Voice of Preaching the Gospel

vopg

الدكتور أنيس بهنام"وَهكَذَا تَأْكُلُونَهُ: أَحْقَاؤُكُمْ مَشْدُودَةٌ، وَأَحْذِيَتُكُمْ فِي أَرْجُلِكُمْ، وَعِصِيُّكُمْ فِي أَيْدِيكُمْ." (خروج 11:12)
لما كان الرب على وشك أن يُخرج شعبه من أرض مصر أعطاهم تعاليم نافعة تتعلّق برحلتهم في البرية. ونحن نعلم أن الأمور التي حدثت لهم "كُتبت لإنذارنا نحن الذين انتهت إلينا أواخر الدهور." (1كورنثوس 11:10) فمصر رمز للعالم الذي نعيش فيه.

والبرية رمز لما يواجهه المؤمن في رحلته على هذه الأرض. يصف الكتاب المقدس البرية بعبارات مثل هذه: "مكان حياتٍ محرقة وعقارب وعطش حيث ليس ماء." (تثنية 15:8)
هذه عبارات لا تحتاج إلى تعليق، وهي تنطبق على هذا العالم. لم تكن البرية هدفهم، بل كان لا بد لهم أن يسيروا فيها ليصلوا إلى هدفهم. ولأنها لم تكن موطنهم، لم يبنوا فيها بيوتًا بل كانوا يسكنون في خيام وفي مظلات مؤقتة. لقد لاقوا في رحلتهم صعوبات كثيرة، إلا أن الرب كان معهم. "ثيابهم لم تبلَ عليهم وأرجلهم لم تتورّم هذه الأربعين سنة في البرية." (تثنية 4:8) هذه حقيقة يجب أن نتذكرها دائمًا، وهي أن المؤمن، أي المسيحي الحقيقي، هو سائح، أي رحّال، في طريقه إلى المدينة التي لها الأساسات، التي صانعها وبارئها الله.
توجد صورة لرسام ماهر أعطاها اسم "الرحّال" The Pilgrim وهي عبارة عن رجل يلبس جلبابًا بسيطًا وحول وسطه مِنطقة، أي حزام، ويمسك بعصًا في يده، وقدماه في حذائه، لا يحمل كيسًا ولا حقيبة.
هذه هي الصورة التي يرسمها لنا الوحي المقدس بخصوص المؤمن وسيره في هذا العالم؛ المؤمن الذي أدرك أنه غريب ونزيل في هذا العالم وأنه في طريقه إلى بيته الأبدي.
قال إبراهيم، أبو المؤمنين ووارث المواعيد، لبني حثّ إذ كان يطلب قبرًا ليدفن سارة زوجته: "أنا غريب ونزيل عندكم." (تكوين 4:23) وقال داود للرب: "لأني أنا غريب عندك. نزيل مثل جميع آبائي." (مزمور 12:39) وقال الرسول بطرس: "أيها الأحباء، أطلب إليكم كغرباء ونزلاء أن تمتنعوا عن الشهوات الجسدية التي تحارب النفس." (1بطرس 11:2)
والآن لنتأمل باختصار في هذه الأشياء الثلاثة: أحقاؤنا، أرجلنا، أيدينا.

أولاً: أحقاؤنا
طلب موسى من الشعب أن تكون أحقاؤهم مشدودة، أي أن يلبسوا منطقة حول ردائهم. الرحّال يلبس المنطقة حول ردائه في سيره في الطريق لأنها تساعده وتسهّل سيره. الجلباب الواسع بدون الحزام، أي المنطقة، يعاكس الشخص في سيره. والمنطقة أيضًا نافعة لظهر الإنسان إذ تساعده على السير المستقيم. لما كتب الرسول بولس رسالته إلى المؤمنين في أفسس ليخبرهم عن كل امتيازاتهم الروحية، كتب لهم أيضًا عن الحرب الروحية وعن سلاح الله الكامل، فقال لهم: "من أجل ذلك احملوا سلاح الله الكامل... فاثبتوا ممنطقين أحقاءكم بالحق ولابسين درع البر." (أفسس 13:6-14) فالرحّال يحتاج إلى المِنطقة في سيره مستقيمًا. قال سليمان الحكيم في أمثال 23:23 "اقتنِ الحق ولا تَبِعه." وهذا يعني أنه مهما كلّفك الأمر تمسّك بالحق، ولا تقبل بدل الحق شيئًا مهما كان الأمر. من أراد أن يعرف الحق يجب أن يكون ولاؤه الكامل لكلام الله وليس لآراء البشر أيًّا كانوا. أيها القارئ العزيز، تذكّر قول الرب يسوع للآب: "قدّسهم في حق، كلامك هو حقّ."
اقرأ مزمور 119. هذا المزمور يتكوّن من 176 آية وموضوعه هو كلام الرب ووصاياه التي يُشار إليها في هذا المزمور حوالي 169 مرة. إن كل المصائب التي أصابت بني إسرائيل في رحلتهم كان سببها عدم طاعة الحق، أي كلام الله.

ثانيًا: أرجلنا
"وأحذيتكم في أرجلكم." الأرجل تشير إلى السلوك، والكتاب المقدس يعلمنا الكثير عن السلوك وكيف يجب أن يكون سلوكنا كمؤمنين. يرد ذكر السلوك في الرسالة إلى أفسس سبع مرات، فيذكِّرنا أننا قبل الإيمان كنا أمواتًا بالذنوب والخطايا التي سلكنا فيها قبلاً (أفسس 1:2)، وأما الآن فنحن مخلوقين في المسيح لأعمال صالحة قد أعدّها الله لكي نسلك فيها (10:2)، وأن لا نسلك كما يسلك سائر الأمم ببطل ذهنهم (17:4). كما يذكرنا في 1:4 أن نسلك كما يحق للدعوة التي دُعينا إليها، وهي كما تُعرف "دعوة سماوية" (عبرانيين 1:3) و"دعوة عليا" (فيلبي 14:3). كما أنها "دعوة مقدسة" (2تيموثاوس 9:1). ولنتذكر أيضًا أن الأحذية تساعد على نظافة أرجلنا. فبدونها تصبح أرجلنا قذرة جدًا. وقد علمنا الرب يسوع ليس فقط أن تكون أرجلنا نظيفة بل قال أيضًا: "يجب عليكم أن يغسل بعضكم أرجل بعض." (يوحنا 14:13) ما أخطر كلماته لتلميذه بطرس: "إن كنت لا أغسلك فليس لك معي نصيب." (يوحنا 8:13) أي نظافة السلوك لازمة للتمتّع بالشركة مع الرب. بنظافة السلوك نصبح حاذين أرجلنا باستعداد إنجيل السلام.

ثالثًا: أيدينا
"وعصيّكم في أيديكم." أول مرة تُذكر العصي في الكتاب المقدس هي في تكوين 10:32 إذ كان يعقوب راجعًا من عند لابان إلى بيت أبيه، وكان خائفًا من أخيه عيسو بسبب خداعه له. فاعترف أولاً بعناية الرب به وقال: "بعصاي عبرت هذا الأردن والآن صرت جيشين." لم يحمل يعقوب ثروة في هروبه من بيت أبيه. هذا واضح بما جاء في تكوين 20:28-21 "ونذر يعقوب نذرًا قائلاً: إن كان الله معي وحفظني في الطريق الذي أنا سائر فيه، وأعطاني خبزًا لآكل وثيابًا لألبس، ورجعت بسلام إلى بيت أبي، يكون الرب لي إلهًا." وآخر ذكر للعصا في الكتاب المقدس هو في عبرانيين 21:11 "بالإيمان يعقوب عند موته بارك كل واحد من ابنَي يوسف وسجد على رأس عصاه." العصا تشير إلى حاجة الإنسان إلى قوة أو معونة أو سند خارجًا عن ذاته. وكلما أدرك الإنسان ضعفه ازداد احتياجه إلى العصا. لذلك نجد الشيوخ يستعملون العصا كثيرًا.
خلاصة القول هي أن الأحقاء المشدودة، والأحذية للأرجل، والعصا في اليد كلّها تذكّرنا بأننا غرباء ونزلاء في طريقنا إلى بيت الآب.

المجموعة: شباط (فبراير) 2019

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

179 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10628305