إنّ موضوع القيامة من أهم المواضيع التي تكلم عنها المسيح مع تلاميذه. لقد أنذرهم بالفشل الذريع الذي سيصيبهم وكذلك شجعهم برجاء قيامته، ولكنهم كانوا متباطئين لفهم هذه الحقيقة بسبب ما علق بذهنهم عن الملكوت الأرضي الموعود به.
لقد قبضت عليه أيدي الأثمة الأشرار وصلبوه، ولأنه كان هو المرموز إليه منذ القديم، فقد أقيم من بين الأموات في اليوم الثالث، "وصار باكورة الراقدين" كمثال لكل الأبرار الذي سيغيّر شكل جسد تواضعهم ليكون على صورة جسد مجده، ولكن ما كان للتلاميذ أن يصدقوا، ولهذا عندما قام المخلص وهتفت الملائكة فرحة كانوا هم ينوحون ويفكرون في قبره الفارغ. فذلك اليوم الذي كان يوم بهجة وسلام وفرح وانسجام لكل من في السماء كان يوم شك وحيرة وارتباك وحسرة للتلاميذ. لقد اتُّهموا بسرقة جسد المسيح، وكان ذلك وحده كفيلاً بأن يذكرهم بما قاله رب المجد عن قيامته.
لقد صدّق الحرس الروماني مع شهادات النساء اللواتي عدن برسالة الملاك إليهم: "لماذا تطلبن الحيّ بين الأموات؟ ليس هو ههنا، لكنه قام! اذكرن كيف كلّمكنّ وهو بعد في الجليل قائلاً: إنه ينبغي أن يسلّم ابن الإنسان في أيدي أناس خطاة، ويُصلب، وفي اليوم الثالث يقوم."
ثم أكدت لهم مريم المجدلية أنها رأت المسيح، وأخيرًا جاءتهم شهادة تلميذَي عمواس.
إن عدم تصديقهم لكل هذه الأدلة يرينا إلى أي حدٍّ هبط إيمانهم وضعف. لأنه لم يكن ممكنًا لهم، قبل أن ظهر لهم المسيح بنفسه، أن يتذكروا الكلام الذي كلمهم به قبلاً عن موته وقيامته من بين الأموات. ورغم كل ذلك، نجد توما التلميذ الذي كان متغيبًا حين ظهر المسيح لزملائه، لا يصدق كل الشهادات السابقة مضافًا إليها شهادة إخوته التلاميذ، قائلًا: "إن لم أبصر في يديه أثر المسامير... وأضع يدي في جنبه لا أومن." (يوحنا 25:20) إن تصرفًا كهذا من توما يظهر لنا المستوى الذي انحدر إليه التلاميذ في تشبثهم بالآراء البشرية المغلوطة. ولكن ما أن ظهر لهم يسوع وأكّد بأنه مخلصهم الحي الذي حطّم قيود الهاوية والقبر، حتى تلاشت شكوكهم كما يتلاشى ندى الصباح أمام الشمس المشرقة. وأفسح عدم اليقين المجال للإيمان، وعبارات الشكوك والارتباك أفسحت الطريق لدلائل الفرح. ولا عجب أنهم بعد قيامته، "كانوا في الهيكل يسبحون ويباركون الله. وحين ارتفع المسيح عنهم وسمعوا وعد الملاكين بأنه سيعود ثانية فرحوا ولكن تلك الفرحة وصلت ذروتها بنزول المعزي الموعود به يوم الخمسين حيث انتعشت نفوسهم لإحساسهم بوجود سيدهم الصاعد. من ثم تيقن التلاميذ كما نحن اليوم أنه لا موت ولا حياة، لا علو ولا عمق، لا ملائكة ولا رؤساء تقدر أن تفصل المؤمن الحقيقي عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا.