Voice of Preaching the Gospel

vopg

إحسان بطرسفي أجسادنا يوجد ما يسمّى بالأنسجة الرابطة (الضّامة)، وهي تُشكّل أجزاء عديدة من أعضائنا، كالأربطة التي تربط المفاصل، والأوتار التي تربط العضلات بالعظام، والغضاريف المختلفة، والعظام التي تُشكل هيكلنا العظمي. كما يعتبر الدم نوعًا من الأنسجة الرابطة، رغم كونه سائلًا، فهو ينقل العناصر الحيوية لاستمرارية حياة الأعضاء.

ووظيفة هذه الأنسجة كما يعلم غالبيتنا، هي ربط الأنسجة والأعضاء مع بعضها لتأدية الوظيفة الصحيحة وحفظها في المكان الصحيح، أو حمايتها من الاحتكاك كغشاء القلب (التامور)، ومؤازرة الأعضاء التي تحيط بها، أو امتصاص الصدمات التي يتعرّض لها الجسم، كما لها الدور في تدعيم بقية الأعضاء ومساندتها أثناء حمل الجسم للأثقال. وللبعض الآخر دور في تخزين الطاقة والمحافظة على حرارة الجسم كما في النسيج الدهني، ولبعضها مهام دفاعية وقتل الأجسام الضارة التي تحاول اختراقه.
وبينما كنتُ أراجع بعض المصادر عن هذا الموضوع، كنتُ أقرأ أيضًا في بعض رسائل العهد الجديد، فوجدتُ نفسي منقادًا بالروح القدس للتأمل في موضوع "وحدانية الروح". فذكّرني بالوظائف المتعددة لأعضاء الجسد الواحد، أي الكنيسة: "رباط السلام" (أفسس 3:4)، و"رباط الكمال" (كولوسي 19:2). فاكتشفت أنّ الأنسجة الرابطة صورة جميلة تتكلم لنا كيف يجب أن يكون بين الأعضاء اهتمامًا واحدًا لمصلحة الجسد (1كورنثوس 25:12). فهناك ترتيب ونظام به نحافظ على وحدانيّة الجسد (أي الكنيسة) بتناغم وتوافق بالمحبّة الإلهيّة التي تسري فينا كسريان الدم بلا توقف في أجسامنا.
فما أجمل خدمة بولس وهو يعمل كنسيج رابط، يُرسل العضو الجديد الذي دبّت فيه الحياة الأبدية إلى الكنيسة المجتمعة في بيت فليمون المحب والحنون ليقبله ليكون عضوًا فعالًا بعد أن كان سابقًا غير نافع. وفليمون كان متمثلًا بفاديهِ، وقد قَبِل أنسيموس برباط المحبّة كعضو نافع لكل الجسد، وبمحبة المسيح وغفرانه سامح أنسيموس على كل ما سبق. كانت محبة فليمون كأنها بالفعل رباط الكمال الذي جعل الكنيسة وحدة واحدة! فليس هناك مؤمن من درجة أولى أو ثانية بل الجميع واحد والأعضاء تهتم لأجل بعضها البعض. وفي نفس الوقت كان أنسيموس مدعومًا ومسنودًا برسالتين كانتا له كأربطة ومفاصل ساعدته على الوقوف بعزم والرجوع بفرح إلى بيت الأخ فليمون.
ما أروع المؤمن الذي يوصل أوكسجين الحياة (أنفاس الله أي كلمة الله) إلى المؤمنين ويشجعهم ويثبتهم لاستنشاق وعود الله الأمينة، ويساعدهم على الزفير (أي طرح الخطايا) كما فعل القديس يوحنا في رسالته الأولى. فهو لم يكتب: "إن اعترفتم بخطاياكم،" بل "إن اعترفنا بخطايانا (صغارًا وكبارًا، قُسسًا وأعضاء جدد أو قدامى في الكنيسة)." فهو يرينا كيف يجب أن نكون كأنسجة رابطة تحفظ بقية أعضاء الجسد في حيويّة دائمة.
وما أجمل القديس الذي يساند المؤمنين أثناء الخطر والبلوى المحرقة، فهو يجعلهم يتشددون رغم ضربات الاضطهادات الموجهة إليهم، فهو يعمل كالقفص الصدري الذي يحمي القلب وأعضاء أخرى حساسة في الجسم. فبطرس الرسول طوّق قلوب سامعيه في رسالته الأولى بالنعمة الحقيقية وبدم المسيح الذي رش بالإيمان على قلوبنا، وبضمانات إلهية تساندنا وتجعلنا ننام على وسادة المحبّة والنّعم التي تغطينا من إله كل نعمة! فلا نرتعب من أي اضطهاد ولا نخاف من هجمات الشيطان.
وكما يعمل الدم في نقل الهرمونات والمنبهات للدماغ، هكذا حرّض الرسول بطرس على الصلاة بصحوة حقيقية لكي نفرح ولكيلا يغزونا الشيطان من باب الجهل الذي يستخدمه. حقًا لقد فعل كما أمره يسوع بقوله: "ثبّت إخوتك." وبمصطلح علم الأنسجة: كن كـ "نسيج رابط."
أما في رسالته الثانية فهو يعمل كمن يوصل الخلايا اللمفاوية للدفاع ضد هجمات المعلمين الكذبة المُمرِضة. فعلاً إنه أحد أعمال الأنسجة الرابطة فما أجمل أن نتمثل بذلك، إذ نوصل التعاليم الكتابية الصحيحة الصادقة لكي يكون عند الأعضاء - جسد المسيح أي الكنيسة - مناعة ضد البدع والهرطقات. فمن يعمل ذلك يمجد الله، ويعمل على نمو كل الجسد. وكذلك الأخ أو الأخت الذي يقف مع أخيه في الإيمان يوم محنته العصيبة، كما فعل لوقا الطبيب مع بولس في سجنه الأخير (2تيموثاوس 11:4)؛ فهو يحمل أثقال الآخرين (غلاطية 2:6).
قبل أن أنهي المقالة، سألت نفسي: هل أنا أعمل كنسيج رابط، مساعدًا ومشددًا إخوتي القديسين، لنكون جميعنا أعضاء حيويّة وفعّالة في نمو الجسد (الكنيسة)؟ وهل أُشدد وأُسند الضعفاء في الإيمان، وهل أكون كغشاء التامور أحفظ قلب أخي في حياة الصلاة باسم يسوع لأجله؟ "حافظكم في قلبي." (فيلبي 7:1)
وهل أنقل الغذاء الروحي (كما يفعل الدم والأنسجة اللمفوية) وأحصّن بقيّة الأعضاء ضد بدع الهلاك؟ هل أساعد وأساند من أجل النمو الروحي؟ وهل أعمل مع باقي الأعضاء بانتظام ليكون النمو سليمًا؟
"بل صادقين في المحبة، ننمو في كل شيء إلى ذاك الذي هو الرأس: المسيح، الذي منه كل الجسد مركبًا معًا، ومقترنًا بمؤازرة كل مفصلٍ، حسب عمل، على قياس كلِّ جزءٍ، يُحصّل نموّ الجسد لبنيانه في المحبّة."
أخيرًا، يجب أن أحذّر نفسي وجميع إخوتي لئلا نكون منفصلين عن الرأس! فسيولوجيًا، عندما ينقطع الاتصال العصبي بين الرأس وعضو معين، فذلك العضو يضعف ثم يضمر. روحيًا، هذا ما يحدث عندما نستبدل شركتنا الروحية (1يوحنا 1) بطقوس وفرائض دينية مأخوذة من مبادئ العالم أو من فلسفات فارغة، كفقاعات هوائية جميلة ولكن لا قيمة لها. ويفقد المؤمن قدرته على استقبال الإشارات أو الإيعازات من الرأس – المسيح - الآتية بواسطة الكتاب المقدس والصلاة. لذا فلنسمع هذا التحذير: "وغير متمسكٍ بالرأس – المسيح - الذي منه كل الجسد بمفاصلَ وربطٍ، متوازرًا ومقترنًا ينمو نموًا من الله." (كولوسي 19:2)

المجموعة: تشرين الأول (أكتوبر) 2018

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

428 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
11577352