Voice of Preaching the Gospel

vopg

القس بسام بنورةفي أعماق كل إنسان أشواق حقيقية لحياة فضلى في هذا العالم وما بعد الموت. حتى الملحد يجد نفسه عرضة للبحث الحثيث عن معنى الحياة. فمهما حاول أن يقنع نفسه بفنائية الوجود بعد الموت، إلا أنه يتشوّق أن ينال ما هو خير بعد الموت.

كل إنسان مؤمن يريد أن يكون له نصيب في السماء. وكذلك كل إنسان لديه فضول كبير ليعرف تفاصيل كثيرة عنها:
كيف ستكون الحياة في السماء؟ وأين السماء أصلًا؟
وما هو شكلها وحجمها؟ ومن يسكنها؟ وكيف هي أشكالهم؟
وماذا يعملون طوال الوقت الذي لا ينتهي أبدًا؟
كذلك كثيرًا ما يسأل الناس عن كيفية الوصول إلى السماء، ومتى ينتقل الإنسان إلى هناك، هل في لحظة الموت أو في يوم القيامة الأخير. ومع ذلك هناك في العالم من يدّعي أن السماء مجرد حالة معنوية أو روحية وليست مكانًا حقيقيًا، مع أن الرب يسوع أكّد لنا في يوحنا 1:14-16 أن السماء مكان حقيقي يوجد فيه المسيح الآن، وسنكون معه هناك إلى أبد الآبدين. "حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا".
السماء مكان حقيقي وموجود، وليست مجرد حالة روحية أو معنوية. أخبرنا ربنا يسوع في يوحنا 2:14 "فِي بَيْتِ أَبِي مَنَازِلُ كَثِيرَةٌ." إذًا السماء هي بيت الآب، والرب يسوع يعدّ لنا مكانًا هناك لنعيش معه إلى الأبد. لدينا في الكتاب المقدس براهين كثيرة على أن السماء مكان حقيقي، ومكان رائع وبهيج. فلو قارنت كل جمال جبال الألب، وسهول أستراليا، وسحر وولت ديزني، وعظمة جبال الهمالايا، وروعة شلالات نياجارا، فإن هذه كلها تعتبر لا شيء أمام ما أعده الله لنا في السماء.
يوجد في السماء منازل للمفديين: منزل لكَ ولكِ يا أختي ويا أخي في الرب يسوع المسيح. هناك في السماء سنسير في شوارع من ذهب وسنرى كل المفديين من أيام آدم وحتى نهاية الأيام على الأرض... في السماء ستزول جميع مظاهر الضعف والشر والمرض، والسرطان، والسكري، والإنفلونزا وأمراض القلب والكبد والكلى، وستزول الدموع والتأوّهات والحسرة والوجع إلى الأبد. سنتحرر من كل لعنة نعاني منها هنا على الأرض: فلا مكان للخطية والفقر والحروب والموت. والأهم أنه لا مكان فيها للشيطان الذي هو سبب كل شر.
في السماء لدينا حياة لنتمتّع بكل ما هو رائع ومسر وجميل ومقدس. السماء هي وطننا الحقيقي، ولو استطعنا فعلًا أن ندرك بعقولنا المحدودة عظمة السماء وروعتها لشعرنا بأشواق قوية ورغبة جامحة بأن ننتقل لنسكن هناك مع رب المجد وجند السماء وجميع المفديين.
نقرأ في رؤيا 16:21 بأن "الطُّولُ وَالْعَرْضُ وَالاِرْتِفَاعُ" في السماء متساوية، أي لن يكون هناك تمييز في الأبعاد والمسافات. فأينما نكون، سنكون حتمًا في مسكن الله مع الناس. كذلك نقرأ في رؤيا 9:21-27 عن مواصفات السماء الكثيرة والرائعة، فهي مصنوعة من الذهب الخالص وكل أنواع الحجارة الكريمة والثمينة. وكل باب من أبوابها الاثني عشر مصنوع من لؤلؤة واحدة (21:21). وأساسات سور المدينة "مزينة بكل حجر كريم." (19:21)
تصوّروا معي يا إخوتي آلاف وملايين الأميال من الياقوت والعقيق والزمرد والزبرجد والإسمانجوني. أجل ما أروع بيتك يا الله!
دعوني أشدد مرة أخرى على حقيقة مجيدة تتعلق بالسماء، وهي ما نقرأه في رؤيا 4:21 "وَسَيَمْسَحُ اللهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ، وَالْمَوْتُ لاَ يَكُونُ فِي مَا بَعْدُ، وَلاَ يَكُونُ حُزْنٌ وَلاَ صُرَاخٌ وَلاَ وَجَعٌ فِي مَا بَعْدُ، لأَنَّ الأُمُورَ الأُولَى قَدْ مَضَتْ."
الموت عدو لئيم وقاسٍ. الموت يسلب الطفل من بين يدي أمه، والزوجة من زوجها، والزوج من زوجته. ويسلب الأبناء والبنات من والديهم، والآباء من أبنائهم. الموت يدخل كل البيوت والغرف، ويسير في كل الشوارع، ويحلق في السماء ويغوص في أعماق البحار. الموت يجدنا أينما كنا ليقضي علينا ويدمّر ما فينا من حياة. الموت عدو دولي، فهو يهاجم كل أمة وكل شعب في كل الفصول. الموت لا يتعب من طرح جميع ضحاياه تحت كومة من تراب.
ولكن شوكة الموت هذه قد كسرها يسوع بموته وقيامته. أجل ففي قيامة المسيح من بين الأموات، أصبح الموت للمؤمن نقطة عبور من حياة الأرض المليئة بالهموم، والمتاعب، والأمراض، والمشقات إلى حياة السماء حيث المجد الأبدي.
صحيح أننا كبشر نخاف من الموت، بل لا نريد أن نموت. فحتى المؤمن في معركته مع المرض يصلي من أجل الشفاء لأنه لا يريد أن يموت، فهو يريد أن يصرف مزيدًا من الوقت في هذا العالم.
ولكن دعونا نتذكّر أن فوق القبور وعد رجاء وأمل رائع. فإن شاء الرب وأطال حياتنا، فله الشكر، وإن شاء أن نذهب إلى وطننا السماوي فله كل المجد. عند حافة القبر، نقف لنبكي من رحلوا عنا، أما هم فإنهم عند موتنا يقفون في الجهة الأخرى فرحين بحضورنا.
في المثل الذي رواه الرب يسوع عن الغني ولعازر، قال الرب يسوع بأن الغني المعذب في اللهيب رأى من بعيد لعازر وإبراهيم، أي عرفهم وميزهم عن غيرهم من الناس. وهذا دليل، على الرغم من بعض غموضه، فإننا في السماء سنعرف بعضنا بعضًا. في السماء سنعزي بعضنا بعضًا عن أيام الحسرة واللوعة في الأرض، وسيكون الله بذاته أكبر معزٍّ لنا. في السماء سننسى كل ما عانيناه من مرض وتعب ودموع.
حقيقة أخرى مجيدة تتعلق بالسماء وهي أن لها طريق واحد هو الرب يسوع المسيح له المجد! فمن يريد الذهاب إلى السماء وقضاء الأبدية في بيت الآب، لن يجد أي طريق آخر إلا الرب يسوع. أعلن يسوع في يوحنا 6:14 "أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي." فالخلاص هو فقط بدم المسيح. ولا رجاء آخر لمن سار في غير هذا الطريق.
نقرأ في أمثال 12:14 "تُوجَدُ طَرِيقٌ تَظْهَرُ لِلإِنْسَانِ مُسْتَقِيمَةً، وَعَاقِبَتُهَا طُرُقُ الْمَوْتِ." وهذه الطريق مع الأسف الشديد يسير فيها عشرات بل مئات الملايين من البشر اليوم، وهم في سيرهم يعملون بقوة واجتهاد من أجل بلوغ غاياتهم، غير عالمين بأنهم مخدوعون، يسيرون في طريق خاطئ يقودهم إلى الموت وجهنم، وليس إلى الحياة والسماء.
سيأتي كثيرون في اليوم الأخير إلى الرب صارخين: افتح لنا أبواب السماء ودعنا ندخل، فنحن من أتباعك وقد سرنا في الطريق الذي اخترته لنا. لقد صمنا، وصلينا، وأعطينا الزكاة، وحججنا إلى بيتك يا الله. ويهتف آخرون: لقد كنا رجال دين، وبنينا دور عبادة، وأنشأنا معاهد، وجامعات، ومستشفيات. ومع ذلك يكون جواب الرب حاسمًا: اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية. فأنا لم أعرفكم قط، وأنتم لم تعرفوني قط.
وهناك من سينادي بصوت مرتفع: لقد كنا شخصيات مهمة جدًا في العالم... ولكن الرب سيكون ردّه واضحًا: أنا لم أعرفكم قط! وآخرون سيصيحون: لقد كنا ذا أخلاق عالية وسامية ونبيلة جدًا. لقد ساعدنا الفقراء والمحتاجين والأرامل. لقد أنشأنا جمعيات خيرية. وساهمنا في التخفيف عن آلام البشرية. لقد عشنا حياة نظيفة وشريفة: فلم نسرق ولم نكذب ولم نحلف ولم نسكر ولم نزن. وهكذا أيضًا سيكون جواب الرب: اذهبوا أيها الأشرار والخطاة إلى نار جهنم.
ويتقدم قوم آخر إلى الرب قائلين: لقد كنا خطاة. لقد كذبنا وسرقنا وزنينا وحلفنا وخدعنا الآخرين. ولكننا عرفنا أن الرب يسوع يحبنا ودفع ثمن خطايانا بدمه على الصليب. فصرخنا إليه بدموع التوبة أن يبرّرنا بدمه الطاهر. لقد آمنا بالرب يسوع مخلصنا الوحيد. عندها يقول لهم: "تعالوا يا جميع المفديين والمخلصين وادخلوا إلى فرح الآب." فأبواب السماء ستفتح فقط للخطاة الذين تبرروا بدم المسيح.
نحن أيها الأحباء لا نستطيع أن نصل السماء إلا بجواز سفر وحيد اسمه الخلاص. أجل، إن لم نغتسل بدم الرب يسوع فلا سماء لنا بل سيمكث علينا غضب الله.
ما أكثر الذين يعيشون في عالمنا بوجوه مكفهرة وعابسة. يعيشون وقلوبهم مليئة بالسواد. يعيشون بلا رجاء مع أنهم متدينون جدًا، يذهبون إلى بيوت العبادة ومع ذلك فحياتهم كلها سواد ومَرَار لأنهم في الحقيقة لا يملكون أهم شيء في الوجود وهو العلاقة الشخصية مع رب المجد، هذه العلاقة التي تنشأ لحظة التوبة وقبول الرب يسوع في الحياة. أجل إن أسماءهم غير مكتوبة في سفر الحياة، بل في الأسفار الكثيرة التي تملأها أسماء الذين رفضوا ويرفضون رب المجد يسوع.
وعلى نقيض ذلك، يوجد كثيرون ممن يعيشون بفرح دائم يغمر قلوبهم: فإن أصابهم المرض يقولون: الشكر للرب. وإن خسروا مالًا يقولون: مجدًا للرب. وإن تعبوا في الحياة يقولون: نحمد الرب لأنه صالح. هؤلاء ينامون بدون قلق، ويحبون بدون محاباة. ينطقون بالصدق دائمًا ولا يخافون الموت أو الاضطهاد أو أي شيء آخر. أولئك هم الذين اشتراهم الآب بدم المسيح، هم الكنيسة الحقيقية في العالم. هذا العالم الذي فقد بوصلته وأصبح من الصعب على معظم الناس أن يميزوا فيه بين الحق والباطل. هؤلاء هم الذين يسيرون إلى نهاية معروفة سلفًا، ويتجهون بثقة نحو بيت الآب، إلى السماء.
هناك في السماء: سيفرح الجميع. ففي السماء نور دائم، لا توجد فيها ظلمة ولا ليل البتة. ولا توجد مقابر ولا مستشفيات ولا بيوت للعجزة ولا أقسام طوارئ ولا جيوش. ولا يوجد فقراء ومحتاجين. ولا توجد جمعيات خيرية. هناك فقط فرح وسلام وسرور.
في السماء مجد دائم إلى الأبد. وسنرنم ترانيم الظفر والانتصار. وسنهلل إلى الأبد. وسنفرح في حضرة الله الآب والابن والروح القدس. آمين.

المجموعة: شباط (فبراير) 2019

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

426 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
11577442