Voice of Preaching the Gospel

vopg

الأخ جوزيف عبدوإن الإيمان كما علّم به الرب يسوع، "رئيس الإيمان ومكمّله"، ليس هو فكرة مجرّدة في الذهن، ولا كلمات ردّدها اللسان، ولا ممارسات وإماتات وطقوس، حيث وجّه، له المجد، في كلامه وأمثاله الرائعة إلى أركان متعددة لمفهوم الإيمان يحتاج تفصيلها إلى شروحات موسّعة ومنها على سبيل المثال لا الحصر: الثقة بالله، والثبات الدائم، والاستعداد لتحمّل الصعوبات، والتواضع الحقيقي، والتخلّي عن البر الذاتي، والاعتماد على غنى النعمة الإلهية، والطاعة الكاملة في حياة التلمذة، وجعْل الرب في المقام الأول في جميع الخيارات، فهذه أهم مستلزمات الإيمان وركائزه الأساسية، وكل منها ليس عملاً بمفهوم العمل وإنما هو "فعْل إيمان".

والأعمال التي يقصد البعض إقحامها في موضوع الخلاص هي في واقعها رفض لعمل المسيح الكفاري الذي أتمّه على الصليب تطبيقًا لخطة الله الحكيمة والصالحة لخلاص الجنس البشري، الذي يعلن الوحي في كل مكان فشله فشلاً كاملاً في إدراك الخلاص بمساعيه الخاصة.
أو هي على أقل تقدير انتقاص من كفاية عمل المسيح لأجل الخلاص حيث أن الشيطان الذي أُحبطت خطته في إسقاط بني البشر بصليب المسيح، يحاول دائمًا أن يبعد الناس عن الطريق الوحيد للخلاص بالعمل على تشعب الطرق لكي يضيع بينها بنو البشر. والبراهين على ذلك كثيرة جدًا وواضحة المعالم.
أما عهد الناموس بكل ما فيه من فرائض ورموز وشكليات بما في ذلك الهيكل ومحتوياته، مع فرائض التطهير والذبائح والتقدمات ونظام الكهنوت اللاوي بكل شروطه وواجبات الكهنة فهي جميعها رموز شكلية لعمل الكفارة الحقيقي بموت ابن الله على الصليب ودفنه وقيامته. وقد وضع الله الناموس كي يظهر للإنسان عجزه "وهو في حالة السقوط" عن تطبيق أحكامه، فينظر من خلاله ليرى:
أ. ضعفه وفشله،
ب. حاجته إلى الخلاص، وذلك من خلال عمل الله الكامل بالفداء الذي أعدّه في المشورات الأزلية وأعلنه بالوحي المقدس بطرق كثيرة.
والبراهين الكتابية على فشل الأعمال وعدم صلاحها للخلاص كثيرة ومتنوّعة.

1. الأحداث تتكلم

في الأصحاح العاشر من سفر أعمال الرسل نقرأ عن اهتداء قائد روماني يُدعى كرنيليوس، "وَهُوَ تَقِيٌّ وَخَائِفُ اللهِ مَعَ جَمِيعِ بَيْتِهِ، يَصْنَعُ حَسَنَاتٍ كَثِيرَةً لِلشَّعْبِ، وَيُصَلِّي إِلَى اللهِ فِي كُلِّ حِينٍ." (أعمال 2:10) حيث جاءه ملاك في رؤيا "فقال له: [صَلَوَاتُكَ وَصَدَقَاتُكَ صَعِدَتْ تَذْكَارًا أَمَامَ اللهِ. وَالآنَ أَرْسِلْ إِلَى يَافَا رِجَالاً وَاسْتَدْعِ سِمْعَانَ الْمُلَقَّبَ بُطْرُسَ... هُوَ يَقُولُ لَكَ مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ تَفْعَلَ»." (ع 4-6) وهذا يبيّن أن كرنيليوس لم يخلص بالأعمال الصالحة ولا بخوف الله وممارسة الصلوات والتعبّد. مع كل لزومها، ولكن كان عليه أن يؤمن بالفداء. ففي تتمة القصة يتبين لنا أن بطرس، الذي شجعه الله على المجيء إلى بيت شخص أممي بواسطة رؤيا، حوّل نظر كرنيليوس إلى شخص المسيح الفادي قائلاً: "لَهُ يَشْهَدُ جَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ أَنَّ كُلَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ يَنَالُ بِاسْمِهِ غُفْرَانَ الْخَطَايَا." (ع 43) فآمن كرنيليوس مع أفراد عائلته بفداء المسيح وخلصوا جميعًا.

2. الشواهد الكتابية تتكلم

ففي العهد القديم شواهد كثيرة، نختار منها:
أ) لقد ورث الجنس البشري خطية العصيان، حيث أخذ الطبيعة الفاسدة من آدم وحواء اللذين أغويا في جنة عدن، ولكن وعد الله بيّن منذ ذلك الوقت كيف سيتم خلاص البشرية بقوله للحية التي هي رمز للشيطان "وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ، وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ، وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ." (تكوين 15:3)
فالمسيح الفريد الذي هو نسل المرأة سحق رأس الشيطان بعمله الكفاري على الصليب في حين استطاع الشيطان أن يحرّض عليه لقتل الجسد. ولكنه قام بسلطان لاهوته ليعطي النصرة لجميع الذين يؤمنون به. وهذا ما وضّحه الوحي في سفر إشعياء حيث تقول النبوّة عن السيد المسيح: "لكِنَّ أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا، وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا. وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَابًا مَضْرُوبًا مِنَ اللهِ وَمَذْلُولاً. وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا، مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ، وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا. كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ، وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا." (إشعياء 4:53-6)
ب) كما توضح نبوءة إشعياء فشل وقصور الأعمال البشرية فتقول: "وَقَدْ صِرْنَا كُلُّنَا كَنَجِسٍ، وَكَثَوْبِ عِدَّةٍ كُلُّ أَعْمَالِ بِرِّنَا، وَقَدْ ذَبُلْنَا كَوَرَقَةٍ، وَآثَامُنَا كَرِيحٍ تَحْمِلُنَا." (إشعياء 6:64)
ج) ويتكلم العهد القديم أيضًا في أماكن كثيرة عن عمل الفداء منها: "فَدَى نَفْسِي مِنَ الْعُبُورِ إِلَى الْحُفْرَةِ، فَتَرَى حَيَاتِيَ النُّورَ." (أيوب 28:33) وأيضًا "إِنَّمَا اللهُ يَفْدِي نَفْسِي مِنْ يَدِ الْهَاوِيَةِ لأَنَّهُ يَأْخُذُنِي." (مزمور 15:49) وكذلك "مِنْ يَدِ الْهَاوِيَةِ أَفْدِيهِمْ. مِنَ الْمَوْتِ أُخَلِّصُهُمْ. أَيْنَ أَوْبَاؤُكَ يَا مَوْتُ؟ أَيْنَ شَوْكَتُكِ يَا هَاوِيَةُ؟" (هوشع 14:13)

3. شواهد في العهد الجديد لا حصر لها

أ) أقوال الرب يسوع في مناسبات متعددة كقوله الشهير: "لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ." (يوحنا 16:3) كما نقرأ في إنجيل يوحنا 28:6-29 "فَقَالُوا لَهُ: «مَاذَا نَفْعَلُ حَتَّى نَعْمَلَ أَعْمَالَ اللهِ؟» أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «هذَا هُوَ عَمَلُ اللهِ: أَنْ تُؤْمِنُوا بِالَّذِي هُوَ أَرْسَلَهُ»." أي إن ما تستطيعون عمله هو الإيمان فقط، ولا شيء آخر. وقوله أيضًا "اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كَلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ، بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ." (يوحنا 24:5)
ب) ونقرأ من كتابات رسل الرب يسوع المسيح بالروح القدس:
- قال الرسول بولس: "وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ ظَهَرَ بِرُّ اللهِ بِدُونِ النَّامُوسِ، مَشْهُودًا لَهُ مِنَ النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءِ، بِرُّ اللهِ بِالإِيمَانِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، إِلَى كُلِّ وَعَلَى كُلِّ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ. لأَنَّهُ لاَ فَرْقَ. إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ، مُتَبَرِّرِينَ مَجَّانًا بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ." (رومية 21:3-24)
- وقال أيضًا: "بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ، وَذلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ. لَيْسَ مِنْ أَعْمَال كَيْلاَ يَفْتَخِرَ أَحَدٌ." (أفسس 8:2-9)
- وقال الرسول بطرس: "عَالِمِينَ أَنَّكُمُ افْتُدِيتُمْ لاَ بِأَشْيَاءَ تَفْنَى، بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ، مِنْ سِيرَتِكُمُ الْبَاطِلَةِ الَّتِي تَقَلَّدْتُمُوهَا مِنَ الآبَاءِ، بَلْ بِدَمٍ كَرِيمٍ، كَمَا مِنْ حَمَل بِلاَ عَيْبٍ وَلاَ دَنَسٍ، دَمِ الْمَسِيحِ، مَعْرُوفًا سَابِقًا قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِْ." (1بطرس 18:1-20)
- وقال الرسول يوحنا: "وَلكِنْ إِنْ سَلَكْنَا فِي النُّورِ كَمَا هُوَ فِي النُّورِ، فَلَنَا شَرِكَةٌ بَعْضِنَا مَعَ بَعْضٍ، وَدَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ." (1يوحنا 7:1)
فهذا كله غيض من فيض يؤكد ذلك التوجّه الصريح في كلمة الله الصالحة التي لا يشوبها أي نقص أو تعارض.
وفي هذا الخصوص يهرب بعض المتمسكين بتعليم الأعمال إلى رسالة يعقوب، مدّعين أن فيها ما يشفي غليلهم! ولكنهم يقرؤونها سطحيًا، وقد وقمنا بشرح عباراتها بشكل منطقي ومفصّل في مجلة صوت الكرازة، في العدد الماضي لشهر تشرين الأول، وتبيّن عكس هذا الادّعاء.
أرجو أن يحفظكم الله تحت ظلال نعمته الغنية وعنايته الفائقة "كَيْ لاَ نَكُونَ فِي مَا بَعْدُ أَطْفَالاً مُضْطَرِبِينَ وَمَحْمُولِينَ بِكُلِّ رِيحِ تَعْلِيمٍ، بِحِيلَةِ النَّاسِ، بِمَكْرٍ إِلَى مَكِيدَةِ الضَّلاَلِ. بَلْ صَادِقِينَ فِي الْمَحَبَّةِ، نَنْمُو فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَى ذَاكَ الَّذِي هُوَ الرَّأْسُ: الْمَسِيحُ،" (أفسس 14:4-15) لئلا نكتشف فشل مساعينا لخلاص نفوسنا وذلك بعد فوات الأوان.

المجموعة: تشرين الثاني (نوفمبر) 2015

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

75 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10540440