تعتبر الكنيسة المسيحية اليوم حقيقة صلب المسيح النقطة المركزية في تعليمها وإيمانها. إذ من على الصليب قال يسوع: "قد أُكمل!"
فإنه أكمل عمل الفداء. وقد كان لا بدّ من الفداء بذبيحة المسيح الكفارية لكي يخلص الناس من خطاياهم، ويجدوا منفذًا للنجاة من أجرة الخطية... وقد صار الصليب رمزًا للمسيحية بحق، لأنه "بدون سفك دم لا تحصل مغفرة."
ولكننا نخطئ إن اكتفينا بذلك فإذا نظرنا إلى الماضي لوجب أن نرى صليب المسيح من خلال قيامته، فتعظم قيمة معنى الصليب حين نراها في نور انتصار القيامة، فنعلم أن الحياة تغلب الموت، وأن المجد يعقب الفداء، وأن فجر القيامة يتلو ظلمة يوم الجمعة وقد سمعنا صيحة النصر بعد الجلجثة تشدو: "الرب حقًّا قام!"
غير أن هذا لا ينبغي أن يقلّل من وجوب الحديث عن الجلجثة حيث يقول جون كلمن: "وحين نسأل كيف رفع المسيح العداوة التي بيننا وبين الله، وكيف صالحنا معه، فإننا نجيب إن المسيح أكمل هذا بطاعته الكاملة للآب منذ أن أخلى نفسه وأخذ صورة عبد، حتى دفع الثمن كاملاً لفدائنا." وقد قال الرسول بولس: "لأنه كما بمعصية الإنسان الواحد جعل الكثيرون خطاة، هكذا أيضًا بإطاعة الواحد سيُجْعَل الكثيرون أبرارًا." غير أن الحقيقة الهامة في كرازة المسيحيين الأولين كانت قيامة المسيح بعد صلبه، بل إن المسيح نفسه طلب من تلاميذه أن يكونوا شهودًا لقيامته كما لموته... وفي عظة الرسول بطرس الأولى نرى كيف أنه قال لليهود أنهم هم الذين صلبوا المسيح... أما عن القيامة فقد كانت من صنع الله ويتحدث الرسول بولس في أصحاح القيامة المشهور 1كورنثوس 15 عن أن قيامة المسيح هي أساس الخلاص: "وإن لم يكن المسيح قد قام، فباطل إيمانكم. أنتم بعد في خطاياكم!" (1كورنثوس 17:15)
هلم نرى تأثير الصليب على التلاميذ... لقد كان حزنًا ويأسًا وخوفًا وجبنًا وهروبًا... أما القيامة فقد كانت بهجة وشجاعة وقوة!
ويبدو أن كنائسنا قد تأثرت كثيرًا من إهمال الحديث عن قيامة المسيح المنتصر، إلاّ في الوقت الذي تحتفل فيه بعيد القيامة. فكأن نظرتنا إلى الأمور نظرة خوف وفي بعض الأحيان نظرة فشل. مع أن تطلعنا للمسيح المُقام يملأ نفوسنا بالأمل والرجاء، ويعطينا اليقين الكامل أننا نعبد المسيح الذي غلب، وقد خرج غالبًا ولكي يغلب، ليقودنا في موكب نصرته كل حين.
أيها القارئ العزيز، إن ذكرى الصلب والدفن والقيامة تعطي المؤمن اطمئنانًا، وللخاطئ رجاء بالخلاص، وللبشرية جمعاء يقينًا أن المسيح قد أتى وقدّم كل شيء لنا مجانًا. ولنا أمل أن نراه عن قريب ونهتف له "مجدًا لك! لأنك أتيت ثانية."