قال أيوب للرب: "قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ تَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ، وَلاَ يَعْسُرُ عَلَيْكَ أَمْرٌ."
وقال يعقوب ليوسف ابنه: "الله القادر على كل شيء ظهر لي... وباركني."
(تكوين 3:48) وحين بارك هو يوسف في تكوين 25:49 قال: "مِنْ إِلهِ أَبِيكَ الَّذِي يُعِينُكَ، وَمِنَ الْقَادِرِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ الَّذِي يُبَارِكُكَ." وحين كلم الله موسى كي يرسله إلى فرعون قال له:
"إني الإله القادر على كل شيء." (خروج 3:6) وترد عبارة "القادر على كل شيء" مرارًا في العهد القديم. كما أنها ترد في العهد الجديد أيضًا، مثل ما جاء في 2كورنثوس 18:6 "وأكون لكم أبًا وأنتم تكونون لي بنين وبنات، يقول الرب القادر على كل شيء." فنرى أنه من بداءة الكتاب المقدس، الذي هو كلام الله يعلن الله عن ذاته أنه القادر على كل شيء. ليس ذلك فقط، بل في كلٍّ من سفري التكوين والخروج أعطى الله أدلة قاطعة وبراهين كثيرة لهذه الحقيقة. في سفر التكوين، أول ما قاله الله هو "ليكن نور فكان نور." (عدد 3). ليتنا نفكر جديًا في هذه الحقيقة الجليلة وهي عظمة وجلال هذه القدرة الإلهية الواردة في الأصحاح الأول من سفر التكوين. قدرة الخالق غير المحدودة. وكذلك في سفر الخروج أظهر الله قدرته غير المحدودة، وذلك في الضربات العشرة التي أوقعها على مصر؛ ثم في عبور الشعب البحر الأحمر "كما في اليابسة، الأمر الذي لما شرع فيه المصريون غرقوا." (عبرانيين 29:11) كان الرب مرارًا يذكّر بني إسرائيل بهذه الحقيقة لتشجيعهم وتقوية إيمانهم. لذلك نجد أن الذين آمنوا بهذه الحقيقة تغلّبوا على الخوف من أي تهديد بشري. حين هدد نبوخذنصر الفتيان الثلاثة الذين رفضوا أن يسجدوا للتمثال الذي صنعه، قالوا له: "هوذا يوجد إلهنا الذي نعبده يستطيع أن ينجينا من آتون النار المتقدة، وأن ينقذنا من يدك أيها الملك." (دانيآل 17:3)
بهذه الثقة في قدرة الله غير المحدودة قاد موسى الشعب في البرية أربعين سنة، وبها أيضًا أدخل يشوع الشعب أرض كنعان وحارب الأعداء واثقًا في قول الرب: "لا يقف إنسان في وجهك كل أيام حياتك. كما كنت مع موسى أكون معك. لا أهملك ولا أتركك." (يشوع 5:1) "وماذا أقول أيضًا؟ لأنه يعوزني الوقت إن أخبرت عن جدعون، وباراق، وشمشون، ويفتاح، وداود، وصموئيل، والأنبياء، الذين بالإيمان: قهروا ممالك، صنعوا برًا، نالوا مواعيد، سدّوا أفواه أسود، أطفأوا قوة النار، نجوا من حدّ السيف، تقوّوا من ضعف، صاروا أشداء في الحرب، هزموا جيوش غرباء." (عبرانيين 32:11-34)
ولنتذكر أن قدرته على كل شيء تشمل أكثر من أعماله المعجزية. قال داود للرب: "يا رب، قد اختبرتني وعرفتني... فهمت فكري من بعيد... لأنه ليس كلمة في لساني إلا وأنت يا رب عرفتها كلها." (مزمور 1:139-4) وبالطبع هذا ينطبق على كل إنسان وليس على داود وحده. ولذلك يجب أن نفكر في هذه القدرة غير المحدودة. إن إلهنا القادر على كل شيء هو أيضًا العالِم بكل شيء. يعرف كل فكرٍ يخطر على بال كل إنسان في نفس الوقت، في هذا العالم الذي فيه أكثر من 7 مليارات شخص في الشرق والغرب، وفي الشمال والجنوب، وهو يتذكر ولا ينسى أبدًا كل كلمة يقولها كل إنسان في كل لحظة. وذلك ليس فقط فيما يتعلق بالأحياء، بل هو يتذكر كل فكر وكل كلمة نطق بها كل إنسان عبر آلاف السنين الماضية. ألا يجعلنا هذا ننحني بخشوع أمام هذا الإله الذي "قال فكان وأمر فصار." حقًا هو القادر على كل شيء والعالِم بكل شيء.
والآن سنكتفي بالكلام عن قدرة الرب نحونا نحن المؤمنين:
"من ثم كان ينبغي (المسيح) أن يشبه إخوته (نحن المؤمنين) في كل شيء (أي يتجسّد)، لكي يكون رحيمًا، ورئيس كهنة أمينًا في ما لله حتى يكفّر خطايا الشعب. لأنه في ما هو قد تألم مجرَّبًا يقدر أن يعين المجربين." (عبرانيين 17:2-18)
"فمن ثم يقدر أن يخلص أيضًا إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله، إذ هو حي في كل حين ليشفع فيهم." (عبرانيين 25:7)
"والقادر أن يفعل فوق كل شيء، أكثر جدًا مما نطلب أو نفتكر، بحسب القوة التي تعمل فينا. له المجد في الكنيسة في المسيح يسوع إلى جميع أجيال دهر الدهور. آمين." (أفسس 20:3-21)
"لهذا السبب أحتمل هذه الأمور أيضًا (أي الاضطهادات). لكنني لست أخجل، لأنني عالِم بمن آمنت، وموقن أنه قادر أن يحفظ وديعتي إلى ذلك اليوم." (2تيموثاوس 12:1)
"فان سيرتنا نحن هي في السماوات، التي منها أيضًا ننتظر مخلصًا هو الرب يسوع المسيح، الذي سيغيّر شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده، بحسب عمل استطاعته (أي قدرته غير المحدودة) أن يخضع لنفسه كل شيء." (فيلبي 20:3-21)
"والقادر أن يحفظكم غير عاثرين، ويوقفكم أمام مجده بلا عيب في الابتهاج، الإله الحكيم الوحيد مخلصنا، له المجد والعظمة والقدرة والسلطان، الآن وإلى كل الدهور. آمين." (يهوذا 24 و25)
إذًا، افرحي وابتهجي يا نفسي، إن الذي أحبك وأسلم نفسه لأجلك هو ملك الملوك ورب الأرباب القادر على كل شيء، "فاعل عظائم لا تُفحص، وعجائب لا تُعدّ." (أيوب 10:9)