"وَتَقُولُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ: «أَحْمَدُكَ يَا رَبُّ، لأَنَّهُ إِذْ غَضِبْتَ عَلَيَّ ارْتَدَّ غَضَبُكَ فَتُعَزِّينِي.]" (إشعياء 1:12)
من بين الصفات الإلهية أن الله قدوس وهذه الصفة توضّح أن الله لا يتساهل مع الخطية سواء صدرت من أشرار أو من مؤمنين.
يعلن سليمان الحكيم: "هذه الستة يبغضها الرب، وسبعة هي مكرهة نفسه: عُيُونٌ مُتَعَالِيَةٌ، لِسَانٌ كَاذِبٌ، أَيْدٍ سَافِكَةٌ دَمًا بَرِيئًا، قَلْبٌ يُنْشِئُ أَفْكَارًا رَدِيئَةً، أَرْجُلٌ سَرِيعَةُ الْجَرَيَانِ إِلَى السُّوءِ، شَاهِدُ زُورٍ يَفُوهُ بِالأَكَاذِيبِ، وَزَارِعُ خُصُومَاتٍ بَيْنَ إِخْوَةٍ." (الأمثال 16:6-19) هذه كلّها تجلب الغضب الإلهي.
وماذا عندما يتوقّف الإنسان عن خطاياه، ويعترف بها قدّام الله؟
عندئذٍ يردّ الرب غضبه عنه، ويعامله بالصفح والغفران، فيتغنّى قائلًا: "أحمدك يا رب، لأنه إذ غضبت عليّ ارتدّ غضبك فتعزّيني." ولي معكم ثلاث كلمات:
أولًا: غضبةٌ إلهية
يغضب الله من المؤمنين الذين يغتابون إخوتهم
يتحدّثون عنهم بالسوء في عدم وجودهم. تحدّثت مريم وهرون على موسى بسبب المرأة الكوشية التي تزوّجها. ولست أدري ما الذي أغضبهم من موسى في زواجه من امرأة كوشية... وتحدّثوا بأسلوب مسيء عن موسى ودخلوا من موضوع إلى آخر. سمع الرب وغضب غضبًا شديدًا وعاقبهما. فليتنا نتعلّم أن نتحدّث عن الآخرين في غيابهم كما نتحدّث عنهم في حضورهم.
ويغضب الله من المؤمنين الذين يزرعون خصومات بين إخوة
يسمع أحدهم كلمة قيلت في حقّ آخر فيأخذ الكلمة ويضيف إليها كلمات من عنده.
في أحد البلدان التي تعيّنت عليها، سمعت عن الشخص الذي عندما يريد الآخرون أن ينشروا أي كلمة ما أنهم يقولونها لهذا الشخص، وبعد ساعات تكون قد وصلت إلى كل إنسان.
ويغضب الله من المؤمنين الذين يطيعون الرب طاعة جزئية
أمر الرب شاول، ملك إسرائيل، بتحريم عماليق ولكن لم يطع الرب طاعة كاملة بل طاعة جزئية، وأبقى على الملك أجاج وخيار الغنم والبقر، وحاول أن يُقنع النبي صموئيل بأنه نفّذ كلام الرب تمامًا ولكنه انكشف وظهرت الحقيقة.
ويغضب الرب أيضًا على المؤمن المتذمّر
كانت حياة إسرائيل مليئة بالتذمّر... تذمّروا عندما رأوا البحر أمامهم والعدوّ خلفهم... تذمّروا في مارّة، وتذمّروا من قلَّة الطعام، وتذمّروا من المنّ، وتذمّروا لشعورهم بنقص المياه.
يغضب الله على الأسرة المنقسمة مثل أسرة إسحاق ورفقة. إسحاق أحبّ عيسو ورفقة أحبّت يعقوب... ويغضب على الكنائس المتعصّبة والمنقسمة. ولكن في حالة الرجوع للرب بتوبة صادقة وإيمان قوي، يحدث أمر من أروع الأمور. يرتدّ غضب الرب.
ثانيًا: حالة معزّية
"ارتدّ غضبك فتعزّيني."
1- ما الذي يجعل الله يردّ غضبه؟
من جهة الجانب الإلهي هناك محبة قوية دائمة وأبدية... من محبة الرب لنا أنه يردّ غضبه عنا. "من هو إله مثلك غافر الإثم وصافح عن الذنب لبقية ميراثه! لا يحفظ إلى الأبد غضبه، فإنه يسرّ بالرأفة. يعود يرحمنا، يدوس آثامنا، وتُطرح في أعماق البحر جميع خطاياهم." (ميخا 18:7-19)
ولكن على الإنسان أن يكتشف نفسه، هل هو يسير في الطريق الصحيح؟ هل نحن أقوياء روحيًا؟ سنجد ضعفات وزلّات كثيرة في حياتنا... يجب أن نعترف بها ونتوب عنها ومكتوب: "إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل، حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم."
2- ما الذي ينتج عن ارتداد غضبه عنا؟
لا شك أنه ينتج تعزيات فيّاضة لأنه رضي بنا ورضي عنا. إن تمتَّعنا برضى الله نشبع من الرضا الإلهي، ونشعر بالسلام الكامل والراحة الكاملة والأفراح القلبية.
ثالثًا: التشكرات القلبية
"أحمدك..." يجب أن تكون حياة المؤمن مليئة بالتشكرات القلبية.
"اشكروا في كل شيء، لأن هذه مشيئة الله في المسيح يسوع من جهتكم."
(1تسالونيكي 18:5)
"شاكرين الآب الذي أهّلنا لشركة ميراث القديسين في النور." (كولوسي 12:1)
"... ليكن عندنا شكر به نخدم الله خدمة مرضية، بخشوع وتقوى." (عبرانيين 28:12)
كنت في زيارة زميل لي وعرفت من زوجته أنه في مكتبه ودخلت فوجدته ساجدًا يصلّي لمدة نصف ساعة لم أسمع منه إلا كلمات "لك الشكر... لك الحمد... لك المجد...
وبعد أن انتهينا من فرصة الصلاة ضحكت معه وقلت له:
- هو أنت قاموس الصلاة؟! ما فيهش غير [لَكَ الشكرُ والحمدُ والمجد]؟
فقال لي: يا زميلي، إن أعظم بركة ينالها الإنسان المؤمن هي توجيه الشكر للرب!
أحب الترنيمة التي تقول:
شكـرًا لـربّ فضـله بحرٌ طما زخار
يروي الثرى من جوده إذ يرسل الأمطار
