وفي ختام هذه الرسالة أقترح على الزملاء الذين ينظمون مؤتمرات سنوية أن يخصصوا بعض هذه المؤتمرات لدراسة وتطبيق القداسة في الحياة العملية.

وليتنا كمؤمنين قديسين نسعى بأن يكون حالنا كمقامنا ونكون بقوة الروح القدس قديسين في كل سيرة، ونطرح بعيدًا كل ما يحرمنا الفرح والسلام من أمور هذا العالم الزائل.

المجموعة: أيار May 2014

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

243 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
11576948