Voice of Preaching the Gospel

vopg

في أحد أيام شهر يونيو 1969 حوالي الساعة الحادية عشر صباحًا كنت أسير بسيارتي في شارع 23 يوليو في القاهرة أثناء قيامي ببعض المهام المتعلّقة بالخدمة. وبينما كنت واقفًا عند تقاطع شارع الجلاء في انتظار إشارة المرور إذا بيد تمتد من نافذة السيارة وتنتزع الساعة التي في يدي بسرعة خاطفة. وبدون أي تفكير أو تردد فتحت الباب، وتركت السيارة في عرض الشارع، وبدأت أجري وراء اللص الجريء الذي لم يتورّع عن ارتكاب جريمته في وضح النهار وفي شارع مزدحم بالمارة.

أخذت أصرخ وأستغيث بأعلى صوتي: "حرامي، حرامي!" واستجاب الناس ولا سيما الأولاد لصراخي، وأخذوا يجرون وراءه وهم يصرخون "حرامي، حرامي!"
كان عملاقًا طويل القامة، أطلق ساقيه للريح، وأخذ يجري من شارع إلى شارع، ومن حارة إلى أخرى حتى اختفى عن ناظري. فآثرت الرجوع إلى السيارة لئلا يصيبها سوء، أو يُفقد منها شيء، ولا سيما وأن الجري كان قد أنهك قواي.
لكنني لم أفقد الأمل، وعزّ عليّ أن تضيع مني ساعتي العزيزة بمثل هذه الكيفية. فركبت السيارة وأخذت أقتفي أثر اللص الهارب حتى وجدته وقد أحاط به جمهور من الكبار والصغار يضربونه ويعيّرونه. لقد دبرت العناية الإلهية أن يعترض طريقه في تلك اللحظة من هو أقوى منه، شخص يعمل في القوات المسلحة، وكما علمت فيما بعد أنه بطل في الملاكمة. لذلك كان من السهل أن يقبض عليه ويكيل له اللكمة بعد الأخرى. لكن اللص بالرغم من ذلك أنكر ورفض أن يرد الساعة، فلم نجد بدًا من اقتياده إلى قسم الشرطة. وقبيل وصولنا إلى هناك اعترف بجريمته، وأخرج الساعة من جيبه، وأخذ يبكي ويتذلّل طالبًا السماح حتى أنني كدت أشفق عليه. لكن الشخص الذي قبض عليه رفض أن يخلي سبيله وأصرّ على تسليمه للشرطة حتى ينال جزاءه.
واضطررت أن أمكث في القسم حتى تتم إجراءات التحقيق. وهناك اكتشفنا أنه من الخطرين، وله سوابق كثيرة، وقد صدرت ضده أحكام غيابية، فقيدوا يديه بالسلاسل وزجوا به في القفص الحديدي.
وفي طريق عودتي، أخذت أحدث نفسي بالقول: "ألم أكن في غنى عن كل هذه المشقة؟ لماذا سمح الله بكل هذا التعب، وإثارة الأعصاب، وتضييع الوقت، وتعطيل الأعمال ولا سيما أني كنت منشغلاً بخدمته وفي عمله؟"
ولما لم أجد جوابًا شافيًا عزّيت نفسي بالقول: "لا بد أن لله قصدًا خاصًا من كل هذا وإلا لما سمح به. ولعلّ هذا القصد يتّضح يومًا ما. على كل حال ينبغي أن أشكر الله لأنني لم أُصبْ بسوء ولأن ساعتي لم تُفقد." ومضت الأيام سراعًا ونسيت هذه الحادثة تمامًا.
وبعد ستة شهور تقريبًا واجهتني تجربة قاسية لا يعلمها أحد إلا الله، ووقف الشيطان مقابلي كأسد مزمجر يريد أن يفترس ويهلك. وفي غمرة الشعور بالخوف والفزع خطرت ببالي فجأة الحادثة القديمة، ومرت أمامي بكل تفاصيلها، وكأنها حدثت بالأمس القريب. وتذكرت كيف تحوّل العملاق الضخم إلى متهم ذليل يستعطف ويسترحم أمام من هو أقوى وأشدّ منه. وإذ نظرت بالإيمان للذي هو أقوى من الأسد المزمجر، إلى شخص الرب يسوع المسيح، الأسد الخارج من سبط يهوذا، امتلأت قوة وشجاعة. وفي تلك اللحظة عينها طأطأ الأسد المزمجر رأسه، وأخذ ينكمش ويتضاءل شيئًا فشيئًا، ويتراجع رويدًا رويدًا، حتى اختفى وأصبح أثرًا بعد عين.
وهنا انكشف لي سر الحادثة القديمة، واتّضح لي قصد الله من ورائها. لقد كانت التجربة الصغيرة العابرة صورة مصغّرة للتجربة الكبيرة القادمة، وكان في الحادث العرضي رمز لخلاص أعظم. وكم في الأحداث الجارية من عظات بالغة! فطوبى لمن اتّعظ وتعلّم منها.
يا من تقابلكم التجارب والمحن، ويا من يهاجمكم الشيطان كأسد مزمجر، لا تخافوه ولا ترهبوه. إنه عدوّ مهزوم قد أُصيب بجرح مميت. وهو كالحية المضروبة التي تنفث أشدّ سمومها وهي في النزاع الأخير. إن مصيره السلاسل والقيود، والطرح في السجن الأبدي وبحيرة النار والكبريت. انظروا للذي هو أقوى منه فيعظم انتصاركم به. ارفعوا رؤوسكم لأن نجاتكم تقترب.
ومتى رأيتم الأسد وقد ذُلّ وانكمش فاحذروا من أن ترثوا له، أو تشفقوا عليه، أو تعطوه جانب الأمان. فهو الذي كان ولا يزال يبغي افتراسكم وابتلاعكم. لذلك قاوموه راسخين في الإيمان، وإله السلام سيسحقه تحت أرجلكم سريعًا.

المجموعة: تشرين الثاني (نوفمبر) 2015

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

112 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10476393