إن النصيحة التي يقدّمها مخلصنا لكل من يريد أن يصبح تلميذًا له هي هذه: اعمل حساب النفقة. فالله يفحص أولئك الذين يريدون الانضمام إليه، ويحثّهم أن يمتحنوا أنفسهم لئلا يبدأون حياة الإيمان ولا يستطيعون الاستمرار فيه. فالمسيحية الحقة ليست هي إظهار التديّن، أو الحماس في اتباع فكرة خاصة، لكنها في الواقع قبول مبادئ وحياة يمكن للإنسان أن يستمر فيها إذا صادفته أقسى الاختبارات.
لقد دخل الكثيرون إلى المسيحية أثناء اجتماعات انتعاشية قُدِّمت فيها عظات ملتهبة بكلمات مؤثّرة، بينما دخل آخرون إليها جالسين هادئين، يمسكون أقلامهم ويحسبون نفقة اتّباع المسيح. فإذا أخضع الإنسان ذاته لتأثيرات الروح القدس، فإنه سيعمل حسابًا سليمًا ودقيقًا، ويصل في النهاية إلى أن اتباع الرب يسوع هو أفضل وأمجد عمل. نعم، إن الحماس والغيرة والاشتعال الروحي هي أمور مرغوبة، إلا أنه في الوقت ذاته يمكننا قبول المسيح عن طريق المنطق الهادئ والتفكير الراجح. إننا بحاجة إلى تقدير سليم، وتفكير عميق في كل الأشياء الوقتية الحاضرة، والأشياء الأبدية الآتية. عندئذ يمكننا أن نتحدّى كل الأرباح الأرضية الفانية حين نعلن أن أحكم تصرف وأفضل قرار نتّخذه هو أن يكون الإنسان تلميذًا للرب يسوع. ولعلّ الرسول بولس قد سبقنا في القيام بمثل هذا الحساب، لأنه كان يجيد الحساب الروحي، ويحسن التقدير السماوي. فهو في حسابه لم يتجاهل الخسارة الوقتية التي كان لا بدّ أن يصادفها، ومن الجانب الآخر تشبّث بالربح الروحي والأبدي الذي من أجله تحمّل كل خسارة في العالم من أجله. هكذا فعل بولس بتفكيره الصحيح الذي أضاف، وطرح، وعمل حساباته حتى حصل على الميزانية، واتّخذ قراره المصيري بهدوء حين قال: "إني أحسب كل شيء أيضًا خسارة من أجل فضل معرفة المسيح يسوع ربي." (فيلبي 8:3)
ليتنا نتشبّه بالرسول بولس فنستخدم المنطق السليم لما يتعلّق بالأمور الأبدية، ونحسب "ماذا لو اتبعنا المسيح وصرنا تلامذة له؟"
ليتنا نحسب النفقة ونتبع الفادي قبل أن تنتهي فرصة الحياة القصيرة أمامنا. ونثق بأن الَّذِي ابْتَدَأَ فِيكُمْ عَمَلاً صَالِحًا يُكَمِّلُ إِلَى يَوْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ (فيلبي 6:1)