حزيران June 2014
سألني أحد الشباب في مؤتمر دعيت إليه عن تعريف الحب. فأجبته بكلمة واحدة: الالتزام. المشاعر تتفاوت بناء على عوامل كثيرة، لكن الالتزام ثابت يجب ألا يقاد بالعواطف. عندما ارتبطت بزوجتي الغالية سهى، التزمت بمحبتها واحترامها والعيش معها في ظروف الحياة جميعها. في السرّاء وفي الضرّاء، في الصحة والمرض وهكذا. فأية علاقة تكون لو أحببتها في الصحة فقط وتركتها وقت المرض؟ ما هو الالتزام الحقيقي الذي أبداه يسوع المسيح تجاه الكنيسة؟
أوضح بولس الرسول هذا المبدأ الكتابي بلغة سامية فاقت معانيها الأوصاف إذ قال: "أَيُّهَا الرِّجَالُ، أَحِبُّوا نِسَاءَكُمْ كَمَا أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضًا الْكَنِيسَةَ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا" (أفسس 25:5). التزاماتنا في العلاقات بشكل عام ينبغي أن تتبنّى نموذج التزام المسيح بالكنيسة إذ لم يظهر استعداده للتضحية فحسب، بل مات من أجلها (أنا وأنت). فإن لم تصل إلى قناعة مطلقة بأنك تستطيع أن تقدّم محبة من هذا الطراز، فلماذا تباشر في بناء علاقات جديدة؟ ولماذا ترتبط؟ ولماذا تتزوج أصلاً؟ الله خلقنا لنكون في علاقة. أنت وأنا مخلوقات علاقاتية في الدرجة الأولى. وصلاتي هذه اليوم أن تبني كل علاقاتك على هذا المبدأ الأساسي: الالتزام.
الالتزام في علاقة يكمن في تكريس الوقت وتقديم الانتباه والجهد لها. عندما جاء الشاب الغني إلى يسوع (مرقس 17:10-23) سائلًا إياه عن الحياة الأبدية، واجهه يسوع بإجابة لم يتوقعها: "يُعْوِزُكَ شَيْءٌ وَاحِدٌ". هناك أشخاص كثيرون أعرفهم يعوزهم شيء واحد فقط لتحقيق خدمة مميّزة وللتفوّق في مجالات روحية أو غير روحية. والسؤال الذي يطرح نفسه، ما الشيء "الواحد" الذي يعوزك لتصيب الهدف؟ دعني أخبرك ما هو، إنه الالتزام. فإن كنت زوجًا ملتزمًا لبنيت أسرة متكاملة. وإن كنتِ أمًّا ملتزمة لخرّجت جيلاً واعدًا، وإن كنت خادمًا للإنجيل ملتزمًا لأحرزت تقدّمًا في سعيك الكرازي والتلمذي. الالتزام هو التمسّك بما تعهّدت وتُحمَّل مسؤوليته. لا يفي التصريح بالكلام عمّا في دائرة اهتمامك لأن الكلام لا يبرهن الواقع في أحيان كثيرة. فالشاب الغني أعلن أنه ملتزم بوصايا الله لكنه في حقيقة الأمر لا يعيش بموجبها. فمركز اهتمامه كان في مقتنياته. وعندما وُضع على المحكّ فضّلها على السير مع يسوع. أن تتبع يسوع هو أن تلتزم بيسوع أولاً، ولا يتعارض الاحتفاظ بمقتنياتك وتسخيرها لخدمة الإنجيل فيما بعد. "بَلِ اطْلُبُوا مَلَكُوتَ اللهِ، وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ" (لوقا 31:12).
الالتزام يمنحنا حياة أفضل... كيف؟
الالتزام يبسّط حياتنا: على سبيل المثال، ربما لم تلتزم بعد بالذهاب إلى كنيسة معيّنة. فيأتي يوم السبت وتجد نفسك متسائلاً: هل أذهب غدًا إلى الكنيسة أم أبقى في البيت؟ عندما تأخذ قرار التزام في هذا الأمر، أنت توفّر على نفسك المجهود في اتخاذ هذا القرار كل مرة يُطرح فيه السؤال عينه. وهذا ينطبق على كل قراراتك الصغيرة التي تستنزف الفكر والطاقة وعدم الوضوح.
الالتزام يوضّح الأولويات: أكبر أولوية في حياتك تأخذ جوهر التزامك. الالتزام يمكّنك من ترتيب ما هو مهمّ وأهم في حياتك.
الالتزام يفصل بين الأمور المهمّة عن غيرها: سيفارق كل كائن بشري الحياة يومًا ما. هذا واقع لا مفرّ منه. ما الذي ستذكره وأنت على فراش الموت؟ هل هي الأشياء السخيفة التي استهلكت معظم وقتك، أم هو الوقت الذي قضيته مع الله ومع الأحبّاء؟
الالتزام يعطي قوة للتركيز: عندما تلتزم بعلاقة، أنت تجعلها مركز اهتمامك. ونتيجة لذلك ستنمو وستزدهر.
الالتزام يلهم الآخرين على الالتزام: أنت تمتلك القوة على التأثير في حياة الآخرين من خلال التزاماتك. لاحظ أنه كل الأشخاص الذين تتمثل بهم كقدوة، لديهم طاقة عالية من الالتزام بالمهنة، أو القضية، أو المذهب الذي ينتمون إليه. اجذب الآخرين للالتزام بملكوت الله.