والمقصود من "الكتاب" هو بلا شك الكتاب المقدس، لأنه ليس هناك كتاب آخر يمكن أن يُقال عنه أنه "الكتاب"، فهو كتاب الله، كلامه الموحى به.
"كل الكتاب هو موحًى به من الله، ونافع للتعليم والتوبيخ، للتقويم والتأديب الذي في البر، لكي يكون إنسان الله كاملًا، متأهبًا لكل عملٍ صالح." (2تيموثاوس 16:3-17)
"لأنه لم تأتِ نبوّة قطّ بمشيئة إنسان، بل تكلّم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس." (2بطرس 21:1) فليت شعارنا دائمًا يكون: "لأنه ماذا يقول الكتاب؟" (رومية 3:4) وأيضًا "ليكن الله صادقًا وكل إنسانٍ كاذبًا." (رومية 4:3)
ليس هدفنا في هذا المقال أن نثبت هذه الحقيقة، لأنها أمرٌ يعرفه كل مؤمن حقيقي وإنما هدفنا أن نتأمل فيما يساعدنا على الاستفادة من دراسته واحتفاظنا به ككنز ثمين أُعطي لنا من مصدره الإلهي.
أولاً: يجب أن يكون ولاؤنا أولاً وآخرًا لما جاء في هذا الكتاب الجليل، الكتاب المقدس – كتاب الله...
وليس لما يعتقده الآخرون أيًّا كانوا... فلا يكون ولاؤنا لطائفة معينة ولا لمعلم شهير (مع أننا نشكر الله على المعلمين الموهوبين) – ولا لأفراد الأسرة مهما كانوا عزيزين ويستحقون إكرامنا. بل يكون شعارنا: "هكذا يقول الرب." كذلك يجب ألّا نسمح للتقلّبات السياسية والاجتماعية أن تؤثر على طاعتنا لكلمة الله، بل نتذكر دائمًا أن الله هو "سيد الأرض كلها" وأن "للرب المسكونة وكل الساكنين عليها." لا يسعنا المجال أن نطيل الكلام في هذا ولكن يجب أن نرسِّخ هذه الحقيقة في أذهاننا وفي قلوبنا. ليت القارئ العزيز يقرأ ويتأمل فيما جاء في عبرانيين 8:11-16. فالذين يبتغون وطنًا أفضل، أي سماويًا، هم الذين "لا يستحي بهم الله أن يُدعى إلههم، لأنه أعدّ لهم مدينة."
ثانيًا: يجب أن نسأل الرب أن يرشدنا بروحه القدوس ونحن ندرس كلامه الموحى به.
هذا ما عمله أهل بيرية. يقول الروح القدس عنهم: "وكان هؤلاء أشرف من الذين في تسالونيكي، فقبلوا الكلمة بكل نشاط فاحصين الكتب كل يوم: هل هذه الأمور هكذا؟" (أعمال 11:17) والمقصود بالكتب هو ما جاء في العهد القديم.
في هذا التفحُّص وهذه الدراسة نحتاج إلى الصلاة بإخلاص وبرغبة صادقة وطاعة كاملة. فالدراسة النافعة يجب أن تكون مصحوبة بالصلاة طالبين إرشاد الروح القدس. وأحيانًا يلزمنا أن نتمهّل ونحن نقرأ كلام الله لكي نستوعبه في قلوبنا وأذهاننا. ومن النافع أن نستخدم أحيانًا فهرس الكتاب المقدس لنعرف ما يقوله الروح القدس في أجزاء أخرى من الكتاب المقدس، بخصوص الموضوع الذي ندرسه. ويستحسن أن يكون عندنا بعض الكتب التفسيرية. ولكن في نفس الوقت تكون ثقتنا الكاملة هي في كلام الله.
ثالثًا: يجب أن نقرأ بانتظام وأن نقرأ يوميًا ما دامت الظروف تسمح لنا.
وهذا يتطلّب قوة التصميم. ومما يسعفنا على ذلك ابتهالنا إلى الرب أن يولّد فينا الجوع والعطش إلى كلامه. "طوبى للجياع والعطاش إلى البر، لأنهم يُشبعون." (متى 6:5) وأيضًا "طوبى للرجل الذي... في ناموس الرب مسرَّته وفي ناموسه (أي ناموس الرب) يلهج نهارًا وليلاً. فيكون كشجرة مغروسة عند مجاري المياه، التي تعطي ثمرها في أوانه، وورقها لا يذبل. وكل ما يصنعه ينجح." (مزمور 1:1-3)
وفي مزمور 9:107 يقول: "لأنه أشبع نفسًا مشتهية وملأ نفسًا جائعة خبزًا."
إن كلام الرب هو "أشهى من الذهب والإبريز الكثير، وأحلى من العسل وقطر الشهاد." (مزمور 10:19) وقال كاتب مزمور 119 "بفرائضك أتلذّذ. لا أنسى كلامك." (عدد 16)
نصح الرسول بولس تلميذه تيموثاوس قائلاً: "اعكُفْ على القراءة"، أي واظب عليها وهو يشير بلا شك إلى قراءة كلام الله. ولذلك نحتاج إلى الجوع والعطش لكلمة الله وإلا فهي تصبح عبئًا ثقيلاً. أما إذا كنا في الحالة الروحية الصحيحة فسنقول مع إرميا النبي: "وُجد كلامك فأكلته، فكان كلامك لي للفرح ولبهجة قلبي، لأني دُعيتُ باسمك يا رب إله الجنود."
(إرميا 16:15)
هناك الكثير الذي يمكننا أن نقوله بخصوص هذا الموضوع المهم، ولكن سنكتفي بهذه العجالة راجين من الرب أن يمنحنا جميعًا، القارئ والكاتب، التقدير لكلامه والاستفادة منه يوميًا.