Voice of Preaching the Gospel

vopg

الذين يعيشون حياة بوهيمية خالية من النظام والترتيب لا يحترمون الحياة ولا يدركون معناها وقيمتها.

إن الحياة بالدرجة الأولى هي عطية الله، فلم يولد إنسان بمجرد الصدفة. ويقينًا أن النملة التي تدبّ على الأرض موجودة بمشيئة الله، وإذا تأكّدنا أن الحياة هي عطية الله وُجب علينا أن نحترمها.

إن احترام الحياة يعني أولاً وقبل كل شيء عبادة الله مصدر الحياة وسيادته الكلية على الحياة التي وهبنا إياها. إن الذين نبذوا الله في حياتهم يعيشون في عالم الضياع، ويضربون في صحراء الأوهام. حين خلق الله الإنسان الأول "نفخ في أنفه نسمة حياة. فصار آدم نفسًا حية." (تكوين 7:2) واستمرار الحياة يتوقّف على مشيئة الله "لأننا به نحيا ونتحرّك ونوجد." (أعمال 28:17) ولذلك علينا أن نحترم الحياة.

إن الذين يتمنّون الموت لأنفسهم بسبب قسوة الحياة وظروفها الصعبة قد غابت عن أذهانهم رؤيا الحياة في معناها السليم، وسبب ذلك أنهم ركزوا أفكارهم في ظروفهم وذواتهم ولم يعطوا الله المكان الأول في حياتهم.

واحترام الحياة يعني احترام كل دوائرها: دائرة الوجود العقلي، والعاطفي، والنفسي، والروحي، والجسدي. ولا بدّ من التوازن في إشباع كل دائرة من دوائر الحياة. فلا تطرّف في التفكير العقلي. "لا يرتئي (أحد) فوق ما ينبغي أن يرتئي بل يرتئي إلى التعقّل." (رومية 3:12) لا تطرّف في السير مع العواطف ومتطلّبات النفس، ولا تطرّف في الحياة الروحية، ولا تطرّف أو إغراق في الشهوات الجسدية، بل لا بدّ من التوازن ليعيش الإنسان حياته كما أراد الله أن تكون.

واحترام الحياة يعني احترام النظام والترتيب والتنسيق في الحياة. إن الله "ليس إله تشويش بل إله سلام." (رومية 33:14) وقد نظّم الله الكون بإتقان، فالشمس تشرق وتغرب في مواعيدها وفصول السنة تسير بنظام بديع: الصيف والخريف والشتاء والربيع. والنجوم تظهر في السماء بجمالها الرائع، والإنسان الذي يحترم الحياة يجب أن يحترم النظام والترتيب والتنسيق. إن المرأة التي تترك بيتها بلا نظام ومطبخها بلا نظافة، وحجرة نومها بلا تنسيق وملابسها بلا أناقة هي امرأة لا تحترم الحياة. والرجل الذي يملأ بيته فوضى ويلقي بملابسه وكتبه وحذائه هنا وهناك، رجل لا يحترم الحياة... إن احترام الحياة يعني احترام جمال الحياة ونظامها.

واحترام الحياة يعني احترام الوقت. "مفتدين الوقت لأن الأيام شريرة." (أفسس 16:5) والوقت هو الحياة، إن حياة كل فرد تتكوّن من الثواني، والدقائق، والساعات والأيام، والأسابيع، والشهور، وهذه تكوِّن سنوات العمر، فالذي يهمل افتداء الوقت يضيع حياته في التفاهات والأوهام.

إن المرأة التي تتحدّث هاتفيًّا حديثًا تافهًا ولمدة ساعة مع صديقتها فإنها تتلف وقتها ووقت صديقتها. والرجل الذي يضيّع وقته في أحاديث عاطلة يسمح لسوس الزمن أن ينخر في حياته ويهدمها. إن الذين قالوا: "الوقت من ذهب" و"الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك" كانوا على حق، ولذلك أفرد الوحي حديثًا طويلاً عن تنظيم الوقت، فقال: " لِكُلِّ شَيْءٍ زَمَانٌ، وَلِكُلِّ أَمْرٍ تَحْتَ السَّمَاوَاتِ وَقْتٌ: لِلْوِلاَدَةِ وَقْتٌ وَلِلْمَوْتِ وَقْتٌ. لِلْغَرْسِ وَقْتٌ وَلِقَلْعِ الْمَغْرُوسِ وَقْتٌ. لِلْقَتْلِ وَقْتٌ وَلِلشِّفَاءِ وَقْتٌ. لِلْهَدْمِ وَقْتٌ وَلِلْبِنَاءِ وَقْتٌ. لِلْبُكَاءِ وَقْتٌ وَلِلضَّحْكِ وَقْتٌ. لِلنَّوْحِ وَقْتٌ وَلِلرَّقْصِ وَقْتٌ. لِتَفْرِيقِ الْحِجَارَةِ وَقْتٌ وَلِجَمْعِ الْحِجَارَةِ وَقْتٌ. لِلْمُعَانَقَةِ وَقْتٌ وَلِلانْفِصَالِ عَنِ الْمُعَانَقَةِ وَقْتٌ. لِلْكَسْبِ وَقْتٌ وَلِلْخَسَارَةِ وَقْتٌ. لِلصِّيَانَةِ وَقْتٌ وَلِلطَّرْحِ وَقْتٌ. لِلتَّمْزِيقِ وَقْتٌ وَلِلتَّخْيِيطِ وَقْتٌ. لِلسُّكُوتِ وَقْتٌ وَلِلتَّكَلُّمِ وَقْتٌ. لِلْحُبِّ وَقْتٌ وَلِلْبُغْضَةِ وَقْتٌ. لِلْحَرْبِ وَقْتٌ وَلِلصُّلْحِ وَقْتٌ." (جامعة 1:3-8)

واحترام الحياة يعني أخيرًا احترام الأحياء. إن الشخص الذي يحتقر الناس يحتقر الحياة، فكل إنسان مهما كان يستوجب احترامنا، ونحن حين نحترم الحياة نحترم الأحياء سواء كانوا معنا أو علينا، وسواء وافقوا مع عقائدنا أو اختلفوا عنها... والإنسان الذي يحترم الإنسان لن يسمح بتعذيب إنسان، ليس فقط التعذيب الجسدي، بل التعذيب النفسي والعاطفي. فكثيرون يعذِّبون عواطف الناس ولا تصل إليهم يد القانون، وصدق جبران خليل جبران الشاعر اللبناني حين قال:

العدل في الأرض يُبكي الجنّ لو سمعوا به ويستضحك الأموات لو نظروا

فسارق الزهر مذموم ومحتقر وسارق الحق يُدعى الباسل الخطر

وقاتل الجسم مقتول بفعلته وقاتل الروح لا يدري به البشر

هذا كله يأتي بنا إلى سؤال خطير: كيف نتعلم احترام الحياة؟ لن نستطيع أن نتعلم احترام الحياة إلا إذا نظرنا إليها في ضوء الأبدية. "قَدْ رَأَيْتُ الشُّغْلَ الَّذِي أَعْطَاهُ اللهُ بَنِي الْبَشَرِ لِيَشْتَغِلُوا بِهِ. صَنَعَ الْكُلَّ حَسَنًا فِي وَقْتِهِ، وَأَيْضًا جَعَلَ الأَبَدِيَّةَ فِي قَلْبِهِمِ، الَّتِي بِلاَهَا لاَ يُدْرِكُ الإِنْسَانُ الْعَمَلَ الَّذِي يَعْمَلُهُ اللهُ مِنَ الْبِدَايَةِ إِلَى النِّهَايَةِ." (جامعة 10:3-11) والحياة الأبدية تتركّز في شخص المسيح، فمن يمتلك المسيح ويجعله مخلّصًا لنفسه، ويقبله ربًا لحياته يعرف كيف يحترم الحياة. "وَهذِهِ هِيَ الشَّهَادَةُ: أَنَّ اللهَ أَعْطَانَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَهذِهِ الْحَيَاةُ هِيَ فِي ابْنِهِ. مَنْ لَهُ الابْنُ فَلَهُ الْحَيَاةُ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ ابْنُ اللهِ فَلَيْسَتْ لَهُ الْحَيَاةُ." (1يوحنا 11:5-12)

لقد شهد الرب يسوع عن نفسه وهو الشاهد الأمين الصادق، فقال: "وأما أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل." (يوحنا 10:10) "أنا هو الطريق والحق والحياة." (يوحنا 6:14)

فهل قبلت المسيح مخلصًا لنفسك؟ وهل جعلته ربًا على حياتك؟ هذا هو مفتاح احترام الحياة.

المجموعة: أذار (مارس) 2020

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

263 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10630175