في سفر الخروج 11:12 يوصي الرب شعبه بعد أن يذبحوا خروف الفصح أن يأكلوه بالعجلة "هو فصح للرب"، لأن خروف الفصح يفصل ما بين أرض العبودية وأرض الحرية أو الأرض الجديدة. يأتي هذا الاختبار بعد أربعمائة سنة تحت عبودية الفراعنة القاسية.
لذلك ينبغي أن يكون الخروف مشويًا لنرى فيه ظل الصليب والفداء فاصلًا بين الأشياء العتيقة والحياة الجديدة، وعلى "أعشاب مرة" ليذكرنا بصرخة مقدسة "يا أبتاه، إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس، ولكن ليس كما أريد أنا بل كما تريد أنت." كما إنه يقدَّم "مع خبز بدون خميرة" حتى يتعلم شعب الله ألا يكون له أية علاقة بالخطية فيما بعد. "نحن الذين متنا عن الخطية، كيف نعيش بعد فيها؟" هنا ندرك قصد الله من ممارسة الفصح بالعجلة، فالحاجة إلى التصميم والطاعة واتّباع خطة الله بلا تردد كما قال أحد الخدام: بلا قيود وبلا شروط وبلا حدود. لذلك يوجهنا الكتاب المقدس إلى سبعة نواحٍ روحية ينبغي أن نسرع فيها:
أولًا: أسرع للخلاص - "فكيف ننجو نحن إن أهملنا خلاصًا هذا مقداره؟" هذا ما قاله المسيح لزكا عندما كان على الشجرة: "يا زكا، أسرع وإنزل، لأنه ينبغي أن أمكث اليوم في بيتك." أسرع فالرب سيدخل بيتك وقلبك وحياتك. ذات يوم من الأيام ضلّت ابنة الطريق، وبعد أن ضاقت بها الحياة فكّرت بالرجوع إلى الأحضان الأسروية. بعد أن أسدل الظلام ستارة على الكون جاءت إلى بيت الأسرة تعدّ الخطى، ولدهشتها وجدت باب البيت مفتوحًا ويشع منه نور يضيء مدخله، وحجرتها مضيئة أيضًا. جلست على البيانو وعزفت ترنيمة "كما أنا آتي إلى فادي الورى مستعجلا". التفّ حولها أفراد العائلة بالقبلات والأحضان، وأخبروها أن الباب المفتوح والنور المضاء هو إعلان عن حبنا لكِ. "اليوم حصل خلاص لهذا البيت... اليوم يوم خلاص والوقت وقت مقبول... اليوم إن سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم."
ثانيًا: أسرع للخدمة - يكتب بولس في رسالته الثانية إلى تيموثاوس والأصحاح الرابع "بادر أن تجيء إليّ سريعًا، لأن ديماس قد تركني إذ أحب العالم الحاضر." ثم يضيف هذا القول: "الجميع تركوني. لا يُحسب عليهم. ولكن الرب وقف معي وقوّاني، لكي تُتَمّ بي الكرازة." الله يريدنا أن نخدم، لذلك يشبه خدمة الكنيسة في رؤيا 6:16 بالزيتونتين والمنارتين لأن الزيتونة تجود بثمر وتدرّ الزيت الذي هو مصدر النور.
مَثُلَ مرة أحد ضباط الجيش الإنجليزي أمام قائده ولنجتن قائلًا: يا سيدي لماذا تغضب ولم أتأخر عن الموعد سوى خمس دقائق؟ فرد عليه ولنجتن رجل الحرب المحنك: إن خمس دقائق كافية لأن تكسب المعركة وتحدد مصير التاريخ. قد تتأخر عن أداء الخدمة أو الشهادة، وقد تؤجل بعض المهام التي شرفك الرب بها لخمس دقائق فقط، وتنسى التكليف الإلهي "اليوم يوم خلاص... والوقت وقت مقبول... اليوم إن سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم."
ثالثًا: أسرع للمصالحة - في متى 5، هناك أمر صريح: "كن مراضيًا لخصمك سريعًا ما دمت معه في الطريق، لئلا يسلّمك الخصم إلى القاضي." هذا يلزمنا ألّا نضع يدًا "على أحد بالعجلة"، وبحسب أسلوب بولس أن تعطي فرصة للمصالحة. لا تحكم على الناس من كلام الناس، فهذا خطر تقع فيه كل الأجناس البشرية، فإن كانت هناك خصومة "فاترك هناك قربانك قدام المذبح، واذهب أولًا اصطلح مع أخيك." إن الخصومة لا تبقى إلى الغد "لا تغرب الشمس على غيظكم، ولا تعطوا لإبليس مكانًا." "لا تكن مخاصمة بيني وبينك" كما أفصح إبراهيم للوط. وعندما وقع لوط في مخاصمة الملوك لم يشمت به إبراهيم، ولم ينتقده أو يشهّر بضعفاته، بل هبّ لنجدته مع كونه مؤمن جسدي. هنا الإيمان العامل بالمحبة "ومن هو ضعيف في الإيمان فاقبلوه، لا لمحاكمة الأفكار... لأن الله قبله... ولكن ويل لذلك الإنسان الذي به تأتي العثرة!" يحيرني أولئك الذين يشيعون خصومة حيث لا خصومة لكي يلهوا الناس عن أخطائهم. "أما خاطئ واحد فيفسد خيرًا جزيلًا." ومن شابه راعيه ما ظلم.
رابعًا: أسرع للاستماع - "ليكن كل إنسان مسرعًا في الاستماع، مبطئًا في التكلم، مبطئًا في الغضب." و "لا تسرع بروحك إلى الغضب، لأن الغضب يستقر في حضن الجهال." و "بطيء الغضب، كثير الفهم." (جامعة 29:14) قد لا تسمع الرسالة مرة أخرى. لذلك اسمع النصيحة قبل فوات الأوان. يدهشني ما جاء في حزقيال 37 "أنزلني (روح الرب) في وسط البقعة وهي ملآنة عظامًا... أيتها العظام اليابسة، اسمعي كلمة الرب (وليس كلمة حزقيال)..." وقامت العظام اليابسة. إن كلمة الله تحيي النفس وتشفيها وتردها وتريحها. "يرد نفسي يهديني إلى سبل البر من أجل اسمه". من عادتنا أن نأتي إلى الكنيسة للتعليم والشركة وكسر الخبز والصلوات، ولكن نأتي أيضًا لنتكلم مع الله، بل لنعطي فرصة لكي يكلمنا الله. "اختبرني يا الله واعرف قلبي. امتحني واعرف أفكاري. وانظر إن كان فيّ طريق باطل، واهدني طريقًا أبديًا."
خامسًا: أسرع للتعبّد - في بشارة لوقا والأصحاح الثاني يؤكد لنا أنه لما ولد يسوع أن الرعاة "جاءوا مسرعين، ووجدوا مريم ويوسف والطفل مضجعًا في المذود." فمجدوا الله وسبحوا تسبيحات المجد والسلام والمسرة. يُقال عن مايكل أنجلو النحات والمثّال أنه مرّ يومًا على كومة من القمامة بها قطعة رخام مهملة ورديئة جدًا، وتطلع إليها ليرى فيها روعة من روائع فنه. أمسك بإزميله ومهارته ليشكّل منها ملاكًا جميلًا. إن الله بعد أن يخرجنا من قمامة الخطية يشكلنا إنسانًا جديدًا "قلبًا نقيًا اخلق فيّ يا اَلله، وروحًا مستقيمًا جدّد في داخلي." هنا يفيض القلب واللسان بالشكر والحمد لله، وهذا هو معنى التعبد! "اعبدوا الرب بخوف، واهتفوا برعدة." أسرع لتأخذ حياة جديدة، فالأعرج وثب "ووقف وصار يمشي، ودخل معهما إلى الهيكل وهو يمشي ويطفر ويسبح الله."
سادسًا: أسرع للضيافة - إن الضيافة المسيحية ليست المجاملة أو التظاهر بالكرم، لكنها ممارسة ترجع إلى أصل الإنسان وفصله وتبيّن نوع ديانته وتديّنه "لأن بها أضاف أناس ملائكة وهم لا يدرون." وكانت لهم مكافأة جلّى "فإني أُكرم الذين يكرمونني." كما في تكوين 18 "فأسرع إبراهيم إلى الخيمة إلى سارة، وقال: أسرعي بثلاث كيلاتٍ دقيقًا سميذًا. اعجني واصنعي خبز ملّة... وأخذ عجلًا رخصًا... ثم أخذ زبدًا ولبنًا... ووضعها قدامهم." هنا جاء الوعد بالنسل المبارك. هذا ما تشير إليه كلمات إيليا عندما قال: "اصنعي لي كعكة أولًا." لذلك "كوار الدقيق لا يفرغ وكوز الزيت لا ينقص." أسرع إلى الضيافة، إلى حب الناس، لكن لنمارس هذا الامتياز بروح الحكمة، فكم من كريم حقد عليه الناس، وكم من رحيم قَسَا عليه أصدقاء الكورة البعيدة – أصحاب الخنازير. إن محبة إبراهيم وسارة وتفاهمهما هما مضرب الأمثال، فكيف نفسر "وإلى رجلكِ يكون اشتياقكِ وهو يسود عليكِ"؟ إن القصد هو أن يتوق قلب حواء إليه، ويميل ويتلذذ معه، أما آدم فقيادته تتجلى في خدمته وفي تحمّل مسؤوليتها كوكيل صالح أمام الله. هنا يمكن أن نرى التسلط كمن ينظر إلى مرآة فتستحوذه، ولكن لا تدمر شخصيته أو تضع من قيمته. هذا ما تبينه كلمة الله.
سابعًا: أسرع لملاقاة الحبيب - "فبما أن هذه كلها تنحلّ، أي أناس يجب أن تكونوا أنتم في سيرة مقدسة وتقوى منتظرين وطالبين سرعة مجيء يوم الرب." "والمستعدات دخلن معه إلى العرس." "فاستعد للقاء إلهك"، وكن يقظًا بأن تملأ مصباحك زيتًا. "لا يتباطأ الرب عن وعده كما يحسب قوم التباطؤ." "آمين، تعال أيها الرب يسوع." إذًا كيف نوفّق بين الغضب وبر الله في هذا الجزء من كلمة الله، "لأن غضب الإنسان لا يصنع بر الله"؟ إننا كسفراء المسيح، كما كان يوسف يمثّل أباه أمام فرعون، نحتاج إلى التحذير "لا تتغاضبوا في الطريق" لأنكم تحملون سمة فرعون وإلا فتك بكم، ولا تنهشوا بعضكم بعضًا بل "ليتقدّس اسمك" يا رب.
دعونا نسرع إلى وحدة الإيمان، والخدمة المشتركة، والاحترام المتبادل، وليكن كل إنسان مسرعًا للخلاص، والمصالحة، والتعبّد، والضيافة، وملاقاة الحبيب، لأنه قد اقترب يوم اللقاء.