إن حياة الناس فقدت قيمتها الغالية في أعين الناس، فكثيرون منهم يقتلون غيرهم لغير ما سبب، أو لأتفه الأسباب. وعندما تستعر نار الحرب، تُزهق أرواح الألوف والملايين دون أن يشعر الذين أضرموها أنهم ارتكبوا إثمًا. وكثيرون غيرهم يظنون أنهم أرفع قيمة وأسمى مقامًا من سواهم، فيفرضون أنفسهم على غيرهم ويميّزون بين هذا وذاك...
بين غني وفقير، بين عالِم وجاهل، بين جميل المنظر وقبيحه... بين الأبيض الأوروبي والأبيض السامي، وبين هذين النوعين من البيض والصفر والحمر والسود. ذلك لأن الناس بطبيعتهم أنانيون، محبون لذواتهم، يفضلون نفوسهم على غيرهم، ويميزونها عن سواهم. يا ليت مثل هذا التفضيل والتمييز يظلُّ بمنأًى عن المؤمنين! غير أننا، والأسف يحزّ في القلوب والنفوس، نراه شائعًا بين كثيرين من أعضاء الكنائس المسيحية. إلا أن حياة الإنسان مهما اختلفت هيأته وتباينت منزلته لا تفقد قيمتها في عين الله. إن الغني والفقير، الجميل والقبيح، الأميركي والأفريقي هم في نظر الله سيّان. فالكل لديه سواء، ولم يقلل الموت الذي منينا به من قيمة نفسك وقيمة نفسي، وحياتك وحياتي في نظر الله، بل بالعكس؛ إنه يزيده عطفًا علينا، واعتبارًا لقيمتنا، ويجعله وهو المتعالي أن يظهر لنا محبته بصورة عجيبة لإنقاذنا من الموت الأبدي الذي هو نقيض الحياة. "وَلكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا." (رومية 8:5) فيا لغنى محبة الله للإنسان الخاطئ المائت، ويا لعظم قيمة حياته في عين الذي أعطاه الحياة!
بعد أن أخطأ آدم وحواء وحُكم عليهما بالموت والآلام، لم تلغِ خطيئتهما قيمة نفسيهما من قلب الله، فجاء يطلبهما: "فنادى الرب الإله آدم وقال له: [أين أنت؟]" (تكوين 9:3)
أجل، فالخطية جلبت علينا الموت، وكأن هذا الموت أفقد حياة الإنسان قيمتها في عين أخيه الإنسان، فقام قايين على أخيه هابيل وأعدمه الحياة. لكن الله كان يفتش عن الحياة سائلاً: "أين هابيل أخوك؟" أما جواب قايين القاتل السفاك فكان: "لاَ أَعْلَمُ! أَحَارِسٌ أَنَا لأَخِي؟"
إذًا أنت يا أخي، ذو قيمة كبرى في نظر الله، في عين سيد الأكوان ومبدعها، وأنا أيضًا لحياتي – لنفسي قيمتها. هذه القيمة التي تجلت في الحب العجيب الذي أحبنا به الله إذ بذل المسيح لأجلنا، وجاء ليفتدينا بدمه الكريم الذي سفكه على الصليب. "لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ." (يوحنا 16:3) إن هذه الآية بنصها وبكل ما انطوت عليه من حقائق تظهر لنا القيمة العظمى والثمن الباهظ الذي دفعه الرب يسوع ليشتري لك ولي الحياة الأبدية.
فهل تقبل ما دفعه المسيح من أجلك ومن أجل حياتك؟