Voice of Preaching the Gospel

vopg

ولكن الحياة المسيحية لا تنتهي عند الجلوس والسلوك، بل يجب على كل مؤمن حقيقي أن يعلم أن حياة القداسة ليست فقط رحلة طويلة شاقة، بل هي بالأحرى حرب شرسة طويلة، نخوض فيها معارك ضارية ومستمرة لا تعرف الهدنة.

كل الحروب تنتهي بهدنة ووقت لإطلاق النار، وجلوس على طاولة المفاوضات ما عدا حرب المؤمنين الروحية مع إبليس عدو النفوس، فهي حرب لا تتوقّف على مدار الساعة، ليلًا ونهارًا.
هناك عدوٌّ هو إبليس الملاك الساقط على رأس جيشٍ من الملائكة المتمرّدين الأشرار يكرّس قوّاته محاولًا مهاجمة المؤمنين وإغوائهم وإعاقة تقدّمهم في حياة القداسة. هذا العدوّ حقيقي، وصفه يسوع في إنجيل يوحنا برئيس هذا العالم، والكذّاب والقتّال. وهو عدوٌّ خارقٌ فوق الطبيعة، لا ينبغي التقليل من شأنه، أو الجهل بأفكاره. يمتاز بنقطتي قوة، هما: أولًا: إن مملكته لا تنقسم، وثانيًا: أنه عدوّ نشيط، لا يتعب ولا يكلّ، حيث يحذّرنا بطرس الرسول بقوله: "اصحوا واسهروا. لأن إبليس خصمكم كأسدٍ زائرٍ، يجول ملتمسًا من يبتلعه هو. فقاوموه، راسخين في الإيمان." (1بطرس 8:5) وكلّما كان المؤمن قويًا وقريبًا من الرب ازداد هجوم الشيطان عليه لمحاولة الإيقاع به.
في الفصل 10:6-20 يختم بولس رسالة أفسس بتسليط الضوء على الحرب الروحية التي يخوضها المؤمنون مع عدوِّ النفوس وأجناده غير المنظورين، ولكنهم موجودون ومنظّمون بشكل هرمي في السماويات. يقدّم لنا بولس إرشاداته حول طبيعة هذه الحرب وكيفية خوضها والثبات فيها. فيعلِّمنا في عدد 10 أن الاستعداد للحرب الروحية يتم:

أولًا، بأن نتقوّى باستمرار في الرب وفي شدّة قوّته، أي أن نعرف أننا بقوّتنا الذاتية، ومصادرنا، ضعفاء جدًا أمام عدوِّنا، وبالتالي علينا أن نتّكل على مصادر قوّة الله غير المحدودة.

وثانيًا، بأن نلبس سلاح الله الكامل، العدد 11، "البسوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا أن تثبتوا ضدَّ مكايد إبليس."
نلاحظ أن سلاح الله في الدرجة الأولى دفاعي، فنحن نحارب ونقاوم لكي نثبت في وجه هجمات إبليس، وليس لكي ننتصر، لأننا في الأساس منتصرون سلفًا في المسيح، وعدوّنا مهزوم سلفًا في معركة الجلجثة، وأما الآن فنحن نحارب فقط لكي نحافظ على انتصارنا. يؤكِّد بولس ذلك في 2كورنثوس 14:2 بقوله: "ولكن شكرًا لله الذي يقودنا في موكب نصرته في المسيح كل حين، ويظهر بنا رائحة معرفته في كل مكان." فنحن نستعدّ بأن نلبس سلاح الكامل للمقاومة، والثبات، والدفاع عن مكتسباتنا في المسيح، وفي الواقع نحن نثبت ضدّ مكايد إبليس، لأن إبليس عدوّ مهزوم ولا يملك سوى الخداع والمكايد، فهو يهاجمنا بأكاذيبه وخداعه. الحرب محسومة سلفًا لصالحنا، وسيأتي اليوم كما يقول بولس: "وإله السلام سيسحق الشيطان تحت أرجلكم سريعًا..." (رومية 20:16)
في الأعداد 14-17، يرسم بولس صورة مجازيّة لتوضيح الحرب الروحية، يستعيرها من أجزاء سلاح الجندي الروماني: المنطقة، والدرع، والحذاء، والترس، والخوذة، والسيف. ويسقط وظيفة كل جزء من عِدّة سلاح الجندي الروماني على حرب المؤمنين الروحية. ويكرّر مرة أخرى في عدد 13، أن الهدف هو المقاومة والثبات في "اليوم الشرير". يمكننا تلخيص أجزاء السلاح تلك بشكل عملي في،

أولًا: معرفة كلمة الله، وجعلها تسكن فينا بغنى، بحفظ آياتها ووعودها واختزانها في أذهاننا، وبذلك نكون مستعدين لإطفاء جميع سهام العدوّ الملتهبة التي تشكِّكنا في هويتنا ومقامنا في المسيح، ولنتذكّر طريقة المسيح في مواجهة تجارب إبليس في البرية حيث اقتبس ثلاث مرات من المكتوب في متى 1:4-10. إن جوهر حربنا الروحية هو أنها تدور في الذهن، فهي حرب أفكار يحاول فيها العدو مهاجمتنا بالأكاذيب، والخداع بهدف تشكيكنا بهويتنا ومقامنا في المسيح، ومحبة الله لنا. وفي رسالة 2كورنثوس 4:10 "إذ أسلحة محاربتنا ليست جسدية، بل قادرة بالله على هدم حصون. هادمين ظنونًا وكل عُلوٍ يرتفع ضد معرفة الله، ومستأسرين كل فكر إلى طاعة المسيح."

ثانيًا: التواصل المستمر مع الله بالصلاة: "مصلين بكل صلاة وطلبة كل وقت في الروح، وساهرين لهذا بعينه بكل مواظبة وطلبة، لأجل جميع القديسين..." (18:6) قال أحد رجال الله: إن إبليس لا يخشى كل ما نقوم به من نشاطات روحية، ولكن عندما يركع أبسط المؤمنين أمام الله ويصلّي، فإن إبليس يرتجف.
وباختصار فإن المقصود بلِبسِ سلاح الله الكامل والاستعداد للحرب الروحية هو: دراسة كلمة الرب كل يوم وحفظها في أذهاننا، والصلاة المستمرّة في كل حين. عندئذ فقط نستطيع الثبات ضدّ مكايد إبليس، ومقاومة كل محاولات العدوّ وأجناد الشرّ الروحية في السماويات لزعزعة إيماننا وتشكيكنا في مقامنا وهويّتنا، وبالتالي إسقاطنا في التجارب والخطايا. فنحن كما رأينا نحارب عدوًّا مهزومًا سلفًا. وعندما نقاومه ونثبت في الحرب، فسوف يتمجّد الرب في حياتنا، وخدمتنا، ويقودنا الله في موكب نصرته في المسيح يسوع كل حين.

المجموعة: أيار (مايو) 2022

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

158 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10630992