Voice of Preaching the Gospel

vopg

رغم نتائج كورونا المزعجة والسحابة السوداء التي تغطّي العالم بالخوف والاضطراب والقلق من مستقبلٍ مجهول، يبقى الله الصالح والمحب

- الذي لا يصنع شرًّا قط للإنسان بل دائمًا يعمل له الخير - هو المسيطر على زمام الأمور وجميع الخيوط في يده الحكيمة والأمينة، وهو في العُلى أقدر. إننا نثق أنه يستطيع أن يُخرج من الآكِل أُكلًا ومن الجافي حلاوة، وفي وقته سيحوِّل وادي عخور (تجده في يشوع 24:7-26) بابًا للرجاء.
يذكر البشير متى في إنجيله الأصحاح الرابع عشر معجزتين: معجزة إشباع الجموع بالخمسة خبزات والسمكتين، ومعجزة إسكات العاصفة التي هبّت على سفينة التلاميذ. وكما نعرف أن السيد المسيح بعد أن انتهى من إشباع الجموع ألزم التلاميذ أن يسبقوه إلى العبر، وأما هو فصعد إلى الجبل منفردًا ليصلى. "ولما صار المساء كان هناك وحده. وأما السفينة فكانت قد صارت في وسط البحر معذّبة من الأمواج." (متى 23:14-24)
إن حالة العالم المضطرب اليوم تشبه حالة التلاميذ في السفينة التي تلاطمها الأمواج في وسط البحر، فالناس في خوف ورعب! وبينما نمرّ نحن مع العالم في أزمة "الكورونا" هذه لنا في هذه المعجزة بعض الأمور المشجّعة:

1– الإلزام الإلهي
تُلزِم الحكومات في هذه الأيام شعوبها بالبقاء في البيوت تحت شعار "احمِ أسرتك... إلزَمْ بيتك." فلماذا ألزَمَ المسيح تلاميذه أن يدخلوا السفينة ويسبقوه إلى العبر؟ (عدد 22)
نقرأ في إنجيل يوحنا الأصحاح 6 أنه بعد معجزة إشباع الجموع يقول: "فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ الآيَةَ الَّتِي صَنَعَهَا يَسُوعُ قَالُوا: «إِنَّ هَذَا هُوَ بِالْحَقِيقَةِ النَّبِيُّ الآتِي إلى الْعَالَمِ!» وَأَمَّا يَسُوعُ فَإِذْ عَلِمَ أَنَّهُمْ مُزْمِعُونَ أَنْ يَأْتُوا وَيَخْتَطِفُوهُ لِيَجْعَلُوهُ مَلِكًا انْصَرَفَ أَيْضًا إلى الْجَبَلِ وَحْدَهُ." (يوحنا 14:6-15) لقد أراد المسيح أن يجنِّب تلاميذه الاشتراك مع الجموع في هذا الأمر، خاصة وهو يعلم أن رغبتهم تتّفق مع رغبة الجموع فيه.
يلزمنا الرب أحيانًا بأمر ما - وقد يكون صعبًا علينا - ليجنِّبنا خطرًا، أو خطية، أو شرًّا، أو لحمايتنا من تجربة أو من حادث ما، أو لمساعدة الآخرين.
أمر الرب نوحًا أن يصنع له فلكًا وألزمه أن يدخل الفلك مع عائلته ليجنِّبه الهلاك مع العالم الشرير، ولم يكن الأمر سهلًا على نوح أن يُسجن في الفلك مع الحيوانات مدة 371 يومًا!
وأمر الرب إيليا أن يذهب ويختبئ عند نهر كريث ليجنِّبه غدر أخآب وليعوله زمن المجاعة.
كذلك ألْزَمَ الرب تلاميذه أن يدخلوا السفينة ويسبقوه إلى العبر - وهو يعلم تمامًا ماذا سيحدث لهم وللسفينة من أخطار - ليكشف لهم حقيقة ضعفهم الإنساني. ومهما كانت خبرتهم وتمرّسهم في مهنة الإبحار، يبقى هو المسيطر على السفينة وعلى الريح، فبدونه لا يستطيعون أن يفعلوا شيئًا. لذلك عندما دخل السفينة سكنت الريح وهيمن هدوء عظيم.
بدون وجود يسوع في سفينة الحياة، يثور اضطراب وخوف وانزعاج. لأنه "لا سلام قال إلهي للأشرار."
ونحن كمؤمنين، أحيانًا قد لا نعلم لماذا تهبّ علينا رياح التجارب... لكننا نعلم ونثق أنه لا يمكن أن تغرق سفينة فيها يسوع! فقط علينا أن نطيع ونخضع؛ وندرك أن كلَّ إلزامٍ إلهيٍّ يأمرنا به الرب يكون لخيرنا وبركتنا.

2– التوقيت الإلهي
"وفي الهزيع الرابع من الليل مضى إليهم يسوع ماشيًا على البحر." (ع 25)
لنتخيّل - وأنت معي أيها القارئ الكريم - أن التلاميذ كانوا يتساءلون: أين يسوع؟ لماذا تركنا لوحدنا؟ لماذا لم نذهب معه؟ لماذا تأخّر؟ تمامًا كما يحدث معنا اليوم ونحن نجتاز في أزمة "الكورونا" ونسأل: أين الله مما يحدث للعالم؟ ولماذا يسكت؟ لماذا لم يقضِ الرب على هذا الوباء؟ ولماذا يسمح الله به أصلًا؟ لماذا لا يوقف انتشاره؟ ولماذا الموتى بالآلاف؟ لماذا خراب البيوت؟ ... وهنا يجب أن نتوقّف قليلًا لنقول:
1) هذا ليس شأننا، بل شأن الرب العليم الحكيم.
2) للرب توقيته الخاص، وساعته مضبوطة تمامًا لا تؤخِّر ولا تقدِّم. "أنا الرب في وقته أُسرع به." (إشعياء 22:60) و"لكل شيءٍ زمانٌ، ولكلِّ أمرٍ تحت السماواتِ وقتٌ." (جامعة 1:3) وهو يعرف الوقت المناسب الذي فيه يرفع الذهب من على النار.

3– التشجيع الإلهي
"تشجّعوا! أنا هو. لا تخافوا."
تكرّرت عبارة "أنا هو" في إنجيل يوحنا 18 مرة. وليس الآن المجال لنذكرها كلّها، لكن الرب أراد أن يقول للتلاميذ ولنا أيضًا: "أنا هو" يهوه القادر على كل شيء، الذي اختبره آباؤكم... الذي لي سلطان على البحر وعلى الرياح والطبيعة. لا تخافوا! ثقوا، وتشجّعوا.
لقد لمس التلاميذ واختبروا في تلك اللحظة قوة الرب القادر على كل شيء عندما أسكت العاصفة.
ونحن في قلب التجارب والعواصف والأوبئة، لندرك جيِّدًا أن يسوع يقول لنا: تشجّعوا ولا تخافوا! أنا هو الذي معي زمام الأمور وأستطيع كل شيء. أنا هو الذي يشعر بآلامكم وأنتم وسط هذه الأزمة. أعلموا أني أنا هو الذي يأمر فيكون. أنا هو الذي يشفي جميع أمراضكم. أنا هو الذي يشبع بالخير عمركم ويهتم بكم... حتى ولو فرغت جميع الأسواق من الطعام، سأرسل لكم الغراب، وأفتح لكم كوى السماء لتفيض عليكم المنّ والسلوى. أنا هو راعيكم فلا يعوزكم شيء.

4– الإنقاذ الإلهي
يقول البشير مرقس أن الرب يسوع صعد "إليهم إلى السفينة فسكنت الريح. فبُهتوا وتعجّبوا في أنفسهم جدًا إلى الغاية، لأنهم لم يفهموا بالأرغفة إذ كانت قلوبهم غليظة." (مرقس 51:6)
ويقول البشير متى: "والذين في السفينة جاءوا وسجدوا له قائلين: [بالحقيقة أنت ابن الله!]" (متى 33:14)
من هاتين الآيتين نرى أن الرب أسكت الريح فنزع خوف الغرق من قلوبهم، وبالتالي ضمنوا إنقاذهم من الموت، ونتيجة لهذه المعجزة تغيّر فكرهم من جهة المسيح لأنهم لم يفهموا بالأرغفة إذ كانت قلوبهم غليظة، فآمنوا واعترفوا بأنه ابن الله وسجدوا له.
والدرس المفيد هنا: ربما لأن الله قد رأى أن العالم لم يدرك محبّته له - لغلاظة قلوب الناس - فسمح بهذا الوباء أن يهزّ العالم فيتوبوا ويرجعوا إليه. وقد رأى حالة الكنيسة النائمة التي فرغ زيتها فأراد أن يوقظها لتقوم وتملأ مصابيحها بزيت الروح القدس وترجع إلى محبتها الأولى وتسهر منتظرة مجيء عريسها.
إنني أؤمن أن هذه الأزمة سوف تنتهي وتترك وراءها بركات كثيرة للكنيسة وللعالم، وستُحدِث نهضةً وانتعاشًا ورجوعَ كثيرين للرب. أما دورنا نحن فهو:
يجب أن نثق في إلهنا الصالح الحكيم المحب القادر على كل شيء، ونسمع صوته ونطيعه ونعيش في دائرة مشيئته مستعدين ومستيقظين في حياة مقدّسة وتقوى. وان كانت هناك أمور كثيرة لا نفهمها الآن لكننا سنفهمها فيما بعد.
ختامًا، أترك معك أيها القارئ الكريم هاتين الآيتين:
"هوذا للسلامة قد تحوّلت ليَ المرارة." (إشعياء 17:38)
"لأني عرفت الأفكار التي أنا مفتكر بها عنكم يقول الرب أفكار سلام لا شر لأعطيكم آخرة ورجاء." (إرميا 11:29) آمين!

المجموعة: حزيران (يونيو) 2020

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

106 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
11578401