مضى حزينًا... (متى 22:19)
"رَكَضَ... وَجَثَا... وَسَأَلَهُ: «أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟»"
إن هذا الشاب كان طموحًا قانعًا بالحياة التي يعيشها، ويعلم أن هناك شيءٌ ما أفضل مما لديه الآن يسعى للحصول عليه. ألوف من الناس اليوم غير راضين على ما هم عليه ويتوقون إلى مزيد من القناعة والسعادة... وبقليل من التفكير يمكننا أن نسمع صدى هذا السؤال الحزين يتردّد عبر الأجيال: "ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية؟"
عندما قال المسيح: "بِعْ كل ما لك وأَعطِ الفقراء" لم يضع الفقرَ مطلبًا أو مثالاً لكلّ شخص. فما عناه هو وصفة معيَّنة لحالةٍ خاصة. فالرب يسوع المسيح الشافي العظيم لا يقدِّم العلاج ذاته لكلِّ مريض. وهذا الشاب كان مصابًا بمرض الطمع المادي. وما أعظم الشبَه بين هذا الشاب وحالتنا الحاضرة اليوم. فالممتلكات الأرضية تعمي عيون الناس بحيث أنهم لا يقدرون أن يروا الكنوز السماوية والأمجاد التي يقدّمها المسيح لهم. وفي كثير من الأحيان يأتون إليه مسرعين كما فعل هذا الشاب. وعندما يواجهون تكاليف التلمذة الباهظة وما تعنيه الحياة المسيحية من تسليم النفس وضبطها يمضون حزانى لأن عندهم ممتلكات عظيمة من محبة الذات واللذّات.
إننا نشاهد الفشل ذاته في عديد من صور الحياة. فالشاب المعاصر يدخل الجامعة ناشطًا متحمّسًا. لكن عندما يتبيَّن له أن ثمن الثقافة باهظٌ يتطلّب درسًا وافيًا وتدريبًا صارمًا للنفس يخيب أمله ويمضي حزينًا. إن الشاب الذي نتحدّث عنه يمثل ملايين الناس عبر الأجيال إلى يومنا هذا ممن أعمتهم مقتنياتهم بحيث لم يعودوا قادرين على رؤية الكنز السماوي والغنى في المسيح.
لماذا للمسيح الحقّ في ممارسة هذه السيادة المطلقة على حياتنا وخدمتنا؟
أولاً، لا نناله بحسن الخلق.
وثانيًا، إننا له بحق الفداء. "إنكم لستم لأنفسكم لأنكم قد اشتُريتم بثمن." وفي هذه الحال فإن كل من واجه صليب المسيح لا يمكنه إطلاقًا أن يتهرّب من حقِّ المسيح في وقته ووزناته وخدمته. أنت تخصّ المسيح! ولكن، هل هو يمتلكك؟
لقد تراجع هذا الشاب إلى الوراء لأنه ظنّ أن الدعوة التي دُعي إليها ستجلب له الفقر. إنه لم يرَ سوى الأمور الزمنية التي تراءت أمامه لأن المادة قد أعمت عينيه عن مشاهدة الواقع الروحي المجيد الذي كان ينتظره. وكثيرون من الناس يرتكبون الغلطة ذاتها... إنهم منشغلون في جمع المال وبذلك يهملون أن يكنزوا لحياتهم الأبدية.
إن قضايا عظيمة كالموت والأبدية مطروحة أمامنا الآن. إن الله حيٌّ، والمسيح مخلّص حيّ، وهو آتٍ عن قريب، فهل آمنت به وخلصت؟ وهل أنت مستعد للقاء المسيح؟