عندما ندرس قصة الميلاد في إنجيلَي لوقا ومتى، تُلفت أنظارنا عبارة "لا تخف" التي يوجّهها ملاك الرب أولاً لزكريا الكاهن، ثم للعذراء مريم، ثم ليوسف، ثم للرعاة.
فلقد ظهر ملاك الرب لزكريا الكاهن في الهيكل
فلما رآه زكريا اضطرب ووقع عليه خوف. "فقال له الملاك: [لا تخف يا زكريا، لأن طلبتك قد سُمعت، وامرأتك أليصابات ستلد لك ابنًا وتسمّيه يوحنا." (لوقا 13:1) يا لها من بشارة مفرحة قد أذهلت زكريا. لقد نسي زكريا طلبته التي رفعها إلى الله منذ سنين عديدة، بل فقد كل أمل في استجابة صلاته. وقال للملاك: "كيف أعلم هذا لأني شيخ وامرأتي متقدّمة في أيامها؟" (لوقا 18:1) فأجاب الملاك وقال له: "أنا جبرائيل الواقف قدّام الله، وأُرسِلت لأكلّمك وأبشّرك بهذا." نعم، تأخّر الرب عليه في الاستجابة، لكن بمقدار تأخير الاستجابة، تزداد عظمتها. فالرب أعطاه يوحنا الذي قيل عنه: "لأنه يكون عظيمًا أمام الرب، وخمرًا ومسكرًا لا يشرب، ومن بطن أمّه يمتلئ من الروح القدس." (لوقا 15:1) عزيزي القارئ، يا من تظن أن الله قد نسي طلبتك، اسمع ملاك الرب يبشِّرك في عيد الميلاد المجيد قائلاً: "لا تخف، لأن طلبتك قد سُمعت."
ظهر جبرائيل الملاك لمريم العذراء
وقال لها: "سلام لكِ أيتها المنعم عليها. الرب معك. مباركة أنتِ في النساء." فلما رأته اضطربت من كلامه وفكرت ما عسى أن تكون هذه التحية. فقال لها الملاك: "لا تخافي يا مريم لأنك قد وجدت نعمة عند الله، وها أنتِ ستحبلين وتلدين ابنًا وتسمينه يسوع." فقالت مريم للملاك: "كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً." فأجاب الملاك وقال لها: "الروح القدس يحلّ عليك، وقوة العليّ تظلّلك، فلذلك أيضًا القدّوس المولود منكِ يُدعى ابن الله." (لوقا 28:1-35) حقًا، لقد ظللتها قوة العليّ من اتهامات البشر، وتم لها القول: "طوبى للتي آمنت أن يتمّ ما قيل لها من قِبَلِ الرب."
عزيزي، يا من تسير في طريق طاعة الرب، لا تخف من افتراءات الأشرار واسمع قول ملاك الرب: "لا تخف لأنك قد وجدت نعمة عند الله."
ظهر ملاك الرب ليوسف رجل مريم
ذلك الرجل البار الذي كاد يغرق في دوامة الشك، وإذ كان بارًا ولم يشأ أن يشهرها أراد تخليتها سرًّا. ولكن فيما هو متفكّر في هذه الأمور إذا ملاك الرب قد ظهر له في حلم قائلاً: "يا يوسف ابن داود، لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك. لأن الذي حُبل به فيها هو من الروح القدس. فستلد ابنًا وتدعو اسمه يسوع. لأنه يخلّص شعبه من خطاياهم." (متى 19:1-21) لقد هدأ روع يوسف وتبدّدت شكوكه، فعظم إلهه، وشهد لطهر عذرائه.
عزيزي القارئ، ربما أنت ساقط في شكوك ليس لها أساس. ليتك تسمع قول الملاك: "لا تخف." واترك شكوكك جانبًا.
أخيراً وقف ملاك الرب بالرعاة
"ومجد الرب أضاء حولهم، فخافوا خوفًا عظيمًا. فقال لهم الملاك: [لا تخافوا! فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب: أنه وُلد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب." (لوقا 9:2-11) ولما مضت عنهم الملائكة إلى السماء... جاءوا مسرعين إلى بيت لحم ووجدوا مريم ويوسف والطفل مضجعًا في المذود. ثم رجع الرعاة وهم يمجدون الله ويسبحونه (لوقا 2).
عزيزي، هل تريد أن يتبدّد خوفك؟ أسرع إلى المخلّص كما أسرع الرعاة إلى وليد بيت لحم. عندئذ ترجع فرحًا مهلّلًا مسبِّحًا الله كما حدث مع الرعاة. إن أجراس الميلاد تدقّ اليوم في عيد الميلاد قائلة لكل من يريد الخلاص: "لا تخف." لأن المخلص يرحّب بك. وهو يدعوك شخصيًا لتنال خلاصه المجاني. آه، ليت كل خائف من القصاص الأبدي يسمع بشارة الميلاد ويدخل حظيرة المفديين، عندئذ يسمع القول: "لا تخف أيها القطيع الصغير فإن أباكم قد سُرّ أن يعطيكم الملكوت." (لوقا 32:12)