يصرف العالم سنويًا بلايين الدولارات على الزينة الخارجية، من زينة الجسد والوجه، وكذلك الحلي والثياب. ولو وفّر الغرب وحدهُ نصف ما يُصرَف على عمليات التجميل والتزيين لحُلّت مشكلة المجاعة في العالم أجمع لسنين طويلة. ولكن إن كانت زينة هذا الجسد الفاني تستوجب هذا الاهتمام والجهد والإنفاق، فكم بالحري زينة الروح الذي لا يفنى "الذي هو قدّام الله كثير الثمن!" (1بطرس 4:3)
يقدم لنا الكتاب المقدس رؤية سماوية حول زينة الروح للنساء وهي صورة للمرأة التي لها جاذبية المسيح، تلك المرأة التي تربح زوجها وتكسب ثقة بيتها والمجتمع. كذلك يقدم الكتاب المقدس في نفس الرسالة صورة رائعة عن جمال الرجال الأتقياء، أولئك الذين يشابهون صورة الرب يسوع المسيح ابن الله في جمال الحكمة وجاذبية النعمة.
زينة النساء
من المعروف أن المرأة يهمّها أن تعني بجمالها وأناقتها ومنظرها الخارجي. لكن بطرس يقدّم لنا صورة للمرأة التي لها جاذبية الروح، وها هو هنا يتحدث عن النساء ويقدّمهن بهذه الصورة الجميلة. يقول عنهنّ أنهنّ:
1- خاضعات ووديعات
تتميز المرأة المؤمنة بالوداعة. فالزينة ليست زينة خارجية من ضفر الشعر، والتحلّي بالذهب، ولبس الثياب، لكنها زينة الروح الوديع الهادئ الذي هو قدّام الله كثير الثمن. وإذا نظرنا لوضع المرأة اليوم نجد نموذجين:
أولًا: نموذج المرأة المقموعة في الشرق الأوسط. يستخدم البعض آيات من الكتاب ليرسّخوا سلطة الرجل فيقولون: "وأما رأس المرأة فهو الرجل" وهذا صحيح، ولكن يجب أن نكمّل الآية: "ورأس المسيح هو الله."؛ ثم يقول في ١كورنثوس 7:11 "وأمّا المرأة فهي مجد الرجل،" أي إنها تاج فوق رأسه.
ليست الوداعة ضعفًا في المرأة، لكنها صورة المسيح الذي قال: "تعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم." (متى 29:11) فالمسيح لم يكن ضعيفًا! وصف أحد الأشخاص وداعة المسيح فقال: "إنها قوة من دون عنف ولطف من دون ضعف."
ثانيًا: نموذج المرأة المتحررة في الغرب فهي تنافس الرجل في كل شيء وفي أي عمل: نجدها مجندة في الجيش. حتى إنها شاركت في لعبة المصارعة ولها بطولاتها. لكن الكتاب المقدس يعطينا صورة مختلفة عن واقع الشرق والغرب، وهي متميزة ومتوازنة بالقوة والجاذبية الروحية التي تضيء من خلال الخضوع والوداعة.
يقول الكتاب: إن "رأس المسيح هو الله" وذلك لأن المسيح أخلى نفسه، مع أنه معادل لله في الجوهر، وقد أخذ صورة عبد صائرًا في شبه الناس. فهو مساوٍ للآب لكنه أخلى نفسه، تواضع وأخضع نفسه لكي يخلصنا. وكذلك المرأة، إن أرادت أن تُظهر قوة الخلاص لا بد أن تكون لديها وداعة المسيح وتواضعه. تخضع لزوجها مع أنها مساوية له في الجوهر، كما يعلن الكتاب المقدس "ليس ذكر وأنثى، لأنكم جميعًا واحد في المسيح يسوع."
زينة المرأة الحقيقية هي زينة القلب، زينة الروح الوديع الهادئ. وعندما تتزين المرأة بضفر الشعر وتتحلّى بالذهب، تقوم هنا بعملية تجميل لشكلها الخارجي لتجذب الناس إليها. أما المرأة التقية فهي لا تجذب الناس إليها بل إلى المسيح في وداعته ونعمته، لذلك يقول الكتاب: "يُربحن بسيرة النساء بدون كلمة". وفي سفر الأمثال تُقيَّم المرأة الفاضلة بأجمل الكلمات "ثمنها يفوق اللآلئ." (10:31) فالروح الطيب الوديع لا يُشترى بمال لأنه اشتُري بدم المسيح الكريم.
كان المخترع العظيم توماس إديسون شخصًا مشهورًا وغنيًا جدًا. وبعد وفاة زوجتهِ بَحثَ عن زوجة، فأحب فتاة صغيرة في عمر ابنته وكانت فقيرة فتزوجها. وبينما كان يريها بيته قال لها: "أنا اشتريت لكِ هذا البيت الجميل من مالي، واشتريت هذه التحف الجميلة من مالي، إلخ..." بعد ذلك نظرت إليهِ قائلة: "لكنكَ لم تشترني بمالك، فأموال العالم لا يمكن أن تشتري الشخصية الرقيقة الوديعة." فقط المسيح هو الذي اشترانا بدمهِ وأعطانا روح الوداعة والخضوع.
2- صانعات خيرٍ وقديسات
إنهن قديسات لأن حياة القدوس البار الرب يسوع المسيح تضيء في داخلهن. "اختارنا فيهِ قبل تأسيس العالم، لنكون قديسين وبلا لوم قدّامهُ في المحبة." (أفسس 4:1) فالمرأة القديسة تُحرّض زوجها على محبة الناس. وعندما يعود زوجها من العمل وهو يعاني من ضغوط أشغاله، تُخفّف عنه وتدفعه لتخطّي تلكَ الضغوط بمحبة أصدقائه في العمل، فهو يقول: "تصنع لهُ خيرًا لا شرًّا." (أمثال 12:31) وكذلك فهي تحرّض على المحبة والعطاء. "تبسط كفَّيها للفقير، وتمدّ يديها إلى المسكين." (أمثال 20:31)
أستطيع أن أقول إن المرأة هي عامل نجاح أو فشل في حياة زوجها.
أيتها الزوجة، شجعي زوجك، وكوني سبب بركة ونجاح في حياته. صلّي من أجلهِ باستمرار، ولا تحرّضيهِ على الخصام والغضب بل شجّعيهِ على الشكر والعطاء والحب. فما أحلى القديسات اللواتي يصنعن خيرًا!
3- متوكلات غير خائفات
يقول الكتاب: "تضحك على الزمن الآتي." (أمثال25:31) ويقول أيضًا: "على الله توكلت فلا أخاف، ماذا يصنعه بي البشر؟" (مزمور 4:56) ولأن هذه المرأة متوكلة وغير خائفة وتصلي فهي تقنع زوجها ألاَّ يخاف من الغد أو المستقبل. فالمرأة التي هي كثيرة الخوف والقلق يسود بيتها اضطراب وذعر. يقول لها الكتاب: "لا خوف في المحبة، بل المحبة الكاملة تطرح الخوف إلى خارج لأن الخوف له عذاب." (1يوحنا 18:4) فلا نخف لأننا نتكل على الرب لا على البشر.
حدث مرة أن عروسًا كانت خائفة ساعة زفافها... ولما لاحظ القس ذلك حاول أن يشجعها، فطلب من ابن عمها الواقف إلى جواره أن يقرأ مقطعًا من كلمة الله مأخوذة من ١يوحنا 18:4 "لا خوف في المحبة، بل المحبة الكاملة تطرح الخوف إلى خارج"، إلاَّ أن ابن عمها لم تكن له معرفة كتابية، فبدلًا من أن يقرأ من رسالة يوحنا قرأ من إنجيل يوحنا 18:4 "لأنه كان لكِ خمسة أزواج، والذي لكِ الآن ليس هو زوجك." تخيّل هذا الموقف! فالاعتماد على البشر يؤدي إلى نتائج كارثية.
زينة الرجال
1- فطنة وحكمة
يقول الكتاب: "كونوا ساكنين بحسب الفطنة مع الإناء النسائي كالأضعف، معطين إياهن كرامة، كالوارثات أيضًا معكم نعمة الحياة، لكي لا تُعاق صلواتكم." (1بطرس 7:3) إن تعبير "الإناء الأضعف" لا يعني أن المرأة ضعيفة، لكنه يعني أنها حساسة، وهذا يتطلّب من الرجل فطنة وحكمة لكي يتعامل معها. فالمرأة ليست خشنة بل رهيفة الحس والمشاعر! فالرجل يحتاج إلى حكمة سماوية ليعرف كيف يسلك مع زوجته. "أما الحكمة التي من فوق فهي أولًا طاهرة، ثم مسالمة، مترفّقة، مذعنة، مملوَّة رحمة وأثمارًا صالحة، عديمة الريب والرياء." (يعقوب 17:3) "صُن لسانك عن الشر، وشفتيك عن التكلم بالغشّ." (مزمور 13:34) يبرر بعض الرجال خشونتهم مع زوجاتهم بأن هذا شيء طبيعي نتيجة ضغوط الحياة التي تحوّل الإنسان إلى شخص عصبي. لكني أقول لكَ: إنك بذلك تؤذي نفسك إذا تعاملت مع زوجتك بقسوة وغضب. درّب لسانك في نور المسيح لكي تعرف كيف تخاطب زوجتك الرقيقة، يقول الكتاب "من يحفظ فمه يحفظ نفسه."
ليعطنا الرب حكمة في التعامل لأن الحكمة الإلهية تعطيك نورًا في التعامل مع زوجتك وتجعلك إنسانًا لطيفًا. تعالوا نتأمل في الأسلوب الذي تعامل به الرب يسوع مع المرأة السامرية. فقد جلسَ مع زانية، وبعد ذلك بحكمتهِ الفائقة دعاها لحياة القداسة والنقاء، فلا يوجد أفضل من أسلوب المسيح في وداعته وحكمته. "إن كان أحدكم تعوزه حكمة، فليطلب من الله الذي يعطي الجميع بسخاء ولا يعيّر، فسيُعطىَ له."
عزيزي، اطلب حكمة وفطنة من إلهك، قل لهُ: درّب لساني يا رب لأعرف كيفَ أتعامل مع شريكة حياتي التي هي هدية ثمينة من شخصكَ "لأنه من فضلة القلب يتكلم اللسان."
2- مقام أسمى
يوصي الكتاب المقدس الرجال من جهة النساء: "معطين إياهنّ كرامة كالوارثات..." (1بطرس 7:3) فالرب يطلب من الرجال أن يعطوا زوجاتهم كرامة أي مقامًا أسمى. فيجب أن تُدرك أن المرأة التي معك هي ابنة ملك الملوك ورب الأرباب، فلا تنقّص من قيمتها ولا تُقارنها بغيرها "لكيلا تعاق صلواتكم." أحبب زَوجتك وأكرمها لكي يكرمك الرب.
تزَوّج أحد الوزراء ابنة رئيس جمهورية لبنان. فبعد أن انتهى عهد ذلك الرئيس طلق الوزير ابنته وانقلب عليه! هذا ما يفعله البشر ببعضهم. لكن ملكُ المسيح ليس له نهاية! فالذي زوّجك بابنتهِ، إياك أن تنقلب عليه! فإذا كُنتَ لا تُعامل زوجتك حسنًا، أو إن كنتَ لا تُعطيها كرامة، لا يكرمك أبوها السماوي.
3- لطف ونعمة
يدعو الرب الزوجين في 1بطرس 8:3-9 "كونوا جميعًا متّحدي الرأي بحسٍّ واحد، ذوي محبة أخوية، مشفقين، لطفاء، غير مجازين عن شرٍّ بشرٍّ." وكذلك الأمر في أفسس 32:4 "كونوا لطفاء بعضكم نحو بعض، شفوقين متسامحين كما سامحكم الله أيضًا في المسيح." كن حسّاسًا وشفوقًا، وتعلّم كيف تقول الكلمات الجميلة، الرقيقة. "الجواب اللّين يصرف الغضب، والكلام الموجع يهيِّج السخط." (أمثال 1:15) إن الكلمة الطيِّبة تطفئ النار والكلام الموجع يثير الطرف الآخر.
كان رجل الله إي ڤي هيلّ رجلًا أسودًا معاصرًا لمارتن لوثر كينج. فعندما حدثت ثورة الفهود السود - الحركة المسلّحة في الستينات - كان هيلّ ينادي بالمحبة والتسامح لا للعنف، الأمر الذي أغضب الفهود السود. وعندها حاولوا قتله. أخبره البعض أنهم سيضعون قنبلة في سيارتهِ. وكان هو وزوجته خائفَين طوال الليل. وفي الصباح الباكر قام ووجد زوجته داخل السيارة وهي تحاول أن تقودها، فسألها: "إلى أين أنتِ ذاهبة؟" أجابت: "أردت أن أتأكد إن كانت القنبلة في السيارة أم لا! أردت أن أسوقها قبلك حتى إذا انفجرت تنفجر بي قبلك فلا تتأذّى أنت.
انظروا إلى هذه المحبة المضحية! "أيها الرجال أحبوا نساءكم كما أحب المسيح الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها." (أفسس 25:5) الله يدعوك إلى المحبة المضحية. الله يدعونا إلى مثل هذه النوع من المحبة التي "تتأنى وترفق، المحبة لا تحسد، المحبة لا تتفاخر، ولا تنتفخ ولا تقبّح ولا تطلب ما لنفسها، ولا تحتدّ، ولا تظنّ السوء، ولا تفرح بالإثم بل تفرح بالحق، وتحتمل كل شيء وتصدّق كل شيء، وترجو كل شيء، وتصبر على كل شيء."
أحبب زوجتك، ضحِّ من أجلها، وكن لطيفًا معها، وأعطها قيمتها. وأنتِ أيتها الزوجة اخضعي لزوجك خضوع الحب واربحيه بالكلمة الطيبة. صلّي من أجله، ولتكن زينتكِ زينة القلب والروح، لا الزينة الخارجية... تجمّلي بأن تكوني قديسة في كل شيء، فعندها يتحوّل البيت والزواج من جنون الجمال الخارجي إلى جنة الجمال الروحي.