Voice of Preaching the Gospel

vopg

"قد سمعتم بصبر أيّوب." (يعقوب 11:5) ففي التقليد يُذكر أن أيّوب الأممي عاش 140 سنة بعد أن بدأت تجربته عند سنّ السبعين.

لقد ذُكر اسمه في سفر حزقيال مع أخنوخ ودانيال. عاش في أرض عوص في الصحراء العربية في جبل المشرق. تاريخيًا، عاش سنة 1800 قبل المسيح، ويعتبر سِفره أقدم الأسفار وموضوعه الرئيسي "كيف يتألّم الأبرار كثيرًا بينما يتمتّع الأشرار بحياةٍ أفضل. إن قصة أيوب أعجب تجربةٍ حدثت على الأرض، وهنا يتحدّانا سرّ الألم.
إن المخرّبين (اللصوص) يعيشون في اطمئنان وراحة مزيّفة وينظرون إلى من زلّت قدمه باحتقار، ويحاربون ويخاصمون "أتحابون وجهه (أي في القضاء، ألا يجب أن تخافوا الله؟) ويزكّي نفسه أمامه 15:13 (أي، أدافع عن نفسي أمامه وليس لي رجاء إلا فيه) 14:14. إن الإيمان هو مصدر الرجاء "وبعد أن يفنى جلدي هذا، وبدون جسدي أرى الله". ولنا هنا أربعة أسئلة:

أولًا: لماذا نتألّم؟ ولماذا يسمح الله بالألم؟

إن تجربة أيوب تقدِّم لنا إلهًا كامل البر والصلاح، خدّامه "بنو الله" مشغولون بمهامهم المرتبطة بصلاح الله ورحمته، والله يسمح للشيطان أن يمثُلَ أمامه كما يفعل في سفر الرؤيا "فإن مصارعتنا ليست مع دم ولحم، بل... مع أجناد الشر الروحية في السماويات." وفي نفس الوقت نرى الله يدير الدفّة، وكل الأشياء يمكن أن تتحوَّل للبركة. إن حالة الإنسان لا تتوقّف على مدى معرفته بل كيفية استخدامها عقليًا، والتجربة تظهر أعماق الإنسان وخرابه الداخلي وعدم نفعه. إن الله يبدأ المشروع - وليس الشيطان - ولكنه يعمل خلف الستار ويقرّر البداية والنهاية؛ فالله لا ينتظر الشيطان، وهو يعرف قلب أيوب أما الشيطان فيجهله. بكلمة أخرى، الشيطان يجرّب الإنسان، لكنه يخدم أغراض الله، وقد "أُظهر ابن الله لكي ينقض أعمال إبليس." (1يوحنا 8:3) "فليكن اسم الرب مباركًا." إن عهد الله القديم ارتبط بما جاء في لاويين 26 وتثنية 27-33 باللعنة والبركة، أما في العهد الجديد فالرب ينظر ليس للأسباب بل للأهداف والغرض من الألم "لتظهر أعمال الله فيه." (يوحنا 3:9) إن الألم قد يصيب أي شخص ويكون قصده عقابيًا (آدم وحواء)، أو نيابيًا بموت المسيح (إشعياء 53)، أو مثاليًّا، مثالًا يُحتذى به. وقد يكون علاجيًّا ووقائيًا كإنذارٍ وتحذير (أمثال 11:3؛ عبرانيين 12:12).

ثانيًا: كيف نتبرّر؟

كلمة واحدة كانت وما زالت مفتاح الخلاص "أخطأت". هنا تحوّلت أنّات أيوب إلى أغنيات "قد أخطأت... وعوّجت المستقيم (أساء فهم صفات الله)، ولم أجازَ عليه. فدى نفسي من العبور إلى الحفرة، فترى حياتي النور."
وما هي خطايا البشر؟ أولًا، الشهوة وقد قطع عهدًا هنا وأحصى كل خطواته. ثم عدم الأمانة، والكذب، والغشّ، والزنا، والظلم، والطمع، وعبادة الأوثان، والشحّ، والشماتة، والرياء، والاستغلال، والمعصية التي هي أعظم الخطايا. والخلاصة أنه يمسك مشاعره تجاه أعدائه "يمسك ثيابه"، فإذا فعل يصير لحمه أغضّ من لحم الصبيّ ويعود إلى أيام شبابه؛ يصلّي ويغنّي ويستنير بنور الأحياء. هل هناك خطية أخرى لم تعترف بها؟
يقال إن العصفور الهندي مغرم بالقتال حتى إذا وضعته أمام مرآة فإنه لا يلبث أن يرى نفسه حتى يظن أن صورته هي إحدى خصومه. إن مشاكل أيوب تنحصر في الافتخار الذاتي بدلًا من الافتخار بالله. قد نسأل أنفسنا: ما الذي يجعل الناس ملحدين أو فلاسفة ناقدين؟ إنهم يفضلون أفكارهم الشخصية عن كلمة الله. والذبيحة التي قدّمها أيوب لأجل أولاده أو نحرها أصدقاء أيوب بسبب خطيتهم كان في عصر الآباء ولم يكن هناك إشارة إلى الناموس أو المذبح النحاسي أو الكهنوت الهاروني، لذلك صرخ "ليس بيننا مصالح".

ثالثًا: كيف حلّ الله مشكلة أيوب؟
هل الألم مصدره الله، أو هو عقاب على الخطية، أو للتدريب والتأديب؟ أو هل يعدُّني الله لخدمة معيَّنة، أو نتيجة لثورات طبيعية ليس أحد مسؤولًا عنها مسؤولية مباشرة؟ تتلخّص الإجابة في أن الله يدفعنا للاتكال عليه والثقة في وعوده. واجه أيوب الله بصراحة وأمانة واعترف أخيرًا أنه كان غبيًّا، وعندما تكلّم الله من العاصفة لم يجب عن أيِّ سؤالٍ من أسئلة أيوب بل استخدم الله جهل أيوب بنظام الطبيعة وفكرِ الله الأزلي والأدبي. وكيف يمكن جهلُنا فهمَ فكر الله وطبيعته؟
وسأل الله أيوب أسئلة عديدة حتى يدرك أيوب قدرةَ الله وسلطانه. ومن هنا شدّد النصّ الكتابي على سيادة الله المطلقة على كل الطبيعة وعلى حياتنا "وأيضًا جعل الأبدية في قلبهم، التي بلاها لا يدرك الإنسان العمل الذي يعمله الله من البداية إلى النهاية." (جامعة 11:3) من أغراض الله أنه يردّ على كل اتّهامات الشيطان وشكاياته وفساده... فالمشكلة ترجع إلى استسلام البشر لسلطان ذلك المضلّ (عبرانيين 14:2). إن ضربات أيوب الأربع استهدفت وسائل العمل، ومصدر الغذاء، ووسيلة التجارة، والعائلة المباركة. "فليكن اسم الرب مباركًا." إذن احتمل الألم بصبر حتى انهزم الشر عن طريق المحبة، وأصبح الصبر مثالًا يُحتذى به (إشعياء 52-53). قد يصيب المرض أيَّ شخصٍ حتى بولس رسول المسيح، ولكن لنا الوعد "أنا الرب شافيك." (خروج 26:15) لا يضع الله أرجلنا في المقطرة وكل أموره لا يجاوَب عنها، وله في الموت مخارج، ويتكلّم الله مرة ومرتين، لكن الإنسان لا يلاحظ. لذلك جاء المسيح وسيطًا يساعدنا على الحكم على الذات... "ينكر نفسه". قد وجدت فدية (ذبيحة).

رابعًا: متى قال أيوب الصواب؟ وما هو الصواب؟
في سفر أيوب، تكلّم الله ليؤكّد أنه يهتمّ بالمؤمنين به (في الأصحاحات 1، 2، 12، 38-41) لكي يعلن علاقته بالإنسان، ويتكلَّم من العاصفة موبِّخًا، ويوجِّه نظر أيوب إلى "النعش"، والسبعة الكواكب، وثلاث بنات الأبراج والطغاة أي السحاب المرتفع، و"الشهب" التي هي كشعلة نارية، والمداد أي الطين، ونجوم "الثريا"، "الجبار"، و"بهيموث" أي ثور الماء، و"لوياثان" وهو التمساح. "السماوات تحدِّث بمجد الله والفلك يخبر بعمل يديه." وهنا يجيب أيوب عن نفسه بأنه حقير. "وضعت يدي على فمي... نطقت بما لم أفهم... بسمعِ الأذن قد سمعت عنك، والآن رأتك عيني."
متى يكون المعزّون متعبين؟ وما هو الصواب؟ في استفتاء عام كانت النتيجة: أن الصديق يحافظ على حفظِ الأسرار ولديه ولاء يتعاطَف ويدْعَم، مخلصٌ وصريحٌ، خفيفُ الظلِّ ويرافق في الشدة... مستقلّ الرأي ومتعدِّد المواهب وعنده ضمير... إن حاجتنا إلى أليهو (إلهي هو)، عرّفتهم اسمك، إشارة إلى المسيح... "وأنا أريحكم".

وما هو الصواب؟
في الأصحاحين الأول والأخير نلاحظ اتّضاع نفس أيوب. هل يتغيَّر موقفك من نحو الله؟ وردَّ الرب سبي أيوب، وتشفّع في أصدقائه، وعوّض الرب له ببنين وبنات، والنتيجة لا نستطيع أن نعرف الإجابة عن كل أسئلة الحياة، والله لا يسمع كذبًا أي صلاةً فارغةً أو صلاةً دنسةً إلا للتوبةِ والندمِ على الشر. توصّل أيوب أخيرًا إلى اقتناعٍ كاملٍ دون معرفة كل الحقائق المتعلِّقة بقضيته، ودخل حياة الإيمان، وتعلّم أن يحبّ الله لذاته فقط. وهكذا سار بالإيمان وليس بالعيان في نهاية الأمر.
قد لا نرى كلَّ شيءٍ، ولكن نرى الله (5:42)! ويرى نفسه الناري (البخار الذي نلاحظه عند التنفّس في يومٍ فيه ضباب إشارة إلى القول "ونفخ في أنفه نسمة حياة. فصار آدم نفسًا حية."
يؤكد كاتب الرسالة إلى العبرانيين أن ذبيحة المسيح كانت ذات أثرٍ رجعيٍّ يشمل كل العالم القديم أيضًا "ولأجل هذا هو وسيط عهد جديد، لكي يكون المدعوّون... ينالون وعد الميراث الأبدي." (عبرانيين 5:9) إن أَبطال الإيمان في عبرانيين 11 تحمّلوا الألم والموت... "وأما أخيرًا فيعطي الذين يتدرّبون به ثمر برٍّ للسلام." وشركة آلام المسيح (عبرانيين 11:12) "ويحمل صليبه كل يوم، ويتبعني."
فهل تحمل صليبه كل يوم وتتبعه؟

المجموعة: أيار (مايو) 2022

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

502 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10629647