Voice of Preaching the Gospel

vopg

في سياق الأحداث التي نراها تعصف بالعالم وبالأخص ما يدور حول موضوع العنصرية بين الأبيض والأسوَد، هذا الصراع القديم الجديد والذي يدينه العالم كله ويطالب بإنهائه ووضع الحد له وسن القوانين التي تردع من يمارسه.

فقد قامت مظاهرات في عدة دول منددة بهذا الجرم في حق البشرية ومطالبة الحكومات والعالم كله بوقف العنصرية بكل أشكالها وصدرت العديد من التصريحات ووجهت أصابع الاتهام ورفع سقف المتطلبات. إنها ثورة البشرية بأجمعها ضد هذا اللون من الظلم والذل وعدم المساواة وهي صرخة قلوب ونفوس تئن من قسوة البشر وجحدهم.
إننا كمؤمنين نقف مع حق كل إنسان في أن يعامَل بكل احترام ومساواة دون النظر إلى لونه أو عرقه أو دينه أو جنسه، إلا إنني تساءلت في نفسي: هل هذا هو اللون الوحيد من العنصرية؟ أم أنه توجد هناك ألوان أخرى؟
وهل هؤلاء هم فقط من يُطلَق عليهم عنصريون أم أنه هناك آخرون؟
ووجدت أني أواجه نفسي بسؤال غريب ومخيف: هل نحن عنصريون أم لا؟
إننا قد حكمنا على ما يحدث في أمريكا اليوم بالعنصرية وندّدنا به، لكني أريد أن نقف مع أنفسنا وقفة صريحة ونسأل أنفسنا مرة أخرى: هل نحن عنصريون أم لا؟
دعني اسأل نفسي وأسألك بعض الأسئلة إذا سمحت لي لكي نجاوب معًا عن هذا السؤال:
هل نحن عنصريون:
عندما نقلل من قيمة المرأة ونعتبرها وعاء للجنس وولادة الأولاد وشغل البيت؟
عندما نتنمّر على الآخرين بسبب أو بغير سبب؟
عندما نهين ونحتقر ذوي الاحتياجات الخاصة كالأعمى، والأخرس، والمشلول، والأعرج، والمريض نفسيًّا وعقليًّا، والمتوحّد، إلخ... وأن نتنمّر عليهم...
عندما نحقر ونهين ونكفر من لا يتفق معنا في الفكر أو العقيدة أو الرأي؟
عندما ننظر للآخرين نظرة دونية ونعتبرهم من طبقة دونية أقل منا سواء من الناحية المادية أو العلمية أو الاجتماعية؟
عندما نرفض الآخر وننبذه ونسلب حقوقه لان لون بشرته يختلف عنا أو هو من بلد وعرق آخر مختلف أو عقيدته وإيمانه يختلف عني أو طريقة كلامه وأسلوبه لا تتفق معي أو حتى ملابسه لا تعجبني؟
عندما نقلل من قيمة الآخرين ونحتقرهم حتى نُظهِر أنفسنا؟
عندما نستخدم نقاط القوة التي لنا سواء كانت من بلاغة الكلام أو القدرة على التعبير أو المال أو العلم أو الجاه لإذلال الآخرين وتحقيرهم؟
عندما لا يجد الضعيف والمنبوذ والمسكين واليائس والمجروح والبائس والمكسور والفقير والمريض والحزين مكانا في وسطنا؟
أيها السادة، ألم يحن الوقت لكي نقف مع أنفسنا وقفة صريحة جدية ونعترف بأننا نحن أيضًا عنصريون في تصرفاتنا وسلوكنا وتعاملاتنا مع الآخرين سواء عن قصد أو غير قصد. لقد علمنا المسيح أنه قبل أن ندين الآخرين علينا أن نفحص أنفسنا أولًا. قبل أن ننظر القذى الذي في عين الآخر علينا أن نخرج الخشبة من أعيننا.
إن السيد المسيح الذي جاء منذ أكثر من ألفَي عام ندّد وشجب وأعلن رفضه التام لكل ألوان العنصرية وأشكالها.
دعني أسرد بعض سلوكيات وأخلاقيات معلمي وسيدي وربي يسوع المسيح. لقد رفع المسيح من مقام المرأة التي كان يظن اليهودي في ذلك العصر أنها جزء من ممتلكاته فجاء مولودًا من العذراء مريم مطوِّبًا إياها.
لقد ذهب وتقابل مع السامرية المطلّقة المنبوذة من أهلها والمرفوضة من المجتمع لسلوكها، وعاملها بكل حب واحترام. لقد تعامل برقّة مع المرأة التي أُمسِكَت في ذات الفعل وأعاد لها كرامتها وثقتها في نفسها. لقد احترم المرأة الكنعانية ومدح إيمانها رغم أنها ليست من جنسه. لقد شعر بمشاعر الأرملة التي فقدت ابنها وأوقف الموكب لكي يُقيم ابنها. لم يحتقر مشاعر مرثا ومريم عند وفاة أخيهما لعازر واتّهامها له بالتأخير وعدم المبالاة... لم يوبّخهما بل بكى معهما. لم يحتقر أو يوبّخ تصرُّف المرأة التي سكبت الطيب على قدميه ومسحت قدميه بشعر رأسها بالرغم من سمعتها السيِّئة في المجتمع بل مدحها وأثنى على فعلها. لقد خصّ المرأة بالعديد من الأحداث لكي يعلن عن مساواتها للرجل في نظر الله فكانت أول شاهد على القيامة وأول من خبّر التلاميذ بها.
أما عن الأطفال فأعلن أن "لمثل هؤلاء ملكوت السماوات." لقد أسرع الأطفال إليه بعفوية كاملة لكي يلمسوه ولكن التلاميذ كان يرفضون هذا التصرف فانتهروهم.
ماذا عن المنبوذ والمرفوض؟ لقد كان في عُرف المجتمع في ذلك الزمان أن المريض بالبرص (الجذام) - وهو مرض معدٍ يعيش المصاب به خارج البلد، وعندما يرى أحدًا يقترب منه يصرخ "نجس، نجس!" يا ترى، ما هي مشاعر هذا الإنسان؟ لقد كانت نظرة المجتمع إليه نظرة الرفض والخوف والاشمئزاز! لكن المسيح لمسه وشفاه.
ماذا عن المجنون؟ هل تعامل معه المسيح؟ نعم. وربما تقول لي: إنه المسيح له كل القدرة على الشفاء وإخراج الشياطين وهذا ليس عندي. أقول لك إني لا أتحدّث عن شفاء أو إخراج شياطين بل عن اتجاه قلب وسلوكيات وأخلاقيات تجاه من يرفضهم المجتمع وهو في قدرة كل واحد منا بمعونة الله.
ماذا عن سلوكيات المسيح نحو ذوي الاحتياجات الخاصة والعمي، والصمّ، والبكم، والعرج، والمشلولين، وآخرين. لم نره يستهزئ بهم أو ينتهرهم أو يتنمّر عليهم أو يستغلهم أو يؤذيهم بل كان يتحنّن عليهم، ويشعر بهم، ويعاملهم برفق، ويتضايق معهم ويصنع معهم خيرًا.
لقد قَبِلَ دعوة زكّا العشّار لبيته قبل أن يتغيّر زكا... وقَبِلَ دعوة الفريسي - المختلف معه فكريًّا – لبيته، وقَبِلَ أن تلمس قدميه امرأة منبوذة من المجتمع، وقَبِلَ أن يتحدّث مع سامرية، وقَبِلَ أن يتعامل مع الكتبة والفريسيين والصدوقيين الذين اختلفوا معه في الفكر... قَبٍلَ أن يتعامل مع الرومان واليونانيين وأجناس أخرى. لم يميِّز ولم يحتقر ولم يرفض ولم يرذل أيّ شخص... أيًّا كان ماضيه أو لونه أو عرقه أو جنسه أو فكره أو إيمانه أو عقيدته. لقد أعلن أنه لا فرق بين رجل وامرأة، يهودي ويوناني، عبد وحرّ، رجل وطفل.
انتبهوا، قبل أن تدينوا الآخرين وتحكموا عليهم دعونا نفحص أنفسنا أولًا ونحكم على أنفسنا لئلا نكون نحن العنصريين.
إن العنصرية ليست فقط بين الأبيض والأسوَد في المعاملة فقط بل في كل جوانب الحياة المختلفة وبين كل أطياف المجتمع. لقد سمح الله بوجود الضعيف والمنبوذ والفقير والمريض والمسكين واليائس والبائس والمجروح لكي يعلمنا معنى الإنسانية الحقيقي الذي لا يحدّه دين أو عقيدة أو فكر بل هو هبة من الله.
إن مفهوم البقاء للأقوى هو مفهوم الغابة، أي مفهوم الحيوانات والبهائم، الذي عندما يعيش به الإنسان يصبح كالحيوان الذي يعيش على أكتاف وحياة الحيوانات الأخرى.
دعونا نراجع أنفسنا وندعو العلي أن يعلمنا كيف نتعامل مع الآخرين.
إن معرفة المسيح وخلاصه هي بداية الطريق. ولكن أن نتعلم من المسيح ونتمثَّل بأخلاقياته وسلوكياته ونتبع أثر خطواته هي الحياة بجملتها. إنه الحق الذي يرشدنا إليه الروح القدس روح الحق، إنه النور الذي يضيء فينا للعالم... إنه الملح الذي يملَّح به العالم.
مرة أخرى أسأل نفسي أولًا قبل أن أسألكم: هل نحن عنصريون أم لا؟

المجموعة: تشرين الأول (أكتوبر) 2020

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

191 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10630682