في مزمور 121 حيث يقول الكتاب: "أرفع عيني إلى الجبال، من حيث يأتي عوني"، نجد سلسلة من الجبال الحقيقية، إلا أنها أصبحت جبالًا معنوية يتسلقها المؤمن في سفرته التاريخية الأرضية.
لقد تسلقت في حياتي بعض هذه الجبال رغم صعوبتها وعلوها. ونجد في حديث أنبياء الله استخدام هذه الجبال كاستعارة طبيعية للبقاء والاستمرار، فإن مناظر الحياة المتعبة وعقبات البرية تؤكد حماية ووقاية الله لشعبه. وفي وسط الجبال المشعبة أو الملساء نلمح آثار الإجلال الإلهي ونختبر وجود الله وإحسانه لنا.
أما هذه الجبال التي نتسلّقها مع الله فهي:
أولًا: جبل التوصيات
وهنا نصعد مع موسى على جبل سيناء حيث أعطاه الله لوحي الشريعة، فالذي يفعلها يحيا بها في كل زمان ومكان. جربت في خلال سفرة حياتي ولمدة خمسة عشر سنة أن أحفظها، وظننت مثل داود أنه يأتي منها العون الروحي لخلاصي لكنني فشلت مرارًا، فما أحفظه اليوم أكسره غدًا. شعرت مع بولس في صرخة رومية 7 "ويحي أنا الإنسان الشقي! من ينقذني من جسد الموت؟"، وتذكرت أبي آدم الذي لم يستطع أن يحفظ وصية واحدة، فردد قلبي بأنين "كفاكم قعود في هذا الجبل" حتى عرفت الحق الكامل في المسيح.
ثانياً: جبل التفسيرات
هذا يأتي بنا إلى متى 1:5 "لما رأى (يسوع) الجموع صعد إلى الجبل... ففتح فاه وعلمهم قائلًا، مفسرًا الناموس. أظهر في أوامره السنية أعماق وجوهر الوصايا عن الغضب، والزنا، والحلف، والبغضة، وحضّ على المحبة. وعند هذا الجبل حزنت وفشلت وتعذبت حتى صعدت في سنة 1951 إلى الجبل التالي لأن في ذلك الجبل التقيت الله، إلهي وربي في ملء الزمان.
ثالثًا: جبل التضحيات
إنه جبل النجاة حيث أتى عوني، "جبل الجلجثة". من هنا بدأت الرحلة الهنية نحو السماء، وإن كان أمر الرب للوط في الماضي أن يهرب إلى الجبل، إلى الحجر الذي رفضه البناؤون... فما هو إلا جبل التضحيات كما في دانيآل 44:2.
رابعاً: جبل المناجاة
بعد حصولي على النجاة في جبل الصليب، بدأت المناجاة وتواصلت طريق المراسلات الإلهية، كما ركز الرب في إشعياء 11:1-12، 1:59 على الاغتسال والتطهير لكي تقتل العداوة وتحصل المصالحة "لأن حبك أطيب من الخمر"، "ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب".
خامساً: جبل المعونات
هذا هو جبل الصلاة، جبل الزيتون لوقا 43:22 إذ ظهر له الملاك من السماء ليقويه في شدة الاكتئاب والتنهد، وفي غمرة الألم والتوجع، وحمل خطايا البشرية وكأس المرارة. لسنا وحدنا "لأنه يوصي ملائكته بك".
سادساً: جبل التجليات
إن التجلي الحقيقي ليس مع موسى وإيليا بالنسبة للمؤمن حاليًا بل جمع أبناء الله المتفرقين إلى واحد – متى 1:17 "لأننا لم نتبع خرافات مصنعة، إذ عرفناكم بقوة ربنا يسوع المسيح ومجيئه، بل قد كنا معاينين عظمته".
سابعاً: جبل المكافآت
"وحل بيننا ورأينا مجده مجدًا" (يوحنا 14:1). "أريد أن هؤلاء... يروا مجدي" (يوحنا 17)، فإنه لا بد يومًا أن نشاركه هذا المجد كما في 1بطرس 3:7-7 وكولوسي 1:3 "تظهرون أنتم أيضًا معه في المجد" قاصدين إلى الحياة الأبدية، "آمين تعال أيها الرب يسوع".
