Voice of Preaching the Gospel

vopg

تموز/آب July/August 2014

الأخ منير فرج اللهذاع خبر يسوع في كل مكان، وكانت الجموع تتبعه أينما ذهب لتراه وتسمعه وتُشفى من الأمراض. ودخل كفرناحوم. بحثوا عنه وعرفوا أنه في بيت. اقتحموا المكان وتجمّعوا حوله وتزاحموا وامتلأ البيت داخله وخارجه. كل من أُتيح له حيز ضيّق جلس فيه محاصرًا وهو يخاطبهم بالكلمة. كان بين الحضور فريسيون ومعلمون أتوا من كل مكان من الجليل واليهودية وأورشليم.

وكان بالمدينة مفلوج مشلول يرقد على فراشه منذ زمن طويل وهو عاجز تمامًا عن الحركة. عاش مسجى على سريره لا يقوى أن يحرك يدًا أو رجلاً، فكل شيء فيه جامد، هامد ميت. أهل بيته وأصدقاؤه هم المتحكمون في حركته شاء ذلك أم أبى. يرفعونه ويضعونه حيث يريدون وحين يرغبون. أطرافه متدلية بلا حراك بجوار جسده كأنها ليست منه. كان يرى نظرات العطف في عيون من حوله، ويسمع عبارات الإشفاق تصدر منهم لما يرونه فيه من ضعف وعجز، لكنهم لم يكونوا يدرون ما يجري في داخله، ولو عرفوه لتفاقم اهتزاز مشاعرهم. فإن كان خارجه ميتًا لا يشعر أو يحس أو يتحرّك فإن داخله ظل صاحيًا وواعيًا يعاني ويتألم، وضميره ما برح نشطًا وحيًّا. كان يرقد ووجهه إلى أعلى ونظره يخترق سقف الحجرة ويصل إلى السماء الملبّدة بغيوم داكنة سوداء كأنها شاشة عرض سينمائي يجري عليها فيلم بشع، مشاهده الكئيبة تظهر بتفصيل ما اقترفه في حياته من جرائم ضد الناس، وتمرّد وتحدّ ضدّ الله ذاته. ويستمر العرض حتى وهو مغلق العينين. داخله يكتوي بنار الشعور بالذنب والندم ولا يهدأ الأتون نهارًا أو ليلاً.

في صباح يوم جاء أصدقاؤه الأربعة متهللي الوجوه وهم يزفّون إليه خبر وجود يسوع في منزل ببلدهم كفرناحوم. بشّروه أنه قادر أن يشفيه وقد شفى الكثيرين من أمراض متعددة مرات كثيرة. ودون أن ينتظروا منه ردًّا رفعوا سريره وهو عليه وأسرعوا به للخارج. رغم سعادته لخبر إمكانية شفائه إلا أن داخله كان ما يزال ينفث ألمًا دون توقّف. وصلوا إلى المنزل وكلّ ممسك بطرف من أطراف السرير يحملونه وعليه صديقهم.

اقتربوا من الباب فوجدوه مسدودًا بأجساد الجماهير الغفيرة التي تجمعت لتسمع يسوع وهو يتكلم داخل الدار. حاولوا اختراق السد البشري فقوبلوا بالصدّ والردّ. تحوّلوا وداروا حول المنزل بحثًا عن منفذٍ آخر فلم يجدوا. صعدوا إلى السطح بحثًا عن وسيلة يقدّمون فيها مريضهم إلى يسوع. أخذوا ينقبون السطح ويرفعون الأجرّ بحذر حتى لا ينهار المنزل ويسقط، ونجحوا في فتح ثغرة تسمح بنزول السرير منها. وقفوا حول الفتحة ودلّوا الفراش بالحبال وكلٌّ يمسك بطرف وينزلونه ببطء وحرص وتوازٍ دقيق حتى استقرّ في الوسط أمام يسوع دون أن يُصطدم بأحد الملتفّين حوله. نظر يسوع إلى أعلى ورأى وجوه الأصدقاء الأربعة ظاهرة من فتحة السقف وهي تعكس تصميمًا وإيمانًا وأملاً. حوّل نظره إلى المريض الذي يرقد على الفراش الذي استقر أمامه فرأى ملامحه تجسد مع الأمل ألمًا وعرف ما به من صراع داخله. مال نحوه واقترب بوجهه منه وقال بعطف:

-  ثق يا بني. مغفورة لك خطاياك.

فوجئ بالكلمات ورفع نظره إلى يسوع فرأى عينين واسعتين تشعان رحمة وشفقة وقوة وسلطانًا. وأحسّ وكأن سيلاً جارفًا ينهمر إلى داخله يغسل ويطهّر. همد البركان وانطفأ الأتون واختفى الألم وغمره شعور براحة وسلام. تركّز نظره على مصدر ذلك كله وتابعه وهو يقول للكتبة والفريسيين:

-  لماذا تفكرون بالشر في قلوبكم؟ أيُّما أيسر أن يُقال: مغفورة لك خطاياك، أم أن يُقال: قم وامشِ؟ ولكن لكي تعلموا أن لابن الإنسان سلطانًا على الأرض أن يغفر الخطايا.

ثم تحوّل إليه وقال:

-  قم. احمل فراشك واذهب إلى بيتك.

وارتجف جسده وانتفض واعتدل وقام ورفع الفراش إلى كتفيه واتخذ طريقه إلى الخارج والجميع يفسحون له وهم متعجبون يمجدون الله الذي أعطى يسوع سلطانًا لغفران الخطايا وشفاء الأجساد.

* * * * * *

تحضرني صورة للسائح المسيحي وهو يحمل على ظهره حملاً كبيرًا مربوطًا معلّقًا بإحكام بين كتفيه. كان يسير محنيًّا تحت ثقل ذلك الحمل أينما ذهب حتى وصل إلى جبل الجلجثة، وأخذ يتسلّق بجهد كبير، ثم وصل إلى الصليب، ووقف أسفله وإٕذا بربط الحمل تنحلّ وتتقطّع فيسقط متدحرجًا إلى أسفل الجبل. وقف السائح المسيحي وقد اعتدل عوده واستقام ظهره ورفع وجهه إلى أعلى، وبكل ما لديه من قوة أخذ يستنشق الهواء ويملأ به صدره ورئتيه وهو يحسّ بنفسه حرًّا طليقًا، خفيفًا رشيقًا فأخذ يقفز نازلاً من أعلى الجبل إلى الوادي أسفله. صورة رائعة معبّرة رسمها يوحنا بنيان ليؤكد لنا أن ابن الإنسان يسوع المسيح هو وحده صاحب الحق والسلطان لغفران الخطايا.

ملايين من المؤمنين يدركون هذه الحقيقة وقد اختبروها عمليًا ونالوا بالمسيح يسوع غفرانًا لكل خطاياهم. يعلن يوحنا في رؤياه يسوع المسيح الذي أحبنا وقد غسّلنا من خطايانا بدمه. ونعلم أنه بدون سفك دم لا تحصل مغفرة، وأن يسوع هو المجروح لأجل معاصينا المسحوق لأجل آثامنا، تأديب سلامنا عليه، وبحبره شفينا. ويسوع بموته على الصليب ثم قيامته قدّم نفسه ذبيحة إثم عن البشر جميعًا وفتح طريق الغفران لكل من يؤمن به وبصليبه وقيامته. ونسمعه وهو معلق على الخشبة بعد أن لطموه وجلدوه واستهزأوا به يبتهل قائلاً: "يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون".

وحين أتاه بطرس يسأله: "كم مرة يخطئ إليّ أخي وأنا أغفر له؟ هل إلى سبع مرات؟ أجابه: لا أقول لك إلى سبع مرات بل إلى سبعين مرة سبع مرات".

الغفران لا يُحصى ولا يعدّ. الغفران يكون بلا قيد أو شرط إلا بمغفرتنا للآخرين. "اغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضًا للمذنبين إلينا.

عزيزي، عزيزتي، "اطلبوا الرب ما دام يوجد. ادعوه وهو قريب. ليترك الشرير طريقه، ورجل الإثم أفكاره، وليتب إلى الرب فيرحمه، وإلى إلهنا لأنه يكثر الغفران".

"ثق يا بنيّ . مغفورة لك خطاياك".

ما أروعها كلمات تصدر من يسوع!

المجموعة: تموز/آب July/August 2014

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

110 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10554951