Voice of Preaching the Gospel

vopg

الدكتور القس لبيب ميخائيليعيش الشبيبة المعاصرة في حالة ضياع وفراغ، وتشتت وانحراف، لم يسبق لها مثيل في عصور التاريخ. ويحار رجال الدين وعلماء النفس والمربّون في تعليل هذه الظاهرة، ومن أجل ذلك تراهم ينكبون على تحليلها لعلّهم يتبيّنون الأسباب المؤدية لمعاناة الشبيبة منها، ويقدّمون الحل والعلاج.

ويسرنا أن ننشر هذه المقالة للدكتور القس الراحل لبيب ميخائيل عن الفلسفة التي أفسدت الشباب في حلقتين. وإليكم المقالة الأولى:
من الظواهر السائدة في عالم اليوم، ظاهرة انحلال الشباب واستهتاره، وإغراقه في الجنس، وعدم رغبته في أخذ الحياة مأخذ الجد، وحمل مسؤولياتها برجولة. وسبب هذا التدهور في حياة غالبية الشباب هو اعتناقهم لفلسفة جديدة هدّامة تتلخص في نظريتين:
النظرية الأولى: نظرية الحق النسبي
والنظرية الثانية: نظرية الحياة للآن

النظرية الأولى: نظرية الحق النسبي

فبسبب تعدد الأديان، وتعدد المذاهب في الدين الواحد، وتعدد الفلسفات التي تعالج مفاهيم الحياة، وتضارب الآراء والتفاسير وتعارضها في الموضوع الواحد، وعدم وجود الرغبة المخلصة في البحث عن الحق من جانب الشباب، اعتنق كثيرون منهم نظرية الحق النسبي، وتعني هذه النظرية أنه لا يوجد حق مطلق، وعلى هذا فلا داعي للتمسك بالمثل العليا أو بالأخلاقيات السامية، لأن ما يعتبره البعض خطأ، يعتبره آخرون صوابًا، وما كان شرًا منذ ربع قرن أصبح الآن تصرفًا مقبولاً، وحتى الإيمان بوجود الله لم يعد العقيدة السائدة على الجميع. إذن فالحق نسبي، ولا يوجد حق مطلق في هذه الدنيا!
واعتناق هذه النظرية الهدامة، قلب كل المبادئ والمثل العليا في الحياة، ووصل بالكثيرين إلى درجة إنكار وجود الله، وبغير شك أنه حين يصل المرء إلى حدّ إنكار وجود الله، فإنه بالتالي يتدهور إلى حضيض الشر، ولا تبقى حياته خاضعة لسلطة عليا تضبط تصرفاته وتراقب نوازعه.
ذلك لأن الله – تبارك اسمه - هو أعلى سلطة في الوجود، بل هو مصدر كل سلطة قانونية، وهو بسلطانه الإلهي قد حدد في كلمته التي أعطاها للناس ما هو الحلال وما هو الحرام، وهو الذي سيعاقب المتمرّد ويكافئ المطيع، فإذا انعدم إيمان إنسان في وجود الله هوى ذلك الإنسان تلقائيًا إلى مهاوي الفساد، وفقد القدرة على التمييز بين الحلال والحرام.
هذا ما تؤكده كلمة الله: "قال الجاهل في قلبه: ليس إله. فسدوا ورجسوا بأفعالهم. ليس من يعمل صلاحًا." (مزمور 1:14) فالشخص الذي ينكر وجود الله ولو في قلبه يسير إلى الفساد ويهوي إلى مهاوي الرذيلة.
"لأَنَّهُمْ لَمَّا عَرَفُوا اللهَ لَمْ يُمَجِّدُوهُ أَوْ يَشْكُرُوهُ كَإِلهٍ، بَلْ حَمِقُوا فِي أَفْكَارِهِمْ، وَأَظْلَمَ قَلْبُهُمُ الْغَبِيُّ. وَبَيْنَمَا هُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ حُكَمَاءُ صَارُوا جُهَلاَءَ، وَأَبْدَلُوا مَجْدَ اللهِ الَّذِي لاَ يَفْنَى بِشِبْهِ صُورَةِ الإِنْسَانِ الَّذِي يَفْنَى، وَالطُّيُورِ، وَالدَّوَابِّ، وَالزَّحَّافَاتِ. لِذلِكَ أَسْلَمَهُمُ اللهُ أَيْضًا فِي شَهَوَاتِ قُلُوبِهِمْ إِلَى النَّجَاسَةِ، لإِهَانَةِ أَجْسَادِهِمْ بَيْنَ ذَوَاتِهِمِ." (رومية 21:1-24)
لا بد من اليقين إذًا بأن الله حق مطلق لا يعتريه التغيير. "لأني أنا الرب لا أتغيّر." (ملاخي 6:3)
"منذ الأزل إلى الأبد أنت الله." (مزمور 2:90)
"... أبي الأنوار الذي ليس عنده تغيير ولا ظل دوران." (يعقوب 17:1) ولأن الله لا يتغيّر قط، فكلمته لا تتغيّر.
"لاَ تَزِيدُوا عَلَى الْكَلاَمِ الَّذِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهِ وَلاَ تُنَقِّصُوا مِنْهُ." (تثنية 2:4)
"كل كلمة من الله نقية... لا تزد على كلماته لئلا يوبِّخك فتكذَّب." (أمثال 5:30-6)
"إلى الأبد يا رب كلمتك مثبتة في السماوات." (مزمور 89:119)
"لأن كل جسد كعشب... وأما كلمة الرب فتثبت إلى الأبد." (1بطرس 24:1-25)
ولأن الله لا يتغيّر، وكلمته بالتالي لا تتغيّر، فنحن نستطيع أن نضع ثقتنا المطلقة في الله وفي كلمته، متيقنين أن الكتاب المقدس يحوي الحق المطلق الذي نحتاج إليه كأساس لإيماننا وحياتنا على هذه الأرض، ولتحديد مصيرنا بعد الموت.
ولا عبرة بما يقال عن كثرة المذاهب والتفاسير، إذ أن الكتاب المقدس لا يحوي سوى حق واحد بين دفتيه، وطوبى لمن يبحث بإخلاص عن هذا الحق حتى يجده.
قديمًا سأل بيلاطس المسيح، وهو حائر كملايين الشباب الحائر: "ما هو الحق؟" (يوحنا 38:18)، ولم ينتظر الجواب، لكن المسيح كان قد قال لتلاميذه قبل أن يسأله بيلاطس سؤاله الحائر: "أنا هو الطريق والحق والحياة." (يوحنا 6:14)
فالمسيح، له المجد، هو الطريق للباحثين عن الطريق إلى السماء.
وهو الحق المتجسد للباحثين عن الحق. ففي كلماته، وتصرفاته، ودقائق حياته نجد الحق المطلق الذي لا يأتيه الشك من بين يديه ولا من خلفه.
وهو الحياة، لأنه فيه الحياة، ولأنه مصدر الحياة، ولأن حياته ترسم الأسلوب الصحيح للحياة.
وعلى هذا فنحن نستطيع أن نثق فيه، وأن نعطيه حق السيادة المطلقة على حياتنا، وحين نقبله مخلصًا وربًا وسيدًا على الحياة يقودنا بحكمته في مدارج الحق، ويحفظ أقدامنا من الزلق في طريق الغواية والفساد.
إن نظرية الحق النسبي، نظرية هدّامة، فالطريق إلى الإيمان الواثق هو الإيمان في الحق المطلق الذي هو الله.

المجموعة: حزيران (يونيو) 2016

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

602 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
11577946