Voice of Preaching the Gospel

vopg

"وأنا أقُولُ لكَ أيضًا أنتَ بُطرُس وعلى هذه الصخرة أبني كَنيستِي، وأبوابُ الجحيمِ لن تقوَى عليها." (متَّى 18:16)

لا يزالُ صدى هذا القول للرَّبّ يسُوع المسيح يتردَّدُ في آذانِ تلالِنا المُجاوِرة لقَيصَريَّةِ فيلبِّي. فعلى مقرُبَةٍ منَّا، أعلَنَ بطرُس عن إدراكِهِ وتمييزِهِ لهُويَّةِ المسيح الإلهيَّة. وعلى إحدَى تِلالِ أو سُفُوحِ جِبَلِ حرمُون، شهِدَ كُلٌّ من مُوسى وإيليَّا لأمجادِ المسيح أمامَ تلاميذِه في مُعجِزةِ التجلِّي. فعندَما استُعلِنَت هُويَّةُ يسُوع أنَّهُ المَسيح ابن الله الحَيّ، أَعلَنَ ساعَتَها عن خُطَّتِهِ بتأسيسِ الكنيسة، لتحويَ أولئكَ الذين اعتَرَفوا أنَ يسُوعَ هو المسيح المُنتَظَر، والمُرسَل من الله لخلاصِ البشَر. وفي هذا المقطَع، دوَّنَ يسُوعُ تاريخَ الكنيسةِ لا بَل مُستَقبَلَها، واضِعًا الخُطُوطَ العريضَةَ لعلاقتِهِ بكنيستِهِ:

1- هُوَ رأسُها وسيِّدُها: فهُوَ يقُولُ: "أَبني كنيستِي،" وليسَ كنيسة بُطرُس ولا كنيسة بُولُس ولا كنيسة أبلُّوس. يتبادَرُ لأذهانِ البعضِ أنَّ المسيحَ قصدَ أنَّهُ سيبني كنيستَهُ على شخصيَّةِ بطرُس، ولكن الحقّ هو أنَّهُ بناها على اعتِرافِ إيمانِ بطرُس. والدلالَةُ على أنَّ المسيحَ لم يقصُد بأن يكونَ بطرُس هُوَ الرأس، هو أنَّهُ قالَ لهُ مُباشَرةً بعد قليل "اذهَبْ عنِّي يا شيطان... لأنَّكَ لا تهتَمُّ بما للهِ لكن بما للنَّاس." (متى 23:16) والحَقُّ يُقالُ أنَّ بطرُس الرسُول خدمَ الرَّبَّ بشجاعَةٍ وتضحيَةٍ وأمانَة، إلى أن استُشهِدَ من أجلِ المسيح. ولا يُريدُ أحدٌ منَّا أن تكونَ الكنيسَةُ مبنيَّةً على شخصٍ ماتَ منذُ قُرابَة عشرينَ قرنًا، بل على المسيح الحي القائم من بين الأموات، وهُوَ جالِسٌ عن يَمينِ الآب يشفَعُ بالذين ينتَظِرُونَهُ.

2- هُوَ مُؤسِّسُها وأساسُها: قالَ المسيحُ صراحَةً، "أبني كنيستِي،" فهُوَ الذي يبنيها وليسَ البَشر. قد يستطيعُ البَشَرُ أن يبنُوا حجرًا، ولكنَّهُ وحدَهُ يستطيعُ أن يبنِيَ بشرًا، حجارةً حيَّةً، لأنَّهُ هو الذي يفتَدي النفس البشريَّةَ الهالِكة بالخطيَّة، فيجبُلُ تُرابَها بنُقطةٍ من دَمِهِ، وينفُخُ فيها نسمَةَ الحياة بالخليقَةِ الجديدة. "كُونُوا أنتُم أيضًا مَبنِيِّينَ كَحِجارَةٍ حيَّةٍ بيتًا رُوحيًّا كَهنُوتًا مُقدَّسًا لتقديمِ ذبائحَ روحيَّةٍ مقبُولَةٍ عندَ الله بيسُوع المسيح." (1بطرُس 5:2). المسيحُ يبني كنيستَهُ اليوم بحجارَةٍ بَشَريَّةٍ حيَّة. فهل تستسلِمُ بينَ مِطرَقَةِ بِرِّهِ وإزميلِ غُفرانِهِ ليُخلِّصَكَ؟


3- هُوَ حافِظُها وحامِيها: لقد كانَ المسيحُ مُدركًا تمامًا لما ستُواجِهُهُ الكنيسةُ من اضطِهادات وضيقات في العالم، لذلكَ قالَ "وأبوابُ الجحيمِ لن تقوى عليها." فإن كانَ الربُّ يسُوع قد ثبَّتَ وجهَهُ نحوَ أورشَليم عالِمًا بأنَّهُ سيُصلَب، فلا عجبَ إن تنبَّأَ لبُطرُس عن أيَّةِ ميتَةٍ سوفَ يُمَجِّدُ اللهَ بها، ولا عجبَ أنَّهُ قالَ لابنَي زَبَدي، "وأمَّا بالصبغَةِ التي أصطَبِغُ بها أنا ستصطَبِغان" وهي صبغَةُ دم الاستشهاد من أجلِ الكِرازَةِ بالإنجيل، الذي هُوَ بِذارُ الكنيسة. ولا بُدَّ أنَّ يسُوعَ كانَ يرى مُسبَقًا أن استفانُوس سيُرجَم، ويعقُوب بن زبدِي سيُقطَعُ رأسُهُ. لهذا قال لتلاميذِهِ، "في العالم سيكُونُ لكُم ضيق، ولكن ثِقُوا: أنا قد غلَبتُ العالم." وأيضًا، "لستُ أسألُ أن تأخُذَهُم من العالم بل أن تحفظَهُم من الشرِّير." يتكلَّمُ الكِتابُ عن حفظِ اللهِ لشعبِهِ في البَرِّيَّةِ قائلًا: "أحاطَ بهِ ولاحظَهُ وصانَهُ كحَدَقَةِ عينِهِ. كما يُحرِّكُ النَّسرُ عُشَّهُ وعلى فراخِهِ يَرِفُّ، ويبسُطُ جناحَيهِ ويأخُذُها ويحمِلُها على مناكِبهِ." (تثنية 10:32-12) تعالَ اختَبِئ تحتَ جناحي القدير فيُخلِّصَك.

4- هُوَ ناصِرُها ومُعينُها: "وأبوابُ الجحيمِ لن تقوَى عليها." المعنى الأقرَب المقصُود في هذه العِبارَة هو أنَّ أبوابَ الجحيم سوفَ تسقُطُ أمامَ امتِدادِ بشارَةِ الكنيسةِ بالإنجيل. المسيحُ هَوَ الذي أعانَ الكنيسةَ على فتحِ أبوابِ الحضاراتِ البشريَّةِ المُتلاحِقة، لا بِسَيفِ الصلِيبيِّين ورُمحهم وتُرسِهم، بل بِمحبَّةِ المسيح وغُفرانهِ وخلاصِه، فقد شكَّلَ بموتِهِ وقيامَتِهِ جوهَرَ كرازة الكنيسة. فلا يَحِقُّ للكنيسة أن تهرُبَ من أمامَ أبوابِ الجحيم، حيثُ تلفَحُ نارُ الهلاكِ المُتَّقِدَة وجوهَ المارَّةِ عن بُعد. بل يَعِدُنا المسيحُ أنَّهُ سيفتَحُ أمامَ الكنيسةَ أبوابِ الجحيم التي تحتَجِزُ في داخِلِها الخُطاة المُستَعبدينَ للإثم، لكي تستطيعُ الكنيسةُ أن تقومَ بمُهمَّتِها التالية: "وخَلِّصُوا البَعضَ بالخَوف مُختَطِفينَ من النَّار مُبغِضِينَ حتَّى الثوب المُدَنَّس من الجَسَد." (يَهُوذا 23).

5- هُوَ مذبَحُها وهيكَلُها: نقرأُ عن أُورشليم السماويَّة: "ولم أرَ فيها هيكَلًا، لأنَّ الرَّبَّ اللهَ القادِرَ على كُلِّ شيءٍ، هُوَ والخَروفُ هيكَلُها. والمدينَةُ لا تحتاجُ إلى الشمس ولا إلى القمر ليُضيئا فيها، لأنَّ مجدَ اللهِ قد أنارَها، والخرُوفُ سراجُها." (رُؤيا 22:21-23) قد يتساءَلُ البعضُ عندَ دُخُولِهم إلى مبنى أيَّةِ كنيسَةٍ قائلين: "أينَ هُوَ الهيكل؟ ولماذا تتَّجِهُ الكنيسَةُ غَربًا، أو شَرقًا، أو شمالًا أو جنوبًا؟" كُلٌّ بِحَسَبِ توجُّهاتِهِ. الجوابُ هو أنَّ يسُوعَ هُوَ الهيكل، وهُوَ الذبيحة، لأنَّهُ حمل الله المذبوح الذي يرفَع خطِيَّةَ العالم. فهُوَ الذي قالَ مُشيرًا إلى هيكَلِ سُليمان، وقاصِدًا جسدَهُ، "انقُضُوا هذا الهيكَل وفي ثلاثَةِ أيَّامٍ أُقيمُه." فما كانَهُ الهيكَلُ لشعبِ اللهِ في العهدِ القديم، صارَهُ يسُوعُ للعالَمِ أجمع في العهدِ الجديد: أي أنَّهُ صارَ مذبَحًا لتوبةِ الخاطئ، وملاذًا للمهزُوم، وملجَأً للمُنسَحِق، ونبعَ مياهٍ حيَّةٍ للعطشان، ومائدَةَ خُبزِ الحياةِ للجائع. وأمَّا عن اتِّجاهِ الكنيسةِ، فلقد قالَ يسُوعُ للسامِريَّة: "تأتي ساعَةٌ، لا في هذا الجَبَل، ولا في أورشليم تسجُدُونَ للآب... ولكن تأتي ساعَةٌ، وهي الآن، حينَ الساجِدونَ الحَقِيقيُّون يسجُدُونَ للآبِ بالرُّوحِ والحَقّ، لأنَّ الآبَ طالِبٌ مثلَ هؤلاء الساِجدينَ لهُ." (يُوحنَّا 21:4 و23) لِهذا قالَ استفانوس لليَهُود قبلَ أن يرجُموهُ: "لكنَّ العَلِيَّ لا يسكُنُ في هياكِل مصنُوعات الأيادي، كما يقُولُ النبِيّ: السماءُ كُرسِيٌّ لي، والأرضُ موطِئٌ لِقَدَمَيَّ. أيَّ بيتٍ تبنُونَ لي؟ يقول الرب، وأيٌّ هُوَ مكانُ راحَتي؟" (أعمال 48:7-49) ويُجيبُ شاوُل الطرسوسي الذي ساهَمَ في رجمِ استفانوس، بعدَما خلَّصَهُ الربُّ يسُوع المسيح وجعلَ من قلبِهِ هيكَلًا لهُ: "فإنَّكُم أنتُم هيكَلُ اللهِ الحَيّ..." (2كُورنثُوس 16:6) فأيَّ هيكَلٍ أو كنيسةٍ أو بيتٍ تبني للمسيح؟ إنَّهُ يُريدُ أن يجعَلَ من قَلبِكَ هيكَلَهُ. فهل تفتَح لهُ بابَ قلبِك وتدعُوهُ للدُّخُول؟

المجموعة: آب (أغسطس) 2023

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

764 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
11578144