Voice of Preaching the Gospel

vopg

سمير الشومليالخطية تفصلنا بالضرورة عن الله، وحقيقة الأمر هي أن آدم لم يقدم على تصرف خارجي يمكن محو آثاره بتصرف آخر. فقد تغيّرت طبيعته الداخلية بعد ارتكابه خطية العصيان. فالروح الذي نفخه الله فيه يوم خلقه قد انطفأ بسبب الخطية، فانتقل إليه الموت الروحي فأصبح منفصلًا عن الله.

وكان هذا ما حذّره منه الله حين طلب إليه ألّا يأكل من شجرة معرفة الخير والشر قائلًا: "لأنك يوم تأكل منها موتًا تموت." (تكوين 17:2) فأصبح آدم في حالة لا تحتملها قداسة الله، فكان لا بدّ من طرده.
فلا الحياة تطيق الموت ولا الموت بقادرٍ على احتمال وجوده في حضرة الحياة. ولا يمكن أن يمثل إنسان في حضرة الله إلّا عندما تعود إليه الحياة الروحية من جديد بعد أن يسكنه الروح القدس ويعطيه طبيعة جديدة في لحظة الإيمان بالمسيح. وهذا هو ما حاول الرب يسوع المسيح أن يفهّمه لنيقوديموس عندما حدّثه عن شروط الدخول إلى ملكوت الله وضرورة "الولادة الثانية"، أو "الولادة من فوق"، أو "الولادة من الروح". وهذا هو ما يؤهِّل الإنسان – لا أي شيء أو عامل آخر – للمثول في حضرة الله.

علاج الإنسان لخطيته مرفوض

ومن الجدير بالذكر أن الله لم يرضَ عن الطريقة التي عالج بها آدم وحواء خطيتهما. يقول الكتاب: "فانفتحت أعينهما وعلما أنهما عريانان. فخاطا أوراق تين وصنعا لأنفسهما مآزر." (تكوين 7:3) "وصنع الرب الإله لآدم وامرأته أقمصة من جلد وألبسهما." (تكوين 21:3) لم يكن ما صنعاه بنفسيهما كافيًا، فتدخّل الله وصنع أقمصة من جلد. ويشير هذا بكل قوة إلى ضرورة وجود حمَل مذبوح ليغطّي خطايانا ويمحوها. وعلى هذا الأساس أمر الله بتأسيس نظام تقديم الذبائح الحيوانية في العهد القديم. لقد كان هذا "الحمَل المذبوح المجهول"، أو الذبيحة التي لم تُسَمَّ، صورة رمزية مسبقة للمسيح الذي سيموت على الصليب من أجل خطايا البشر. فحين رآه يوحنا المعمدان، أشار إليه قائلًا: "هوذا حمَل الله الذي يرفع خطية العالم." (يوحنا 29:1) فالحمَل هو مِن عند الله لأن الحلّ هو من عنده.

ألا تحلّ التوبة المشكلة؟

لاحِظ أيضًا أن الله لم يطرح هنا مسألة التوبة على آدم كحَلّ للرجوع إلى الفردوس الذي طرده منه، مع أننا نفترض أنه ندم وتاب. لكن لماذا؟ لأن قبول التوبة من دون تعويض كافٍ عن الجريمة هو تهاونٌ في العدل، وهذا أمر لا يليق بالله الذي يُحسَب لعدله كل حساب. ولكي تُقبَل التوبة ويُمنح الغفران، لا بد من أن يتحقق العدل. تقول كلمة الله موضحةً هذا الأمر: "إن اعترفنا بخطايانا فهو (الله) أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهّرنا من كل إثم." (1يوحنا 9:1) فالعدل هو أساس الغفران. ويعني هذا أن الله يمنحنا فرصة الاعتراف بخطايانا والتوبة عنها على أساس أن العدل والتعويض قد تمّ عندما مات المسيح دافعًا عنا ثمن خطايانا. وهنا نظرة جديدة إلى التوبة. فهي هبة تُعطى لنا على أساس ما فعله المسيح. يقول الرسول بطرس بوحي الله: "هذا (يسوع المسيح) رفعه الله بيمينه رئيسًا ومخلِّصًا ليعطي إسرائيل التوبة وغفران الخطايا." (أعمال 31:5) وتقول كلمة الله أيضًا: "وكانوا يمجدون الله قائلين: إذًا أعطى الله الأمم أيضًا التوبة للحياة." (أعمال 18:11) وهكذا فإن التوبة ليست مجرد قرار بشري في أيّ سياق لأن الله لا يقبلها إلاّ بالإيمان بيسوع المسيح وكفارته.

التوبة لا تلغي العدل البشري

وحتى على المستوى البشري فإن التوبة تعجز عن إلغاء العدل. فإذا وقف أحدهم موقف المجرم الخائن لوطنه أو القاتل، فإن القاضي لا يعفو عنه إذا أعلن عن ندمه وتوبته (رغم أن ندمه قد يكون حقيقيًا وتوبته صادقة). فلا بد من دفع العقوبة بسبب القانون المُنتَهك والضرر الحاصل. وحتى في الأمور الشخصية، إذا سامحني شخص على إساءة ارتكبتُها في حقّه، فإنه يكون قد احتمل الضرر شخصيًا بسبب محبته لي أو شهامته، فكانت هذه هي التكلفة التي تحمّلها طوعًا لكي يسامحني. فلا يوجد غفران ليس فيه احتمال لخسارة. والخسارة التي احتملها يسوع طوعًا بسبب محبته لي ولك هي موته على الصليب.

هل معك ما يكفي لشراء الحياة الأبدية؟

أمّا بالنسبة لدفع ثمن الحياة الأبدية مع الله، فالإنسان مفلس روحيًا. والمفلس غير قادر على شراء شيء، ولا سيما إذا كان ما يريد شراءه هو الحياة الأبدية. وما الحياة الأبدية إلّا الله ومعرفته. خاطب الرب يسوع المسيح الله الآب قائلًا: "وهذه هي الحياة الأبدية: أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك (تمييزًا له عن الآلهة الكاذبة) ويسوع المسيح الذي أرسلتَه." (يوحنا 3:17) ويشير الوحي الإلهي إلى المسيح قائلًا: "هذا هو الإله الحق والحياة الأبدية." (1يوحنا 20:5)

من الغباء أن نصرّ على شراء ما هو مجّاني

لكن الحياة الأبدية التي لا نملك شراءها بأي ثمن هي مقدمة لنا مجانًا بالإيمان. "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية." (يوحنا 16:3) إذًا فالخطايا التي نرتكبها ضد الله القدوس أعظم من أن يكفِّر عنها أي عدد من الأعمال الصالحة، كما أن الحياة الأبدية أثمن بكثير من أن ندفع فيها أي ثمن. وإن أي ادعاء عكس ذلك يظهر جهلًا فاضحًا بقداسة الله وطبيعة الخطية وقيمة الحياة الأبدية.
1. يفترض هذا المبدأ أيضًا أننا بأعمالنا نسدد احتياجات الله وإلّا لما كان هنالك داعٍ لأن تكون لها أجرة ومكافأة. فهل يزداد الله فعلًا غنىً بما نفعله؟ لكن، كما أن خطايانا لا تقلل من قدر الله وألوهيته، فإن أعمالنا الصالحة لا تضيف إليه شيئًا. قال أيوب: "إن أخطأتَ (أيها الإنسان) فماذا فعلتَ به (الله)، وإن كثّرتَ معاصيك فماذا عملتَ له؟ إن كنت بارًا فماذا أعطيته أو ماذا يأخذه منك؟" (أيوب 6:35) وقال الله لمن يعتقدون بأنهم يتفضلون عليه بصيامهم: "لمّا صمتم ونحتم، فهل صمتم صومًا لي أنا؟ ولمّا أكلتم ولمّا شربتم، أفما كنتم أنتم الآكلين وأنتم الشاربين؟" (زكريا 5:7-6). وإن كنا نظن بأننا فعلًا نضيف إلى الله شيئًا بأعمالنا، فإن هذا الظن يصبح خطية تحتاج إلى غفران.
2. يعطي هذا المبدأ أيضًا صورة مشوّهة عن الله الذي أظهره لنا المسيح أبًا سماويًا محبًا وكأن الله أولًا إله يتجاهل قداسته ومطالبها ومستعد لأن يتخلى عنها مقابل بعض الأعمال الصالحة. وثانيًا، يتجاهل هذا المبدأ عدل الله القدوس الذي أعطى حُكمًا لا رجعة عنه: "النفس التي تخطئ... تموت." (حزقيال 4:18)، كما يسمح هذا المبدأ أيضًا بالإكثار من الخطايا ما دام هنالك المزيد من الأعمال الصالحة التي يمكن أن توازنها. وهذا يلغي كل دورٍ لله في الخلاص. وينحصر دوره في تسجيل أعمالنا الصالحة وإعداد المكافآت. فلا توجد هنالك محبة أو فضل أو نعمة أو رحمة، لأن الإنسان لن يعود يحتاج إليها ما دام يحصل على ما يريده بقدرته وجهوده الشخصية. وهذا يفتح المجال واسعًا أمام الإنسان للافتخار، ليس على أخيه الإنسان فقط، وإنما على الله أيضًا. فهو ينظر إلى أعمال أخيه التي لا تجاري أعماله فيحس بثقة زائدة في نفسه، مع نظرة استعلاء إلى أخيه أو احتقار له. وينظر إلى نفسه على أنه متفضّل على الله بأعماله الصالحة التي أوصلته إلى النعيم، وهذا يجعل الله مديونًا له! فينزع كل مجد من الله ويعطيه لنفسه. يقول الله: "مجدي لا أعطيه لآخر." (إشعياء 8:42) وما دام هذا الشخص يحس بأن الله مديون له، فإنه لا يجد مانعًا من ارتكاب عدد من الخطايا المحبَّبة، لأن لديه رصيدًا كافيًا يغطّي ذلك! وهكذا يمكن أن يتحول هذا المبدأ بسهولة أحيانًا إلى رخصة لارتكاب الخطية.

مبدأ جذاب يخفي خلفه سُمًّا

وخلاصة ما سبق هو أن مبدأ الخلاص بما يسمّى "الأعمال الصالحة" يبدو جذّابًا في الظاهر لأنه يطرح مسألة جميلة الوَقْع على الأذن. فمن يمكن أن يعترض على الأعمال "الصالحة"؟ فهي صالحة! لكن هذا المبدأ في حقيقته أشبه بطبقة رقيقة من السكَّر تخفي تحتها سمًّا قاتلًا. فهو مبدأ شرير يهدف إلى إلغاء دور الله ومجده وقيمة نعمته وفضله وإغراق الإنسان في دوامة لا قرار لها لا تفضي به إلى مكان. وهو يجرّده من الامتياز الذي حصل عليه كابن لله بإيمانه بالمسيح ويضعه في مركز أدنى بكثير أقرب إلى وضع العبد المضطر إلى اكتساب كل شيء بتعبه وكدّه. وهو يقول لله: إن ما فعله بتقديم ابنه يسوع المسيح على الصليب أمر لا قيمة له، فالأعمال الصالحة تفوقه قيمة حسب هذا الزعم. ولا فضل أو مجد لله في خلاص الإنسان.

مبدأ الأعمال الصالحة يعكس صورة مشوهة لله

إذا كانت صورة الإنسان عن الله مشوّهة، فلا بدّ أن تنعكس هذه الصورة على تفكيره وفي كيفية الوصول إليه، ولا بد أن تكون هذه الكيفية خطأ بالضرورة. فإذا نُظِر إلى الله كسيد جبار متسلط على عبيده، فإنه سيقوم بالأعمال المطلوبة إليه بلا محبة ولا أية عواطف. وسيكون الخوف، والإحساس بالواجب، أو – في أحسن الأحوال - الطمع بالمكافآت دافعًا لكل فعل، لأنه لا توجد أية علاقة شخصية حميمة بينهما. قال المسيح: "لا أعود أسمّيكم عبيدًا... لكني قد سمّيتكم أحبّاء." (يوحنا 15:15)

المجموعة: نيسان (إبريل) 2016

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

123 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10476961