أيلول September 2014
لقد أُعلنت قوة الله في الخليقة يوم قال للكون: كن فكان، ويوم نظم مسارات النجوم والأفلاك، وأوجد السماء والأرض، ورتب تعاقب الليل والنهار. ولذلك فإن "السماوات تحدّث بمجد الله، والفلك يخبر بعمل يديه. يوم إلى يوم يذيع كلامًا، وليل إلى ليل يبدي علمًا" (مزمور 1:19-2).
وأعلن الله قوته في حياة البشر وظروفهم، غناهم وفقرهم، صحتهم ومرضهم، حياتهم وموتهم. هذا هو الإعلان العام لقوة الله. لكن هناك إعلان خاص لهذه القوة تم في شخص الرب يسوع المسيح، إذ رأيناها في معجزاته، وشفائه للمرضى، وتحديه لقوات الطبيعة وانتهار الرياح والأمواج. رأيناها في إخراج الشياطين، وإقامة الموتى الأمر الذي أدهش الأصدقاء وحيّر الأعداء وانتزع إعجاب الجميع. لكن هناك إعلان أكثر عمقًا لقوة الله هو صليب المسيح، لذلك يدوّن الكتاب: "فَإِنَّ كَلِمَةَ الصَّلِيبِ عِنْدَ الْهَالِكِينَ جَهَالَةٌ، وَأَمَّا عِنْدَنَا نَحْنُ الْمُخَلَّصِينَ فَهِيَ قُوَّةُ اللهِ" (1كورنثوس 18:1). فهل يمكن أن يكون الصليب رمز الضعف والهزيمة، وعنوان الذل والانكسار، وأداة الهوان والموت، هل يمكن أن يكون هذا الصليب بعينه إعلانًا عن قوة الله غير المحدودة التي لا تدانيها قوة في الوجود؟
لقد كان المسيح قويًا عند قبر لعازر، وعند أبواب نايين، عندما انتهر الموت وأعاد الحياة من جديد. كان قويًا عندما مشى على الماء. ولكن ذروة القوة وأوجها وجلالها كان عند صليب الجلجثة، لأنه في الصليب تحطمت قوة الشيطان والجحيم، فلم يعد للشيطان سلطان على الذين آمنوا واحتموا بالمصلوب. وهناك أيضًا هزم إبليس وسحق رأسه، وأشهر أعداءه جهارًا ظافرًا بهم فيه، بل بواسطة الصليب فُتحت أبواب السماء التي أوصدت أمام البشر بسبب الخطية. إن الصليب هو السلم الذي يصل الأرض بالسماء، وبنو البشر من كل القبائل والأمم والشعوب والألسنة يصعدون عليه في كل العصور والأجيال إلى بيت الآب السماوي.
إن الصليب بحق هو قوة الله، والرسول بولس يوضح ذلك في الرسالة إلى أهل غلاطية بأنه قوة الله للخلاص من الخطية "الذي بذل نفسه لأجل خطايانا، لينقذنا من العالم الحاضر الشرير حسب إرادة الله وأبينا" (4:1)، وهو قوة الله للخلاص من الذات "مع المسيح صلبت، فأحيا لا أنا، بل المسيح يحيا فيّ" (20:2)، وقوة الله للخلاص من الناموس "اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا" (13:3)، وقوة الله في قبول الروح القدس، "لِنَنَالَ بِالإِيمَانِ مَوْعِدَ الرُّوحِ" (14:3)، وقوة الله في الميلاد الثاني "لَسْتَ بَعْدُ عَبْدًا بَلِ ابْنًا، وَإِنْ كُنْتَ ابْنًا فَوَارِثٌ ِللهِ بِالْمَسِيحِ" (7:4)، وقوة الله للخلاص من العالم "وَأَمَّا مِنْ جِهَتِي، فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ" (14:6). فهل تؤمن بالرب يسوع المسيح وبما فعله من أجلك على الصليب لكي تحظى بالحياة الجديدة والسعيدة؟
اقرأ الإعلان عن كتاب "قضية الصليب" على صفحة 38