نحتفل هذه الأيام بذكرى ميلاد الرب يسوع، ذلك المحرر الأعظم الذي قال لنا: "إن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحرارًا." ما أمجد كلمة الحرية وما أسعد من يعمل لتحرير الآخرين.
إن محرر العبيد في أميركا الشمالية - إبراهام لنكولن - كان رجلًا عظيمًا، لأنه كسر النير عن أعناق العبيد. أما الرب يسوع المسيح فقد أتى ليحرّر البشرية بأسرها، ليكون لها الحياة الفضلى.
إن العبودية أصناف: فهناك العبودية السياسية التي هي شرّ لا يحتمل ولا يطاق. فكون الإنسان يعيش ويفكّر ويتصرّف ويتكلّم بتصريح من الحاكم السياسي يجعل من الموت أفضل من مثل هذه الحياة. لكن الذين لهم روح الجبن، يَقْبلون القيود التي تفرض عليهم، ويتودّدون للحاكم، حتى يلقي إليهم ببعض الفتات من على مائدته، أما الذي عنده الشجاعة الكافية فلا يقبل بها. إن الحرية السياسية تمتّع الشعب بكل ما هو سامٍ ونبيل، أما العبودية السياسية فتقود الأمم إلى الفقر الحقيقي.
وهناك العبودية الذهنية. فكم من أناس في العالم يتمتعون بكمال الحرية السياسية، لكننا نجدهم عبيدًا للأصنام. فالذي ينحني أمام وثن لينال بركته هو عبد مكبّل بالضلال، لأن الخرافات تقيّده بسلاسل قاسية. فكون الإنسان يخاف من لعنة الأصنام، ينحني أمامها؛ هذه هي العبودية العقلية. ومن ينحني أمام الخرافات يعيش في ظلمة الرعب والهلاك. إن خداع إبليس الذي يقيّد الإنسان بسلاسل الخرافات، يجب أن يحلّ محلّه الإيمان المقدس في المخلص القدوس. فيسوع ابن الله هو وحده القادر على هذا التحرير. فالحق يحطم قيود الأصنام والروح القدس يُخرج النفوس من هذه العبودية.
لكن أشر عبودية هي عبودية الخطية. إن رغباتنا الجسدية، وميولنا الأرضية، هي بمثابة سادة تسيطر علينا. قد يقول إنسان: إن الخرافات لا ترعبني، وبناء على هذا فأنا أتمتع بالحرية، لكنه في الوقت ذاته قد يكون عبدًا لميول قلبه الشرير، فيكون كحيوان يدير طاحونة المطامع، أو كإنسان وُضع في سجن الشهوات، أو كمن يُسْحب بسلاسل ثورات الغضب. لكن الإنسان الحر هو من يسيطر على نفسه بفضل نعمة المحرر الأعظم.
دعونا نلتجئ إلى المحرر الأعظم لكي ننال الحرية الحقيقية من العبودية والظلمة، ويضيء النور الحقيقي في حياتنا.
وكل عام وأنتم بخير