حزيران June 2014
أخي أختي، يا من أسرعت إليك المخاوف، لتحط برحالها في سفينة حياتك، وقد وجد فيك الحزن ضالته المنشودة فاتّخذك مسكنًا له، وقد يكون السبب في حزنك هو حبيبًا لك تغرّب عن الجسد واستوطن عند الرب، أو مالاً وجدت فيه معتمدك فأصابتك الخسارة فيه، أو مركزًا سعيت إليه جاهدًا فولّى عنك هاربًا ليرتمي في أحضان غيرك، أو صديقًا وثقت فيه فرفع عليك عقبه، أو أولادًا حُرمت من إنجابهم، أو مرضًا ما كنت تخشاه فأصبح واقعًا أصابك وأصاب خيمتك، أو أي شيء آخر في بحر هذه الحياة؛ لذلك أحاط بك الهمّ المذيب ومن بين الحين والآخر تُحدّث نفسك الخائرة بما أصابك، وهكذا تحوّلتَ إلى مستودع يفتح أبوابه فقط ليستقبل الحزن والهم والقلق بعد أن كنت مستودعًا يملأه سلام الله.
أخي أختي، إن الرب إشفاقًا عليك يطالبك بأن تهدأ وتستريح وتكف عن تساؤلاتك التي كثرت وتشابكت داخل ذهنك فسببت لك أزمة أعاقت وصول كل الأفكار التي لخيرك من الله. عليك أن تعلم أيها المؤمن وأيتها المؤمنة الموجود في التجربة أن المجربين هم اللآلئ التي تزيّن خطة الإله الحكيم لجماعة المؤمنين إلى أن يصل بهم إلى المجد، وهناك نكون "للمدح والكرامة والمجد عند استعلان يسوع المسيح" (1بطرس 7:1). فأنت يا من في التجربة واحدًا من هؤلاء... أوَليس هذا كفيلاً بأن يجعلك تخر شاكرًا لأبيك السماوي على ما أنت فيه عالمًا أيضًا أن الرب خلف الغيمة وهو صاحب الأمر والنهي في كل ظروفك؟ "من ذا الذي يقول فيكون والرب لم يأمر؟" (مراثي 37:3). فإن كانت البلوى محرِقة، فمبدع الكون القدير يستخدمها كمادة خام يبدع فيها أعظم الروائع لخير وبركة نفسك. فقط ثق، وانتظر، واسمعه يقول لك: "لأن من عندي هذا الأمر" (1ملوك 24:12). فإن كان الآن الوقت وقت ضيق لك، لكنك بالتأكيد ستخلص منه ليعطيك الرب "آخرة ورجاء"، وذلك لأن كل أفكاره من نحوك أفكار سلام لا شر (إرميا 11:29).
أخي المجرب، أختي المجربة، توسلاتي أن تتحوّل عن الظروف التي تحيطك، وتثبّت عينيك على ذلك المجيد الرب يسوع المسيح الذي له كل المجد، الذي تألم قبلك مجرّبًا ليس في شيء نظيري ونظيرك بل في كل شيء، بل احتمل كل ما احتمله كل البشر بلا خطية لكنه الآن في قمة المجد لأجلك ولأجلي يرثي لنا وبقدرته يعيننا بل ويقودنا من وجه الضيق إلى رحب لا حصر فيه. ثق أن "الدعوى قدامه فاصبر له" (أيوب 14:35).
فلا تنسَ عزيزي القارئ أن حضور راعينا العظيم عندما وافى أرضنا، كان متكئًا على صدره واحد فقط ألا وهو يوحنا الحبيب، لكنه الآن جالس في قمة المجد كراعي الخراف العظيم، المُقام من الأموات بدم العهد الأبدي، فإن حضنه يسع كل أولاد الله.
فيا أيتها النفس المتعبة اهدئي، واعلمي أن راحتك فقط هي في حضن الرب يسوع المسيح، فلا تتركيه، بل ليكن هو مقرّك الدائم، وهو ليس ببعيد. ففي الكلمة الإلهية أجده، وفي عرش النعمة أجده، وفي الاجتماع إلى اسمه أجده، ومع إخوتي أعضاء الجسد الواحد أجده، وحتى إن سرت وحيدًا في وادي ظل الموت فهناك أيضًا أجده. قد يتركنا الأحباء والخلان، لكن يبقى لنا حضن المحب الألصق من الأخ. قد تنال منا التجارب، وتصل بنا البلوى المحرقة إلى منتهاها، لكن هناك حضن الراعي العظيم. ترقب يده القديرة مهيمنة بسلطانه الإلهي على كل مجريات الأمور، فتحوّل لنا الشر إلى ينبوع. "ونحن نعلم أن كل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبون الله" (رومية 28:8). بعد كل هذا، أليس حضن يسوع نصيبًا صالحًا للمؤمن؟ والشيء المغري أن أحدًا لن يقدر أن ينزعنا منه ولو كانت أبواب الجحيم.
فاهدئي يا نفسي واستريحي في حضن ذاك الحبيب، هنا وبطول الأبدية.