كانت هذه أول وأخطر وأعظم كِذبة في التّاريخ.
كلمتان نطق بهما الشّيطان مخاطبًا حوّاء.
كلمتان تتحدّثان عن مصير الجنس البشري في حينه، أي عن مصير آدم وحوّاء.
كلمتان غيّرتا وجه التّاريخ ومسيرة الحياة حتّى يومنا هذا.
كلمتان ما تزال البشريّة تدفع ثمنهما من العذاب والشّرِّ والمرض وسفك الدّماء والموت.
كلمتان نطق بهما عدوّ النفوس، وما يزال الملايين يصدّقونها، سواء بالعقل أو بالممارسة أو بالقناعة الفكريَة.
نقرأ في سفر التّكوين ١٥:٢-١٧ وصيّة الله الأولى لآدم:
"وَأَخَذَ الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ وَوَضَعَهُ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ لِيَعْمَلَهَا وَيَحْفَظَهَا. وَأَوْصَى الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ قَائِلًا: مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلًا، وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ."
كانت كلمات الله واضحة جدًّا لآدم: "يوم تأْكل منها موتًا تموت." أي أن الموت الحتمي سيكون مصير آدم في حالة أكل من شجرة معرفة الخير والشّر.
بعد ذلك جاء الشّيطان وخاطب حوّاء بينما كانت لوحدها. ويتّضح من السّرد في الكتاب المقدّس أنّ حوّاء لحظتها كانت تتمتّع بخيرات ونعيم وبركات جنّة عدْن في بقعة معيّنة، وكان آدم يتمتّع مثلها ببركات ونعيم جنة عدْنٍ، ولكن في مكانٍ آخر من الجنّة.
بدأ الشّيطان حديثه مع المرأة بزرع بذور الشّك في قلبها، وبعد ذلك نطق بكذبته القاتلة والمناقضة تمامًا لقول الله الّذي أكَد فيه لآدم بأن عقاب الأكل من الشّجرة المحرّمة هو الموت الأكيد.
قال الشّيطان لحوّاء: "لن تموتا"، مع أن الله قد سبق وحذّر آدم قائلًا له: "موتًا تموت".
وللأسف الشّديد، انخدعت حوّاء بكلام الشّيطان، وانخدع آدم رجلها مثلها. وكلاهما صدّقا كذبة الشَيطان وعصيا وصيّة الله. وأكلا من ثمر الشّجرة الممنوع أكلها.
قال الرّب يسوع لرجال الدّين في أيّامه: "أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ، وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. ذَاكَ كَانَ قَتَّالًا لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ. مَتَى تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ، لأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ." (يوحنّا 44:8)
أعلن الرّب يسوع في كلامه بأنَ الشّيطان كذّاب وأبو الكذّاب، وأنه قتّال للنّاس من البدء. ونجح الشّيطان في أكاذيبه، وصدَّقاه آدم وحواء، ودفعا ثمنًا غاليًا بالموت الرّوحي أوّلًا، أي السّقوط بخطيّة عصيان الله، ثمّ الطرد من جنّة عدْنٍ، وبعد ذلك الموت الجسدي.
ولم تتغيّر حالة العالم حتّى اليوم. وما يزال الشّيطان يخدع ويكذب على جميع النّاس. ويستخدم الشّيطان رجالًا ونساءً وضعوا أنفسهم في خدمته مقابل حفنة من المال، وتحقيق الشهرة، وإشباع شهوات وملذات الجسد. وللأسف الشَديد، نجد أنّ الغالبية العظمى من الجنس البشري يصدّقون كلام الشّيطان، تمامًا كما حصل مع آدم وحوّاء.
لذلك نجد بأنّ المخدوعين والضّالين والمرتزقة والفاسدين يشكِّلون الغالبية العظمى من البشر. وتعيش البشريَّة في أيّامنا بدايات حرب كونية ثالثة. ويتوقّع كثيرون ممن يتابعون ويحلّلون الأخبار، وخصوصًا المؤمنون حقًّا بربِّ المجد يسوع، بأنّها ستكون حربًا نوويّة مدمّرة وهائلة ومخيفة، وستؤدي إلى موت مئات الملايين من الجنس البشري. وبأن الله سيسمح بهذه الحرب وسيستخدمها لعقاب البشرية لكثرة شرورها ونجاساتها، وخصوصًا خطايا الانحراف الجنسي، والفساد المالي والأخلاقي، والدّعارة، والإجهاض، وسرقة تعب وخيرات الأفراد والشّعوب، والعنصريّة، والكبرياء، وانتشار العبادات الباطلة والوثنيّة.
ومع ذلك، ما تزال أمام كلّ واحدٍ منّا فرصة للنجاة.
ما يزال الله يدعونا للتّوبة قبل فوات الأوان.
وما يزال الرّسول يوحنّا يقول لنا:
"إِنِ اعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ." (1يوحنَّا 9:1).
ويؤكد لنا بأن "دَم يسوع الْمَسيحِ… يُطهِّرُنا منْ كُلِّ خطيَّة." (يوحنَّا الأولى 7:1).
فهل تتوقّف عن الحياة في الخطيّة.
هل تطيع الرّب يسوع وتتبعه بقيّة حياتك.
هل تطلب منه بإيمان أن يطهّرك بدمه من كلّ خطاياك.
القرار بيدك يا إنسان. لا تؤجِّل ولا تصدّق الشّيطان عدوّ الإنسان بل تُبْ وآمن بالرّب الذي يحبّ الإنسان.